عبدالله الأصنج سياسي متميز

> الشيخ طارق عبدالله / المحامي

> كان عبدالله الأصنج سياسي متميز ومتباين من بين ساسة العصر. عرفته منذ أيام شبابنا في عدن وعرفته أكثر منذ عام 1963 عندما عدت إلى عدن بعد الانتهاء من دراستي في الخارج وانضمامي إلى الخدمة المدنية مع حكومة الاستعمار. عينت وقتها في إدراة السجل العام وكانت لدي العديد من المسؤوليات، منها أني كنت مسجل نقابات العمال وكانت من ضمن مسؤولياتي الإشراف على النقابات وضمان أنشطتها تماشياً مع قانون النقابات.
كانت الستينات من القرن العشرين فترة هامة للأنشطه النقابية مرتبطة مع الأنشطة السياسية وحساسة في تلك المرحلة، وجدته حينها نقابيا من المنزلة الرفيعة يفقه الأعمال النقابية ويمارسها بحذافيرها بعزم وبطريقة إيجابية. جميع النقابيين من مجموعته مضوا قدماً على نفس النمط.
عند انقسام اتحاد نقابة العمال إلى قسمين، قسم مع جبهة التحرير والقسم الآخر مع الجبهة القومية، تصرف عبدالله وجماعته بطريقة حضارية جداً. وكرئيس لجبهة التحرير كانت تعد سياساته بالمقارنة مع سياسات الجبهة القومية أكثر منطقية وتوازناً. لم يكن عبدالله الأصنج رجل حرب بل عدني من محبي السلام.
في الاشتباكات المؤسفة الخطيرة، مباشرة بعد مغادرة القوات البريطانية، أخذت الجبهة القومية موقفاً معاديا ضد العدنيين وضد جبهة التحرير التي كانت تدافع عنهم. إن أغلبية أعضاء الجبهة القومية كانوا يعانون من التحيز، التحيز ضد المتعلمين، التحيز ضد وظائفهم، التحيز ضد لباسهم، التحيز ضد التجار وأعمالهم، التحيز ضد جميع أولئك الذين يمتلكون منزلاً أو متجراً ووو.. وكان المرحوم خاليا من أي تحيزات وكان مجرداً من التعصبات.
في السياسة كان الطرفان أحزاباً اشتراكية. ولكن مفهومه عن الاشتراكية كان مفهوماً حضارياً لمفكر متوازن. كانت اشتراكيته تناسب جنوب اليمن وعبقرية الناس.
لتفادي أي شبهة فإن كاتب هذه المقالة لم ينضم في أي مرحلة من مراحل حياته إلى أي حزب سياسي، وبقي ناشطاً مستقلاً، والناقد المعتدل المحايد.
إن السياسة هي لعبة، في جميع أنحاء العالم، وهي ليست نظيفة. في العالم الثالث - اليمن- فإنها لعبة قذرة، لكن عبدالله الأصنج كان الاستثناء كانت لعبته نظيفة طوال حياته، كانت سياسته عادلة ومنصفة وفقاً للأصول والقواعد.
إن جميع الساسة يخطئون، الخطأ من الانسان والمغفرة من الرحمن، ربما أخطأ المتوفى في حياته السياسية أيضاً. هناك فرق كبير بين سياسي يأخذ قرارا قد يكون خاطئاً بحسن نية وبإخلاص بعد دراسة عميقة، وبين سياسي لا يهتم بذلك ويأخذ قراراً كاذبا لمصلحته الشخصية. إن غالبية الساسة في هذا العصر ينتمون إلى هذه الفئة. كان عبدالله الأصنج من الفئة الأولى. لم يعرف عنه بأنه فعل أي شيء لمصلحته الشخصية. كانت المصلحة العامة وحدها هدفه الرئيسي.
سوف تبقى مكانته في تاريخ اليمن، واسمه سيبقى في الذاكرة خالداً، أما أسماء الآخرين فسوف تختفي وستكون طي النسيان.
**الشيخ طارق عبدالله / المحامي**

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى