أكثر من 830 قتيلا في الهجوم الاسرائيلي على غزة وتصعيد في الضفة وجهود دبلوماسية مستمرة

> غزة «الأيام» ا.ف.ب:

> في اليوم الثامن عشر للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة ارتفعت حصيلة الضحايا الفلسطينيين إلى أكثر من 830 شهيدا وحوالي 5300 جريح فيما تصاعدت المواجهات في الضفة الغربية المحتلة لتسفر أمس الجمعة عن استشهاد خمسة شبان فلسطينيين برصاص الجيش الاسرائيلي والمستوطنين.
وبالتزامن مع الهجوم الاسرائيلي الجوي والبحري المستمر تتواصل الجهود الدبلوماسية من القاهرة إلى الدوحة لفرض تهدئة على إسرائيل وحركة حماس.
وفي الضفة الغربية المحتلة، استشهد خمسة فلسطينيين أمس الجمعة، اثنان في بلدة حوارة قرب نابلس، وثلاثة في بلدة بيت امر قرب الخليل، عندما اطلق الجيش ومستوطنون النار خلال موجهات اندلعت اثناء مسيرتي تضامن مع غزة بعد صلاة الجمعة.
وبذلك ترتفع حصيلة الشهداء في الضفة الغربية منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة في الثامن من يوليو إلى تسعة.
دبابات إسرائيلية تقصف مناطق بغزة أمس
دبابات إسرائيلية تقصف مناطق بغزة أمس
واصيب العشرات بجروح في هذه المواجهات التي امتدت من نابلس الى الخليل وبيت لحم وطولكرم وقرب حاجز قلنديا بين رام الله والقدس الشرقية.
ودبلوماسيا دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس الجمعة إلى “هدنة إنسانية” فورية في غزة حتى نهاية عيد الفطر الأسبوع المقبل. وقال في بيان أصدره مكتبه “في يوم الجمعة الأخير من رمضان، أدعو إلى هدنة فورية وغير مشروطة في المعارك الدائرة في غزة وفي إسرائيل” على أن “تستمر طوال فترة عيد الفطر”.
كما اجتمعت الحكومة الإسرائيلية لدراسة اقتراح وقف إطلاق نار قدمه وزير الخارجية الأميركي. وأجرى كيري أمس الجمعة في القاهرة لقاء مع بان كي مون ونظيره المصري سامح شكري استمر حوالي نصف ساعة.
وأعلن كيري أنه سيتحدث لاحقا أمام الصحافيين، ما قد يكون آخر تحرك في مهمته التي استغرقت أسبوعا في المنطقة.
ويقول دبلوماسيون إن الولايات المتحدة تعمل مع مصر على إعداد خطة يمكن أن تؤدي إلى هدنة إنسانية. كذلك قال مسؤولون أميركيون إن كيري تحدث هاتفيا مرات عدة مع وزيري خارجية قطر وتركيا.
وفي هذا الاطار، الغى وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو زيارة كانت مقررة الى فرنسا أمس الجمعة وتوجه الى قطر للمشاركة في مفاوضات حول التوصل الى تهدئة.
من جهته قال مصدر مقرب من الرئيس الفلسطيني محمود عباس لوكالة فرانس برس ان “ما يرتسم حاليا، هدنة انسانية من سبعة ايام لافساح المجال امام كل الاطراف للمجيء الى القاهرة واجراء محادثات”.
وبدوره اوضح مصدر دبلوماسي غربي انه “في حال التوصل الى هدنة انسانية ستحصل محادثات جدية”، فيما بدا آخر اقل تفاؤلا اذ قال ان “الاسرائيليين لا يريدون ان نفرض عليهم اي شرط، اما حماس، وبسبب تجارب سابقة، تظن انه يجب ان يحصل ذلك” اي فرض شروط على اسرائيل.
دبابات إسرائيلية تتأهب لقصف مدينة غزة
دبابات إسرائيلية تتأهب لقصف مدينة غزة
وتشترط حركة حماس رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، وهو مطلب كرره رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل الموجود في قطر في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي).
وميدانيا اعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، انها اطلقت قبل ظهر أمس الجمعة ثلاثة صواريخ “ام 75 ” على مطار بن غوريون الاسرائيلي قرب تل ابيب، حيث لا تزال حركة الملاحة الجوية مضطربة اثر سقوط صاروخ قربه الثلاثاء.
ويأتي اطلاق هذه الصواريخ في وقت رفعت الوكالة الفدرالية للطيران الاميركي الاربعاء حظر الرحلات من والى تل ابيب، محذرة في الوقت نفسه من أن الوضع ما زال “مضطربا جدا”.
وكانت جميع الشركات الاميركية ومعظم الشركات الاوروبية علقت رحلاتها مساء الثلاثاء، الامر الذي اعتبرته حماس “انتصارا كبيرا للمقاومة”.
وتخطى عدد الضحايا الفلسطينيين جراء الهجوم الاسرائيلي منذ الثامن من يوليو 830 شهيدا و 5300 جريح، وفق آخر حصيلة فلسطينية، وذلك بعد ليل دموي شهد غارات مكثفة على كافة اراضي القطاع واسفر عن دمار واسع وسقوط عشرات الشهداء.
واستشهد “مسؤول الاعلام الحربي” في حركة الجهاد الاسلامي صلاح ابو حسنين الملقب ابو احمد وثلاثة من اولاده الاطفال في غارة استهدفت منزله في رفح (جنوب).
من جهته اعلن الجيش الاسرائيلي عن مقتل جندي احتياط (36 عاما) صباح أمس الجمعة في شمال قطاع غزة ما يرفع الى 33 عدد القتلى من الجنود الاسرائيليين. والخسائر التي لحقت بالجيش الاسرائيلي هي الأفدح منذ حربه ضد حزب الله في لبنان عام 2006 حين فقد 116 جنديا.
جثث لفلسطينيين في ثلاجة الموتى
جثث لفلسطينيين في ثلاجة الموتى
ويقول الجيش الاسرائيلي انه استهدف منذ بدء الهجوم 2500 هدف للفصائل الفلسطينية من بينها منصات صواريخ ومراكز قيادة وورشات تصنيع سلاح فضلا عن انفاق بين قطاع غزة واسرائيل.
ولكن اسرائيل استهدفت الخميس مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) لجأ اليها نازحون في بيت حانون (شمال) ما اسفر عن استشهاد حوالي 15 فلسطينيا واصابة 200 آخرين.
واجبر الهجوم الاسرائيلي 110 آلاف فلسطيني على اللجوء الى مبان تابعة للامم المتحدة.
ودعا الاتحاد الاوروبي أمس الجمعة الى “تحقيق سريع” في القصف الاسرائيلي على المدرسة. وقالت المتحدثة الدبلوماسية باسم الاتحاد الاوروبي مايا كوسياسيتش “ندعو الى تحقيق سريع وكامل في هذا الحادث”. وهي المرة الرابعة التي تتعرض فيها الاونروا لقصف كما اكدت المتحدثة.
وبالنسبة لمدير الاونروا بيتر كراهنبول فإن “هذه المأساة تظهر مجددا انه ليس هناك اي انسان في امان في غزة”.
ومن جهتها طالبت منظمة الصحة العالمية أمس الجمعة باقامة ممر انساني في غزة لاجلاء الجرحى وتقديم الادوية والعلاج اللازم.
وامر العاهل السعودي الملك عبدالله بمساعدة قيمتها 100 مليون ريال (25,7 مليون دولار) مخصصة لمواجهة اعباء نقص الادوية والمستلزمات الطبية العاجلة لعلاج الجرحى والمصابين في قطاع غزة، كما اعلنت أمس الجمعة وكالة الانباء السعودية.
** في مستشفى الشفاء بغزة حرب من نوع آخر يخوضها الطاقم الطبي والمرضى **
لم يستطع احد الرجال في مستشفى الشفاء بقطاع غزة سوى وضع يديه على عيني ابنه ليجنبه رؤية جثة احمد بلبل فور وصولها الى غرفة الطوارئ برجل مقطوعة جراء اصابته بشظية قذيفة اسرائيلية.
سقط بلبل شهيدا جراء الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة ولم ينفع صراخ وبكاء شقيقه بالقرب منه الرافض لقبول هذا الواقع. وليس بمقدور المسعفين ان يفعلوا اكثر من وضع بلبل في كيس بلاستيكي وان يكتبوا اسمه وعنوان سكنه بلون احمر.
ومنذ بدء الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة في الثامن من يوليو، يمر عبر مستشفى الشفاء الطبي الكثير من الشهداء والجرحى.
فلسطيني يصرخ متأثرا بفقدان أحد أقاربه
فلسطيني يصرخ متأثرا بفقدان أحد أقاربه
وقد اسفر الهجوم حتى الآن عن استشهاد اكثر من 830 فلسطينيا واصابة حوالي 5300 على الاقل، بحسب وزارة الصحة في قطاع غزة.
واستشهد أمس الجمعة مسعف فلسطيني في قصف اسرائيلي استهدف سيارة اسعاف شمال قطاع غزة.
وفي غرفة الطوارئ بالمستشفى تصل وفود متلاحقة من الفلسطينيين ان كان عبر سيارات الاسعاف او السيارات المدنية.
اما خارج المستشفى فيحاول رجال الشرطة في زي ازرق اللون ان يبقوا اقرباء الضحايا وآخرين تجمعوا في المكان بعيدا.
وخلف ابواب المستشفى الزرقاء تنتظر غرفة الفرز الوافدين الجدد. ولكن في حالات عدة، شبيهة بحالة بلبل، ليس باستطاعة الاطباء والمسعفين ان يفعلوا شيئا سوى اصدار شهادات وفاة وربطها بالاكياس البلاستيكية قبل نقلها الى المشرحة.
تسارع الاحداث مرهق جدا، وبالنسبة للطبيب المتخرج حديثا محمد ابو حيبر فإن كل شيء جديد ومروع. فالشاب (24 عاما) تخرج منذ شهرين فقط ويجري فترة تدريبه في مستشفى الشفاء في قطاع غزة الذي يشهد ثالث حروبه في اقل من ست سنوات.
ويقول ابو حيبر “سمعت عن الحربين السابقتين ولكني لم اكن هنا في المستشفى، هذه هي تجربتي الاولى وهي بصراحة سيئة جدا”، مضيفا “عاطفيا، الامر صعب جدا، الكثير من البكاء والاصابات والعائلات الثكلى”.
تتوزع المآسي في كل طابق من المستشفى.. ففي قسم الاطفال، تنتظر الطفلة شهد ان يجد الاطباء حلا للشظية التي دخلت راسها عبر اذنها اليسرى. وتبحث امها اماني عن اي شخص ليقول لها ما العمل، وهي تشرح “يقولون ان الشظية قرب الدماغ، واذا تحركت من الممكن ان تؤثر على سمعها وحركتها”.
جنود إسرائيليون يجرون أمام لوحة ضخمة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أمس
جنود إسرائيليون يجرون أمام لوحة ضخمة للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أمس
وتضيف اماني “ليسوا متأكدين مما عليهم فعله. انهم خائفون من تركها وخائفون من اخراجها”.
وتروي اماني قصة فرار العائلة من حي الشجاعية اثناء تعرضه لقصف اسرائيلي عنيف للوصول بشهد الى المستشفى. وتقول “التصقنا بجدران المباني، كان هناك قصف في كل مكان،وشهد تنزف من اذنها وانفها”.
وفي مكان آخر ترقد رحمة العطاوي (30 عاما) وتسهر عليها اختها منال التي تقول “انها هنا منذ ثلاثة ايام بعدما تعرضت للاصابة في حينا”.
تبتعد منال عن سرير رحمة وتخفض صوتها وتقول “والدتنا وابنتها (ابنة منال) قتلتا ولكن نخاف من ان نبلغها”، مضيفة “قلنا لها ان والدتنا ما زالت تتعالج في الطابق السفلي،وحين تتصل هاتفيا بالمنزل، نقول لها ان ابنتها نائمة”.
اما الطبيب عادل غوطي فله قصة اخرى، فهو يحلم منذ تسع سنوات بان يرزق بطفل،وكل ما يخشاه حاليا هو ان تصاب زوجته الحامل في شهرها السابع بولد بأي مكروه.
ويقول “اريد ان احميها ولا اعرف كيف..لا اعرف ان كنت ساجدها بخير حين اعود الى المنزل”. ويعترف بابتسامة صغيرة انه تمنى ان تكون حاملا بفتاة. وبالنسبة له “الفتاة تجلب نوعا من الحياة والحركة الى المنزل، ولديها علاقة خاصة مع والدها”.
وكل ما يشغله الآن هو ان تلد زوجته بخير، فهو بدأ للمرة الاولى بالتفكير بالهجرة ربما الى كندا حيث يوجد اقرباء له.
وبحسب قوله “علينا ان نفعل ما في وسعنا من اجل بلادنا، ولكنك احيانا بحاجة لان تستريح”..ويتابع “اعتقد ان الامر سيبقى على ما هو عليه الى الابد، ولا اريد ان اربي ابني وسط كل هذا”.
** حتى المقابر في غزة صارت أماكن بالغة الخطورة **
أصبح اكثر من نصف قطاع غزة منطقة محظورة نتيجة القصف الإسرائيلي والتوغل البري خلال القتال الذي بدأمنذ نحو ثلاثة أسابيع مما أدى الى بحث الأحياء والموتى على حد سواء عن مكان آمن للراحة.
وأصبحت الكثير من المقابر بالاضافة الى أحياء كاملة كان يقطنها في وقت من الاوقات مئات آلاف السكان أماكن بالغة الخطورة بدرجة تحول دون الاقتراب منها ما دفع بعض العائلات الى تكديس موتاهم الذين سقطوا ضمن 800 شخص استشهدوا في القصف في مقابر قديمة أو مملوءة بالجثث في مناطق آمنة نسبيا.
شاب فلسطيني يقبل شقيقه الذي استشهد في القصف الإسرائيلي أمس
شاب فلسطيني يقبل شقيقه الذي استشهد في القصف الإسرائيلي أمس
وعلقت لافتة خارج مقبرة الشهداء بشمال غزة تشير الى انها كاملة العدد مثل مقابر كثيرة غيرها في القطاع الساحلي المزدحم، لكن هذا لم يمنع مواكب الجنازات من الحضور.
وقال حفارو القبور انهم لجؤوا الى دفن شخصين في حيز يتسع لشخص واحد فقط أو فتح مقابر قديمة للعائلة وجمع عظام شاغليها ووضعها في جانب من القبر لدفن جثمان جديد.
وقال أبو بلال الذي يعمل حفارا للقبور “في الأوضاع الطبيعية يذهب الناس الى مقابر الشهداء في الشمال أو يدفنون موتاهم في مقابر منفصلة. لكن ليس هناك شيء طبيعي هذه الايام”.
ولوح بيديه المتسختين وهو يجفف عرق جبينه بساعده واشتكى من انه رغم قيامه بدفن المئات من ضحايا الحرب فإن دفن الاطفال القتلى يهزه.
وقال الاب لخمسة ابناء لرويترز “الموت قاس لكن لا يمكنني التصرف بطريقة طبيعية عندما أدفن طفلا قتل بصاروخ اسرائيلي. صورة ابتسامته او ابتسامتها البريئة لا تفارق ذاكرتي بسهولة”.
ويقول مسعفون في غزة إن أكثر من 800 فلسطيني استشهدوا معظمهم مدنيون بينهم أكثر من 100 طفل.
وتقول اسرائيل انها تبذل جهدا كبيرا لتجنب الاصابات بين المدنيين وانها حذرت السكان في المناطق الحدودية للفرار من هجوم بري يهدف الى تدمير الانفاق التي يستخدمها النشطاء في مهاجمتها.
وفقدت اسرائيل 33 جنديا في القتال وثلاثة مدنيين.
ورغم ان التجمعات تجذب اهتمام الطائرات الاسرائيلية بدون طيارالتي تعتبر المساحات المكشوفة مواقع محتملة لاطلاق الصواريخ فإن علي حسن ومجموعة صغيرة من المشيعين وصلوا الى المكان.
شباب فلسطينيون يفطرون في أحد الملاجئ بقطاع غزة
شباب فلسطينيون يفطرون في أحد الملاجئ بقطاع غزة
وقتل الشاب الذي كانوا يدفنونه في ضربة جوية اسرائيلية على منزل عائلته بوسط غزة يوم الاربعاء. أما الذين نجوا من سكان المنزل فقد هربوا تاركين أطقم الانقاذ التي عملت لمدة يومين لاخراج جثته من تحت الأنقاض.
وقال حسن “اسرائيل لم تشرد الأحياء وتجبرهم على البحث عن ملاذ وحدهم فنحن لا نستطيع دفن موتانا في مقابر منفصلة. يجب دفنهم مع جثث الأقارب”.
وفر أكثر من 150 ألف شخص الى ملاجيء الامم المتحدة بما فيها مدرسة قصفت الخميس وقتل فيها 15 شخصا. وانتقلت أعداد لا تحصى للإقامة مع الاقارب.
وقال حسن “ليس لدينا وقت لنرتاح سواء كنا أحياء أم أمواتا”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى