الرئيس: اليمن ليست هادي ولا من سبقه و30 نوفمبر اليوم غير الأمس

> صنعاء «الأيام»

> وجه الأخ عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، كلمة مساء أمس إلى جماهير الشعب بمناسبة ذكرى الـ30 من نوفمبر المجيدة، أكد فيها أن «الاحتفال بهذه المناسبة أتى في ظروف مختلفة أشد الاختلاف عن العام السابق».
وقال رئيس الجمهورية: «نحتفل بهذه المناسبة الخالدة ونحن مدركون ومجمعون أكثر من أي وقت مضى على ضرورة الالتفاف حول مشروع الدولة الضامنة لتحقيق تطلعاتنا المشروعة والمتمثلة والمقرة في مقررات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، خاصة في ما يتعلق منها بالقضية الجنوبية، هذه المقررات التي لم يتم التوصل لها بين ليلة وضحاها، وإنما بعد جهود مضنية ومطولة حرصت على الحصول على إجماع من كل الأطراف، كل ذلك بدعم ومتابعة حثيثة من أشقائنا في الخليج وأصدقائنا في المجتمع الدولي”.
وأضاف قائلا: “يسرني أن أخاطبكم في العيد السابع والأربعين لذكرى الاستقلال 30 نوفمبر، هذه المناسبة التي تكللت بفضل تضحيات شعبنا الممتدة في خروج آخر جندي مستعمر، هذا الشعب الذي تشهد مآثره عبر السنوات بأنه شعبٌ شريفٌ أبي، رافضٌ لكل صنوف الظلم والاستعباد والقهر، فهاهي مسيرة التاريخ تؤكد بأن يوم الثلاثين من نوفمبر لم يكن إلا مكملاً لما بدأه مناضلونا في ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من أكتوبر ضد الإمامة والاستعمار والطغيان، كما كان ذلك اليوم العظيم منطلقاً لالتحام والتحاق الثوار والفدائيين من مختلف الجبهات بإخوانهم في شمال الوطن للدفاع عن الثورة الجمهورية في حصار السبعين يوماً”.
وتطرق فخامة الرئيس إلى المبادرة الخليجية قائلا: “تحلّ علينا هذه الذكرى متزامنة مع السنة الثالثة لتوقيع المبادرة الخليجية، هذه المبادرة التي ستظل المرجع الأول لعملية الانتقال السلمي في اليمن، والمصداق الحقيقي لنا كيمنيين - إن تعاونّا جميعاً في تنفيذ ما تبقى من بنودها - للخروج بالبلاد لبر الأمان نحو دولة مؤسسات حقيقية مبنية على الشراكة والعدالة والمواطنة المتساوية والحكم الرشيد، فقد رسمت هذه المبادرة معالم الطريق لهذا الانتقال وجاءت تعبيراً عن حرص أخوي صادق من أشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية بقيادة أخي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود.
تشكل المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ووثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل واتفاق السلم والشراكة الوطنية خارطة طريق ملزمة وموجهة للمرحلة الانتقالية وتداعياتها، علينا جميعا أن نهتدي بها لتحقيق الشراكة في السلطة والثروة، وإطلاق طاقات التنمية، وترسيخ مبادئ الحكم الرشيد والمحاسبة، وتعزيز قيم المواطنة والكرامة، واحترام الحريات والحقوق، وضمان التعدد والتداول السلمي للسلطة، وإشاعة التسامح والعيش المشترك، وبناء المؤسسات وإعلاء حكم القانون، باختصار إنها جسرنا إلى المستقبل، إلى اليمن المشرق في وجداننا وفي تراثنا وفي غدنا المشترك”.
وقال الرئيس: “إن اليمن بوحدته سيبقى قوة ستكبر بالتنمية والإصرار كما أنه سيكون عامل استقرار بموقعه الجغرافي الإستراتيجي المتميز وكثافته البشرية .. والعالم كله يقف اليوم في مؤازرة اليمن موحداً ويقف موحداً لمؤازرة الحكومة الجديدة ليتسنى له تحقيق التنمية ومقوماتها .. باعتبار أن التنمية يستحيل تحقيقها في غياب الشراكة تماما .. كما يستحيل تحقيق التنمية والتطور في ظل التناحر والخصومة وفي غياب روح التجانس والتآلف والإخاء ورباط الوحدة”.
واستطرد الرئيس قائلا: “أقول هذا مدركاً أشد الإدراك لما يعتمل في نفوس أبناء شعبنا في الجنوب والشمال من مخاوف وقلق، لكنني بذات الوقت أقول إن اليمن من أقصاه إلى أقصاه ليست هادي، ولا من سبقه، ولا من سيلحقه.. اليمن ووحدتها أكبر من أي فرد، وسلطة، ومرحلة، وواجبٌ علينا أن نحافظ عليهما، اليمن هي فلذات أكبادنا، وهي عائلتنا وبيتنا الواحد، وفي الأوقات العصيبة تجتمع العائلة مع بعضها لكنها لا تتفرق ولا تتشتت، إن علينا أيها الإخوة أن ندرك أنه مهما جارت الأحداث وتأخرت الأحلام العظيمة، وتكالبت علينا المحن وزادت الصورة ضبابية أو قتامة أن علينا أن ندرك دوماً أن هناك فرقاً بين الثابت والطارئ، بين المصير الواحد المستند لحقائق التاريخ وتضحيات الأباء والأجداد وبين التباسات الحاضر وتداعياته الطارئة التي نحن بصدد معالجتها من خلال مشروع الدولة الاتحادية القادمة التي ستضمن اليمن الواحد والمتنوع والواسع لكل أبنائه”.
وتوجه بخطابه إلى الجنوبيين قائلا: “إن شعبنا في الجنوب يدرك تماماً ويلات ومرارة أي تمزق يلحق بجسد الوطن الواحد الموحد، فالعلاقة بين كل أجزاء الوطن هي علاقة تكاملية، دمرها بعض الساسة والطامعون بنظرهم فقط لمصالحهم الضيقة التي ما تلبث أن تنتهي، فيما سيبقى أبناؤنا والأجيال التي بعدنا تساءلنا عما فعلنا من أجل رفاههم وعيشهم الكريم، وأنا على ثقة تامة بأن أبناء شعبنا في الجنوب ورغم مرارة التجربة السابقة وخشية الارتداد عن ما تم تحقيقه من مكاسب في مؤتمر الحوار الوطني، قادر على التمييز بين الحل الوطني العادل للقضية الجنوبية المدعوم وطنياً وإقليميا ودولياً وبين مراهنات واجتهادات غير مضمونه ترمي كل نضالاتكم المشروعة في المجهول، تلك النضالات التي جعلت من القضية الجنوبية رافعة للمشروع الوطني الجامع ومدماك للدولة المدنية الحديثة.
إن الحل الحقيقي يكمن في المواجهة مهما كانت التحديات، لا في البحث عن الخلاص الشخصي خارج إطار اليمن الواحد والتنكر لأحلام البسطاء من أبناء اليمن في جنوبه وشماله والمتمثلة بيمن واحد وقوي تسوده العدالة الحقه والمواطنة المتساوية، كما أن الخلل الذي يصيب أي هدف سامِ وعظيم لا يعني أن نتخلى عنه لنعود إلى مربعات الماضي بل مواجهة كل من حاولوا تخريبه تارة باسم الوحدة أو مزاعم الاستقلال للجسد الواحد عن بعضه”.
وأضاف الرئيس “لقد تحدثت مراراً وتكراراً عن المظالم في الجنوب، وقد كانت القضية الجنوبية القضية المفصلية والرئيسية لمؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقد اخترنا أن نواجه المشكلة بكل صدق، مما أدى إلى تمخض ذلك عن وثيقة (الحلول والضمانات) بعد نقاشات مستفيضة، والتي أكدت على مبادئ كثير من أهمها الشراكة والمساواة والعدالة، مما سيرسيّ لقطيعة كاملة مع عهود الاضطهاد والتمييز.
لقد تشكلت حكومة الكفاءات الجديدة – وعلى أسس من الشراكه الوطنية - وهي تضع نصب عينيها معالجة المظالم في الجنوب، فشكلت لجنة للجنوب لإعداد وتنفيذ مصفوفة مزمنة لمخرجات الحوار الخاصة بالقضية الجنوبية مصداقاً لبنود اتفاق السلم والشراكة، كما اعتمدت آلاف التوصيات للجنة معالجة الأراضي، بالإضافة لتبني معالجات لقضايا أخرى، وقامت بالمثل لقضية صعدة وهي تضع نصب أعينها معالجة مشاكل كل أبناء الوطن في كل مكان.
وهنا أنتهز الفرصة لدعوة أبناء شعبنا في الجنوب وفي سائر أرجاء الوطن اليمني الواحد لمنح هذه الحكومة فرصة حقيقية للعمل معكم ولكم، كما أدعوكم لتكونوا جزءاً من الحل، لا جزءاً من المشكلة عبر تفعيل وسائل الاتصال والتواصل مع هذه الحكومة لنقل مطالبكم وإسماع صوتكم، كما لتقديم نقدكم البناء على الأداء الحكومي الحالي”.
وجدد الرئيس “الدعوة لكافة الأحزاب السياسية والمكونات الاجتماعية للعمل جنباً إلى جنب من أجل المواطن في كل بقعة من أرض هذا الوطن، فلا وقت الآن للمزايدات والتلاعب السياسي الذي لن يكون في صالح الوطن ولا المواطن، وأشدد عليهم للتعامل مع هذه المرحلة بجدية وصدق، فكلنا جزء من هذه السفينة، نجونا سوية أو غرقنا معاً، كما أكرر التأكيد على ضرورة التنفيذ الفوري لبنود اتفاق السلم والشراكة الوطنية وبخاصة ملحقه الأمني، والتعامل مع بنود هذا الاتفاق بصورة جدية وكاملة، وعليهم إدراك بأنه لا يمكن لأي كان منفرداً ومهما كانت أدواته بأن يفرض خياراته على هذا الشعب خارج ما أجمع عليه جميع اليمنيين في وثيقة مؤتمر الحوار الوطني الشامل”.
وترحم الرئسي على أرواح “كل شهداء اليمن عبر التاريخ وأخص بالذكر شهداء الاستقلال المجيد في الـ 30 من نوفمبر 1967، كما أترحم على شهداء الحراك الجنوبي السلمي والثورة الشبابية الشعبية، فلم يكن لمسيرة التغيير أن تبدأ لولاهم ولولا دماؤهم الطاهرة، وصدق مساعيهم النبيلة التي أثمرت رغم الصعوبات عن انتقال سلمي للسلطة ويمن اتحادي سُيبنى على العدالة وتقاسم الثروة”.
وأهاب الرئيس عبدربه منصور هادي برجال الجيش والأمن بـ “حماية بلدكم، فأنتم السياج الحامي وعليكم نراهن لتحموا الشعب والأرض، فلا تخيبوا هذه الثقة العالية فيكم، ولا تنصاعوا إلا لصوت الوطن، ولا تترددوا في الدفاع عن حمى وطنكم، وتسطير أنصع صفحات التاريخ ببطولاتكم، وها أنا أشد على أياديكم، وأدعوكم لأن تكونوا دوماً عند مستوى تطلعات وطموحات شعبكم في الأمن والاستقرار والرخاء”.
واختتم فخامة رئيس الجمهورية كلمته بقوله: “ما زال الطريق طويلاً، مليئاً بالمصاعب، وما زال أعداء الوطن وأعداء مشروع الدولة المدنية يتربصون باستقرار البلاد وأمنه ووحدته بلا كلل، متسلحين بسوء النوايا والولاءات المتبدلة، ولكنني أقول لهم بأن شعبنا أكثر وعياً من أن تنطليّ عليه هذه المخططات، شعبنا الذي يملك الحلم ويملك الحق أكثر منهم في هذا الوطن من أقصاه لأقصاه.
وهنا أجدد الشكر والتقدير للمجتمع الإقليمي والدولي للجهود الدائمة والمتابعة الصادقة الهادفة للحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن، كما أشدد على ضرورة استمرار دعم اليمن وحكومته بشتى السبل وبصورة خاصة في الجانب الاقتصادي، فهما يواجهان تحديات مصيرية تستهدف مشاريع الدولة المدنية والبناء والتنمية”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى