في تقرير حقوقي أصدره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان بشأن اليمن أمس:أكثر من 4500 انتهاك لحقوق الإنسان و215 حالة إخفاء قسري خلال أقل من شهر.. اقتحام 33 مقرا حزبيا و37 مؤسسة تعليمية و66 حالة انتهاك للإعلام المحلي والدولي

> جنيف «الأيام» خاص

> قال تقرير حقوقي اصدره المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أمس إن اليمن شهدت ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من قبل وحدات الجيش، ومن قبل مليشيات الحوثيين خلال اقل من شهر، تنوعت بين أعمال قتل واختطاف، واحتجاز للحريات السياسية والإعلامية والمجتمع المدني، وانتهاكات بحق الممتلكات الخاصة والعامة والمؤسسات التعليمية والطبية.
ودعت توصيات التقرير جميع الأطراف المتصارعة في اليمن، إلى ضبط النفس، والتزام الحوار، وتغليب مصلحة الشعب اليمني على المصالح الخاصة، واكدت على ضرورة أن تأخذ العدالة مجراها، بما يعنيه ذلك من الوقف الفوري لانتهاكات حقوق الإنسان من كافة الأطراف، وتجنيب المدنيين آثار العنف، وتقديم المسؤولين عن الجرائم بحق الأبرياء للعدالة.
وقال تقرير المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: “خلال الفترة من 16 سبتمبر حتى 10 أكتوبر 2014، التي غطاها تحقيق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، ارتُكبت الكثير من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان من قبل وحدات الجيش، ومن قبل ميليشيات الحوثيين في محافظات اليمن، والذين باشروا خلال الساعات الأولى لسقوط العاصمة بأيديهم، في نهب معسكرات الدولة، وقمع كل من عارض سيطرتهم على العاصمة.
واضاف التقرير: “ظهر الأحد 21 سبتمبر 2014، وبعد اشتباكات مسلحة استمرت 6 أيام بين القوات الحكومية، ولا سيما قيادة المنطقة العسكرية السادسة بالجيش اليمني، وعسكريين حوثيين، سقطت صنعاء بيد جماعة الحوثي المسلحة القادمة من محافظة صعدة، وانتشرت في جميع شوارع صنعاء، وسيطرت على كافة المؤسسات والوزارات الحكومية داخل صنعاء، وفرضت نفسها كسلطة أمر واقع، وبدأت بممارسة سلطات الدولة الأمنية والإدارية.
واشار تقرير المرصد الى ان الواقع الجديد، الذي شهدته صنعاء أفرز سلسلة انتهاكات جسيمة، تنوعت بين أعمال قتل واختطاف، واحتجاز للحريات السياسية والإعلامية، وحريات المجتمع المدني، وانتهاكات بحق الممتلكات الخاصة والعامة والمؤسسات التعليمية والطبية. وقد ترك القتال العديد من السكان محاصرين في منازلهم، ولم يبد أي من الجانبين الاستعداد لمساعدة المدنيين في الإخلاء إلى مكان آمن.
وان الانتهاكات التي وثقها المرصد الأورومتوسطي من بداية اجتياح صنعاء حتى العاشر من أكتوبر، وصلت الى 4531 انتهاكاً، تركزت في مناطق شمال وغرب صنعاء، فيما لم تخل المناطق الجنوبية والشرقية والوسطى من بعض الانتهاكات، كاقتحام بيوت ومؤسسات بعض المعارضين لجماعة الحوثي، وعدد من المقرات الحزبية التابعة للتجمع اليمني للإصلاح.
وتابع التقرير: “في المقابل، استطاع الحوثيون كسب جزء من الشارع اليمني، نسبياً، والذي كان قد ضاق ذرعا بتسلط الأذرع الأمنية للدولة وابتزازها للمواطنين، فيما عمل الحوثيون على تثبيت الأمن في المناطق التي سيطروا عليها، وسعوا إلى حل الإشكالات المحلية والخلافات اليومية بسرعة وفاعلية ودون مقابل في كثير من الأحيان”.
وقال المرصد ان (733) قتيلاً سقطوا منذ بداية الاجتياح المسلح لصنعاء، منهم (652) قتيلاً سقطوا خلال أسبوع من المواجهات المسلحة بين بعض وحدات الجيش النظامي وجماعة الحوثي، فيما بلغ عدد المصابين منذ الاجتياح المسلح، ما يقارب 930 مصاباً. وشهدت عملية إحصاء المصابين تعقيدات كبيرة، بسبب أن البعض منهم ما زال ملاحقاً حتى اللحظة.
واكد تقرير المرصد ان فريقه سجل ثلاث جرائم تصفية قام بها مسلحون حوثيون لجرحى جنود أثناء رقودهم وامتثالهم للعلاج داخل مستشفى حكومي بصنعاء. فضلاً عن اختطاف عدد آخر من منازلهم بعد خروجهم وتماثلهم للشفاء.
وبحسب التقرير فإنه “بعد إحكام سيطرة جماعة الحوثي على صنعاء، قامت الجماعة بتنفيذ عدة حملات اختطاف لقيادات عسكرية وسياسية وشخصيات اجتماعية وقبلية، تعتقد أن لها دوراً في مساندة ودعم القتال ضدها من قبل بعض وحدات الجيش. وشملت الاختطافات كذلك ناشطين حقوقيين واعلاميين كانت لهم آراء ومواقف رافضة للسيطرة الحوثية على صنعاء، وقد وصلت حالات الاختطاف التي تم توثيقها إلى ما يزيد على 1000 حالة، اقتيد معظمهم إلى سجون داخل العاصمة وفي محافظتي صعدة وعمران. فيما تقدم عدد من الأهالي بشكاوى حول اختفاء أبنائهم خلال الفترة (من 16 سبتمبر حتى 10 أكتوبر)، دون أن يعرفوا مصيرهم، ووصلت هذه الحالات إلى 215 حالة اختفاء.
وذكر التقرير ان السجناء المفرج عنهم تعرضوا للضرب لفترات طويلة أثناء اعتقالهم، فيما جرى تعليق بعضهم في أوضاع ملتوية، فضلاً عن تعذيبهم بالحرق بالسجائر، وتهديدهم بالقتل أو الاغتصاب، وإخضاعهم لعمليات إعدام صورية.
وفي سياق متصل ذكر تقرير المرصد ان السلطات اليمنية نفذت اعتقالات على خلفيات سياسية أو على إثر تجمعات سلمية. وأكّد عدد من المعتقلين الذين أفرج عنهم لاحقاً تعرضهم للتعذيب داخل السجون. ومن أبرز تلك الحالات ما جرى للمواطن اليمني خالد الجنيدي (42 عاما)، وهو ناشط سياسي في الجنوب، وكانت السلطات اليمنية قد احتجزته لثلاثة أسابيع قبل أن تطلق سراحه يوم 13 (نوفمبر) الماضي، وتعرض للتعذيب والمعاملة القاسية أثناء تواجده في سجن الصولبان للأمن السياسي وسجن التواهي وسجن المنصورة. وكانت هذه هي المرة الرابعة التي يُعتقل الجنيدي فيها.
ومن الجدير بالذكر أن الجنيدي قُتل بعد أيام من إطلاق سراحه، وذلك أثناء مشاركته في احتجاج في منطقة “كريتر”، حيث داهمه خمسة رجال مقنّعين يرتدون الزي الرسمي لعناصر الأمن، وطلبوا منه الترجل من سيارته، ثم أطلقوا النار عليه فأردوه قتيلاً.. وكان الموقع قد شهد قيام عناصر الأمن بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع على جموع المحتجين.
وقال المرصد ان فريقه رصد ووثق أكثر من 50 حالة اعتداء بحق المؤسسات والممتلكات العامة التي لا يزال مسلحو جماعة الحوثي يستولون عليها إما بالكامل أو عبر عدد من المندوبين الذين فرضتهم كممثلين لها في بعض الوزارات والمنشآت الهامة، مقابل رفع التمترس والمظاهر المسلحة عنها.
وعلى صعيد الاعتداء على الممتلكات الخاصة، فقد سجل فريق المرصد حالات اعتداء قام بها مسلحون حوثيون ضد منازل مواطنين، ونهب بعض الممتلكات الخاصة من أثاث وأجهزة إلكترونية ونقود ومجوهرات وأسلحة شخصية ومركبات.. كما أسفرت أعمال القصف العشوائي التي قامت بها جماعة الحوثي للأحياء السكنية عن تضرر مئات المنازل والمنشآت الخاصة، لاسيما الواقعة في نطاق المواجهات المسلحة أو القريبة من مواقع القصف، حيث بلغ عدد الاعتداءات بحق الممتلكات الخاصة (439) انتهاكاً.
وقال تقرير المرصد الأورومتوسطي ان فريقه قام برصد (66) حالة انتهاك ضد الإعلام المحلي والدولي في اليمن خلال الشهر الأول من دخول الحوثيين للعاصمة صنعاء وسيطرتهم عليها، كما تلقى الفريق شكاوى وبلاغات من 37 صحفياً وإعلامياً تعرضوا للاعتداء الجسدي، إضافة إلى قصف واقتحام منازلهم ونهب بعض محتوياتها، فضلاً عن توقيف واحتجاز حرية البعض منهم، ومصادرة مقتنياتهم الشخصية أثناء أدائهم لمهامهم.
وأشار الى أن القنوات التلفزيونية الحكومية (اليمن، سبأ، الإيمان) تعرضت لقصف مدفعي شديد وحصار لطاقم العمل فيها واقتحامها والسيطرة عليها بالكامل من قبل مسلحي جماعة الحوثي، غير أن جماعة الحوثي عبر وسائلها الإعلامية اتهمت أكثر من مرة “طرفاً ثالثاً” لم تسمِّه، بأنه قام باقتحام ونهب بعض المقرات الحزبية والمؤسسات الخاصة والعامة، مبررة تواجدها في تلك المقرات والمؤسسات بأنه فقط حماية لما تبقى فيها.
وأفاد بعض المتضررين أنه تم إكراههم على توقيع سندات استلام تتضمن اعترافاتهم باستلام عقاراتهم من مسلحي الحوثي بكل محتوياتها حتى يقوموا بحراستها خلال فترة تواجدهم فيها.
واشار التقرير الى كلمة زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، بثتها إحدى قنوات التلفزة المحلية في اليمن (المسيرة)، اتهم فيها بعض الإعلاميين اليمنيين “بمسايرة التوجه الأمريكي”، باستثناء “بعض الشرفاء” بحسب قوله.
وقال تقرير المرصد ان المجتمع المدني وقع عليه (22) انتهاكاً، تنوعت ما بين عمليات اقتحام وتفتيش ونهب وقصف عشوائي لمنظمات المجتمع المدني والنوادي المحلية، ومنها جمعية للمعاقين شمال غرب صنعاء.
وتابع التقرير: قام المسلحون الحوثيون باقتحام 33 مقراً حزبيا في صنعاء، أحدها للحزب الاشتراكي اليمني، والبقية تتبع التجمع اليمني للإصلاح، والذي يُعتقد أنه كان طرفاً في الاشتباكات المسلحة إلى جانب الجيش، فيما نفت جماعة الحوثي وعبر وسائلها الإعلامية أن تكون هي المسؤولة عن هذه الاقتحامات، واتهمت “طرفاً ثالثا” لم تسمِّه باقتحام هذه المقرات ونهبها، وبررت تواجد الحوثيين في هذه المقرات بأنه لغرض حمايتها.
واشار إلى أن جماعة الحوثي ترفض الرد على الأسئلة التي تطرحها المنظمات الحقوقية، وغالباً ما تلتزم الصمت إزاء البيانات والتقارير التي تصدر عن تلك المنظمات حول انتهاكات الحوثيين لحقوق الإنسان.
وطبقا للتقرير فانه تم رصد سلسلة انتهاكات بحق المؤسسات التعليمية في صنعاء خلال الاجتياح المسلح لها، بلغ عددها (37) انتهاكاً، تنوعت ما بين اقتحام ومداهمة واحتلال لعدد من المدارس والجامعات الحكومية والأهلية، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، ونهب محتويات البعض منها، إضافة إلى انتهاكات أخرى بحق عدد من الأكاديميين والكوادر التربوية والتعليمية، واقتحام عدد من المساكن الطلابية وتفتيشها ونهب محتوياتها، بلغ عددها (7) مساكن، وان الاحداث والاشتباكات التي وقعت خلال فترة الرصد أدت إلى تعطيل المدارس المحلية لعدة أيام، وصلت في بعض المدارس إلى عشرة أيام.
واشار التقرير إلى أن (12) انتهاكاً وقع بحق المؤسسات الصحية والطواقم الطبية، شملت عمليات الاقتحام والنهب لبعض هذه المؤسسات، والاستهداف والتهديد للعاملين في القطاع الصحي الحكومي.
وسجل فريق المرصد الأورومتوسطي تجنيد الحوثيين للمئات من الأطفال (دون الثامنة عشرة)، وهم يتوزعون على نقاط التفتيش المنتشرة داخل شوارع وأحياء صنعاء، تقدر أعدادهم بـ250 طفلاً على الأقل، ولوحظ أن أغلب هؤلاء هم من خارج العاصمة.. غير أنه تعذر على الفريق توثيق تلك الحالات بالطرق المتعارف عليها، نظراً لرفض جماعة الحوثي التعامل مع الفريق أو الإدلاء بأية معلومات.
واشار التقرير إلى ان تجنيد الاطفال يعد انتهاكا للقانون الذي يحظر تجنيد الأطفال، وهذا ما نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل 1989م، في المادة (38)، والمادة (8/26) من اتفاقية روما والتي نصت على: “حظر تجنيد الأطفال دون سن الخامسة عشرة إلزامياً أو طوعياً في القوات المسلحة أو من قبل الجامعات والحركات المسلحة أو استخدامهم للمشاركة فعلياً في الأعمال الحربية”.
ودعا المرصد الأطراف المتصارعة في اليمن إلى ضبط النفس، والتزام الحوار، وتغليب مصلحة الشعب اليمني على المصالح الخاصة، والعمل على تطبيق مخرجات الحوار الوطني واتفاق 21 سبتمبر 2014، باعتبارها قاعدةً متفقاً عليها ومخرجاً للأزمة الراهنة.
واكد المرصد في توصياته على ضرورة أن تأخذ العدالة مجراها، بما يعنيه ذلك من الوقف الفوري لانتهاكات حقوق الإنسان من كافة الأطراف، وتجنيب المدنيين آثار العنف، وتقديم المسؤولين عن الجرائم بحق الأبرياء للعدالة، داعيا مجلس الأمن إلى معاونة الحكومة اليمنية لإعادة الاستقرار إلى أراضيها، تمهيداً لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية تفضي إلى اختيار الشعب لممثليه، وتنهي حالة الاحتقان والشد والجذب المتبادل بين كافة الأطراف في اليمن.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى