مهربو الديزل.. اللغز المحير

> رشيد الحداد:

>
رشيد الحداد
رشيد الحداد
أغلق قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية حنفية التهريب المنظم للديزل من اليمن وإلى دول القرن الأفريقي، كما قضت على التهريب الداخلي الذي كان يقف خلفه كبار الشخصيات الاجتماعية، وبعض القيادات العسكرية، وكانت المهمة تقتضي بيع الديزل والبنزين للشركات الأجنبية العاملة في اليمن بالأسعار العالمية وبقيمة دولار وستة سنتات للتر الواحد، وفي مقابل ذلك سعت العديد من الشخصيات الاجتماعية وبعض القيادات في الدولة خلال السنوات الماضية إلى الحصول على تراخيص فتح محطات لبيع المشتقات النفطية والبعض منها فتحت العديد من المحطات واستغلت نشاطها الاستثماري في ذلك للتهريب المنظم أو بيع المخصصات التي حصلت عليها من قبل الدولة بأسماء مخصصات معسكرات وهمية ومؤسسات وغير ذلك، ولعل وجود أكثر من 150 ألف وظيفة وهمية كفيل بفتح كافة المبررات لذلك، فصرفت ولاتزال تصرف كميات نفط تحت المبرر ذاته، ومن المتوقع أن يتم إغلاق آخر حنفية للتهريب واستنزاف الاقتصاد الوطني آخر العام الجاري وفق التوجيهات الرئاسية بسرعة إكمال تطبيق نظام البصمة والصورة وتنفيذه على أرض الواقع والذي سيكشف الأسماء الوهمية والمزدوجة وسيعيد للخزينة العامة مليارات الريالات كانت تذهب إلى جيوب فاسدين وناهبين للمال العام.
ولعل مخصص المشتقات النفطية المقرر منذ سنوات لمديرية المخا والبالغ 221 مليون لتر شهريا -من دون مخصص المعسكرات والمؤسسات الحكومية بما فيها الميناء في المخاء- يفوق مخصص محافظتي المهرة وشبوة، إلا أن الجهات الرسمية والشركة اليمنية للنفط لا تستطيع إعادة النظر في تلك الحصة التي يؤول مصيرها إلى أسواق دول القرن الأفريقي، حيث فشل مجلس النواب مطلع العام الجاري في تخفيض مخصص المخاء لوقوف مراكز قوى وراء ذلك.
وقبيل تطبيق قرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية ضبطت الأجهزة الأمنية والقوات البحرية وخفر السواحل بمحافظة المهرة سفينة تجارية كان على متنها حوالي ثلاثة مليون لتر من الديزل يتم تهريبها إلى الدول المجاورة، تلك السفينة الهندية وطاقمها هندي؛ واحدة من 9 سفن صغيرة كانت تنشط في مجال تهريب المشتقات النفطية من الشواطئ اليمنية إلى دول القرن الأفريقي وخصوصا الديزل وكانت تتجمع في خليج عدن، ووفق بلاغ المركز الإقليمي البحري التابع للقوات الدولية المرابطة في خليج عدن في العشرين من يونيو الذي تلقته قوات خفر السواحل اليمنية أكد تجمع 9 سفن صغيرة على بعد 35 ميلاً بحرياً من ميناء عدن وعلى متنها كمية كبيرة من الديزل.
وكانت تتم العملية بوصول سفن أخرى إلى منطقة التجمع في عرض البحر، وحسب البلاغ فإن السفن الصغيرة تتجمع حتى تصل ناقلة نفط كبيرة ويتم تفريغ تلك السفن إلى ناقلة نفط أجنبية، تمهيداً للإبحار به صوب الأسواق الأفريقية والإقليمية.
ومن خلال رصد عدد من الحالات المماثلة لتهريب الديزل وإعلان الجهات الأمنية إحباط عشرات الحالات في خليج عدن أو البحر الأحمر وتأكيد قوات خفر السواحل والقوات الأمنية بإحالة السفن وطاقمها إلى الجهات المختصة في الأمن والنيابة العامة لاستكمال التحقيقات واتخاذ الإجراءات القانونية إزائها، إلا أن الجهات الأمنية لم تعلن خلال السنوات الماضية عن الجهة التي تقف وراء التهريب المنظم للمشتقات النفطية وخصوصا الديزل، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول الجهات التي تقف وراء استنزاف الاقتصاد اليمني وتدميره.
رئيس الوزراء السابق علي محمد مجور هدد مطلع العام 2010 أمام البرلمان بكشف أسماء مهربي الديزل بالاسم، كما أكد في مقابلة أجرتها معه (قناة اليمن الفضائية) في إبريل من نفس العام أن الكميات المستهلكة من المشتقات النفطية محلياً غير واقعية، وهناك تهريب كبير للخارج، بالإضافة إلى أن مخصصات الجهات الأمنية والمؤسسات الرسمية والعسكرية كبيرة، وحينها أكد مجور أن حكومته تعتزم تشكيل لجنة لمراجعة استهلاك الجهات الحكومية من المشتقات النفطية إلا أن اللجنة شكلت من الوزارات والمؤسسات المختصة ولم تشكل لجنة محايدة وتم إفشال العملية، ولم تواصل الحكومة مراجعة استهلاك الجهات الحكومية للمشتقات النفطية .
وعلى الرغم من أن أسماء مهربي الديزل إلى دول القرن الأفريقي ظل غامضاً إلا أن محافظ محافظة تعز السابق حمود خالد الصوفي في آخر لقاء صحفي له العام قبل الماضي أجرته صحيفة (الوسط) وفي سياق رده عن عمليات تهريب المشتقات النفطية التي تتم من المخا كشف عن خيوط اللعبة ولم يذكر أسماء المهربين بالاسم، وسرد الصوفي في حديثه للصحيفة عن تهريب الديزل عبر المخا قصة كان ضحاياها مدير أمن المخا ومدير المديرية اللذان تم إيقافهما عقب الكشف عن استلامهما مبالغ مالية من مهربي الديزل مقابل الصمت، وأكد الصوفي أنه استدعى مدير أمن ومدير مديرية المخا في عام 2008م ، بعد أن علم أنهما يتقاضان 300 ألف ريال لكل واحد منهما من قبل مهربي الديزل ، وعند وصولهما إليه قيل له بأن من يقف وراء تهريب الديزل أكبر من الجميع من مدير المديرية ومدير الأمن والمحافظ ورئيس الوزراء، وأشار الصوفي إلى أنه حاول إعادة مدير الأمن ومدير المديرية اللذَين أقالهما الوزير رشاد العليمي إلا أن العليمي رفض ذلك .
وظلت أيضا أسماء مهربي الديزل والعابثين بالمال العام لغزاً محيراً حتى تم رفع الدعم عن المشتقات النفطية.
** صحفي اقتصادي رئيس تحرير موقع الاقتصاد نيوز الإخباري **

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى