أوصت الحوثيين بتبديد مخاوف شعبية من طموحاتهم بإقامة دولة إيرانية أو استنساخ نموذج حزب الله في اليمن.. مجموعة الأزمات الدولية: اشتعال الأوضاع في صنعاء سيؤدي إلى محاولة فوضوية لاستقلال الجنوب: الاحتجاجات وضعت هادي بموقف صعب بعد أن عززت موقعه في مواجهة

> صنعاء / بروكسل «الأيام» خاص

> أوصى تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية جماعة الحوثيين ببذل جهود تبدد مخاوف منتقديهم من اليمنيين الذين يتهمونهم بنوايا خطيرة يسعون لتحقيقها تتراوح بين إقامة دولة يحكمها رجال الدين على الطريقة الإيرانية وإقامة دولة داخل الدولة على طريقة حزب الله.
وقالت المنظمه في أحدث تقرير صادر عنها بعنوان (تحذير من مخاطر الأزمات.. الاضطرابات في صنعاء) إن الأكثر إثارة للقلق أن الانصار القبليين الحوثيين الذين تربط العديد منهم صلات بالرئيس السابق صالح، يقيمون مخيمات احتجاجية في محيط المدينة، ما يشكل تهديداً ضمنياً بفرض حصار أو غزو عسكري”.
وقالت مجموعة الازمات الدولية في تقريرها عن الاوضاع الجديدة التي تشهدها اليمن اعدته الدكتورة إبريل آلي (المحللة السياسية في منظمة الأزمات الدولية): “تقف المرحلة الانتقالية على مفترق طرق هو الأخطر منذ عام 2011.. حيث يحشد الحوثيون، الجماهير في العاصمة، وتنظّم المظاهرات التي تدعو إلى إسقاط الحكومة وإعادة إقرار الدعم على المحروقات الذي رُفِع في يوليو”.
واضافت: “الأكثر إثارة للقلق هو أن أنصارهم القبليين، الذين تربط العديد منهم صلات بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، الذي أطيح به في انتفاضة عام 2011، يقيمون مخيمات احتجاجية في محيط المدينة، ما يشكل تهديداً ضمنياً بفرض حصار أو غزو عسكري”.
وذكر تقرير المنظمة ان الوضع في اليمن متوتر وثمة احتمال حقيقي باندلاع العنف، ويتطلب تجاوز هذا المأزق العودة إلى المبادئ الأساسية التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر الحوار الوطني الذي اختُتم في يناير 2014، والمتمثلة برفض الإقصاء السياسي وتسوية الخلافات من خلال المفاوضات السلمية.
وتطرق تقرير المنظمة الى النزاعات والحروب القائمة في اقصى شمال اليمن حيث يخوض الحوثيون لأكثر من عام مختلف تلك النزاعات مع خصومهم ووسعوا سيطرتهم على الأرض في الوقت الذي كانوا يناقشون مستقبل البلاد في مؤتمر الحوار الوطني.
وقال التقرير ان الكثير من اليمنيين، بمن فيهم أعضاء المؤتمر الشعبي العام بزعامة صالح وأنصار الرئيس عبدربه منصور هادي، هللوا بهدوء لمقاتلة الحوثيين، وشكلوا ائتلافاً ضعيف التماسك يضم خصومهم المشتركين والذين يتمثلون في قبيلة آل الأحمر، والسلفيين، والأعضاء القبليين والعسكريين في الحزب الإسلامي السني، الإصلاح ، غير ان استيلاء الحوثيين على مدينة عمران، 50 ميلاً شمال صنعاء، واجتياحهم قاعدة عسكرية وقتل قائدها، غير الديناميكيات السياسية.
واشار التقرير الى تنامي المخاوف الدولية والمحلية من أن الحوثيين ـ الذين أكسبتهم مساهماتهم الإيجابية في مؤتمر الحوار الوطني احترام الكثيرين ـ قد لا يكونون ملتزمين بالتغيير السياسي أو المنافسة السياسية، كما اتهمهم منتقدوهم منذ فترة طويلة من الزمن.
وذكرت المنظمة ان حدة النقاش تصاعدت اواخر يوليو الماضي حول النوايا الحقيقية للحوثيين بعد قيام حكومة الوفاق الموزّعة مناصفة بين المؤتمر الشعبي العام وكتلة المعارضة السابقة التي تضم حزب الإصلاح، برفع الدعم عن المحروقات. عندما لاحت بوادر الإفلاس في الأفق، لم يكن لدى الدولة العديد من الخيارات، إلاّ أن الطريقة التي نُفّذت بها العملية - أي أنها نفذت بشكل مفاجئ ودون قيام حملة توعية عامة وفي غياب استراتيجية إصلاح اقتصادي شفافة وأكثر شمولية - كانت كارثية من الناحية السياسية.
وقالت المنظمة ان الحوثيين سارعوا في استغلال رفع الدعم عن المشتقات النفطية وقيامهم بالتحشيد في احتجاجات دعت إلى إعادة إقرار الدعم، وتغيير الحكومة وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، بما في ذلك مكافحة الفساد وإشراك مجموعات وأحزاب أخرى في الحكومة.
واكد تقرير المنظمة ان مطالب الحوثيين لقيت صدى واسعا وإذا تمت معالجتها من خلال التسوية فإنها يمكن أن تعزّز الدعم الشعبي للمرحلة الانتقالية المترنحة في البلاد. ويمثل هذا فرصة لبناء توافق يوضح ترتيبات تقاسم السلطة في أعقاب مؤتمر الحوار الوطني والإطار الزمني لتنفيذ مخرجات المؤتمر. كما اكدت المنظمة أن استمرار حشود الحوثيين حول العاصمة أمر خطير وسيُحدِث آثاراً عكسية ويهدد باندلاع العنف إذا رفضت الحكومة مطالبهم.
وكانت مجموعة الأزمات قد حذرت من ذلك في يونيو 2014، فإن غياب تسوية وتوافق يشكل تهديداً للعملية الانتقالية وكان أصلاً محركاً أساسياً للنزاع.
وقال تقرير المنظمة ان طموحات الحوثيين غير واضحة ودائمة التغيّر، وان الاحتجاجات تشكّل جزءاً من عملية مساومة تأمل الحركة من خلالها بأن تفرض سيطرتها على الشمال وتصبح أكثر قوة على المستوى الوطني.
واضاف التقرير: حتى مع تقديم قادتهم لمطالب للحكومة المركزية في صنعاء، فإن ميليشياتهم تقاتل رجال القبائل المرتبطين بحزب الإصلاح والوحدات العسكرية في محافظة الجوف فيما يُنظر إليه على نطاق واسع بأنه محاولة لخلق وقائع على الأرض لإجبار الأطراف على إعادة التفاوض بشأن الهيكلية الفيدرالية التي اقترحها مؤتمر الحوار الوطني والمكوّنة من ستة أقاليم.
واشار التقرير الى ان الاحتجاجات وضعت رئيس الجمهورية في موقف صعب وإنها وفرت له في البداية فرصة للدفع نحو إجراء تغييرات في الحكومة (غير الفعّالة) وتعزيز موقعه في مواجهة الرئيس السابق صالح ومراكز القوى التابعة لحزب الإصلاح.
وقال التقرير: “لكن عندما تردد وأخفقت جهود المفاوضات الأوّلية، لجأ الطرفان إلى التصعيد. أقام الحوثيون مخيمات أمام وزارات الحكومة وحول صنعاء، في حين دعم الرئيس “تحالفاً وطنياً” لتنظيم مسيرات مقابِلة.
وتطرق التقرير الى اعلان رئيس الجمهورية في مطلع الشهر الجاري تسوية ومعالجة جزئية لمطالب الحوثيين تمثلت في تشكيل حكومة أكثر تمثيلاً وتخفيض أسعار المحروقات بحوالي 30 %، وهو ما تم تنفيذه في اليوم التالي.
ووصف التقرير المبادرة بانها “أبعد ما تكون عن الكمال”، حيث قُدّمت إلى الحوثيين بوصفها أمراً واقعاً ومنحت الرئيس سلطات استثنائية لتعيين رئيس الوزراء وكذلك وزراء الدفاع، والداخلية، والمالية والخارجية، دون مدخلات تذكر أو إشراف من قبل الأطراف الأخرى.
وقال تقرير المنظمة ان المبادرة الرئاسية وقع عليها اعضاء حزبي المؤتمر الشعبي العام والإصلاح الا انها لقيت تحفظات من البعض وان ممثلي الحوثيين رفضوها معتبرين تخفيض أسعار المحروقات غير كافٍ، وطالبوا بإصلاحات اقتصادية أوسع وانتقدوا الطريقة المقترحة لتشكيل الحكومة.
وقال التقرير ان جماعة الحوثيين صعدت أنشطتها الاحتجاجية في العاصمة، حيث بدت مقتنعة بأن التصعيد يمكن أن يحقق المزيد. في 7 سبتمبر، وفي مؤشر خطير على ما قد يحدث، جرحت القوات الحكومية العشرات وقتلت شخصين على الأقل في محاولتها منع المحتجين من إقامة الخيام وإغلاق طريق رئيسي يؤدي إلى مطار صنعاء.
وقال تقرير المنظمة إن مبادرة رئيس الجمهورية مع بعض التعديلات يمكن ان تشكل أساساً لتسوية شاملة وان البديل الآخر صراع لا يقل خطورة عن ذاك الذي نشأ عام 2011، عندما تَواجَه جناحان في الجيش، أحدهما يدعم صالح والثاني يدعم الانتفاضة، في العاصمة.
ونوه تقرير الازمات الدولية بخطورة الوضع في مشهد سياسي شديد الانقسام ومتعدد الأقطاب.
وقال التقرير: “لا تستطيع أي من القوى السياسية الرئيسية ـ الحوثيين أو المؤتمر الشعبي العام بقيادة صالح، أو الإصلاح أو هادي ـ السيطرة على العاصمة بمفردها، كما أن من غير الواضح أنها ستكون قادرة على ضبط أنصارها إذا ما اندلع القتال.
وأضاف:“علاوة على ذلك، فإن من شبه المؤكد أن اشتعال الأوضاع في العاصمة سيؤدي إلى محاولة فوضوية لتحقيق الاستقلال في الجنوب الحافل بالصراعات السياسية الداخلية وبأنشطة القاعدة. مضيفا: “كما أن المشهد الإقليمي تغيّر أيضاً مع حدوث استقطاب طائفي وأن التفكك الداخلي يمكن أن يجرّ اليمن بشكل أعمق نحو الانقسام”.
واوصى التقرير بضرورة استمرار جهود الوساطة التي يقوم بها المبعوث الخاص للأمم المتحدة، جمال بن عمر، للتوصل إلى تسوية، إلاّ أن المسؤولية الرئيسية تقع على عاتق اليمنيين الذين ينبغي أن يعملوا بوحي من مصلحتهم الوطنية.
واشار التقرير الى اتفاقات جرى التوصل اليها تضمنت قيام حكومة أكثر تمثيلاً تضم وزراء يكون للحوثيين دور في ترشيحهم، وتوضيح صلاحيات الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وتحديد الجدول الزمني لتنفيذ مخرجات المؤتمر، وغير ذلك. ويشكّل التوصل إلى تسوية حول الدعم والضمانات بإجراء إصلاحات اقتصادية أوسع النقاط العالقة المباشرة.
وأكدالتقرير على اهمية استثمار الوقت للوصول الى اتفاق يوقف التصعيد والشروع في مفاوضات حول تفاصيل تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وحذرالتقرير من توتر متزايد قد يقوّض التقدّم الذي تم تحقيقه حتى الآن في المفاوضات بل يمكن أن يعطّل التسوية السياسية الناشئة التي تم التوصل إليها من خلال مؤتمر الحوار الوطني.
واوصى تقرير الأزمات الدولية الرئيس هادي بتوحيد جهود المفاوضات التي تضمنت عددا اكبر مما ينبغي من الوسطاء واقل مما ينبغي من صناع القرار.
كمااوصى التقرير رئيس الجمهورية بإتخاذ إجراءات إضافية لضمان ألاّ تقوم الأجهزة الأمنية للدولة بعمليات استفزازية تعقّد الوضع المتقلب أصلاً.
واوصى التقرير جماعة الحوثيين بالقيام بدورهم لتبديد مخاوف منتقديهم والاتهامات الموجهة لهم بنوايا خطيرة تتراوح بين إقامة دولة يحكمها رجال الدين على الطريقة الإيرانية وإقامة دولة داخل الدولة على طريقة حزب الله.
وقال التقرير: على الحوثيين من الآن أن يثبتوا العكس وأن ينخرطوا بشكل بنّاء في جهود رئيس الجمهورية حيث يمكنهم أن يختلفوا معها ويقترحوا تعديلات واضحة والقبول في المحصلة بحلّ لا يحقق جميع مطالبهم. أما البديل فهو صراع لا يكسب فيه أي طرف، ويكون اليمن الخاسر الأكبر فيه.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى