عاصمة الثقافة اليمنية تعز ليس لها من الثقافة نصيب

> استطلاع / فهد العميري

> رغم صدور القرار الجمهوري رقم (2) للعام 2013م والقاضي باعتماد محافظة تعز عاصمة ثقافية للجمهورية اليمنية إلا أنه لا شيء في هذه المحافظة يدل على اهتمام الجهات المعنية بهذا المجال سوى توفير مبنى من الطراز الحديث مستأجر للمكتب التنفيذي لتعز العاصمة الثقافية في ظل انعدام البنى الثقافية، مع غياب تام للفعاليات المسرحية والشعرية والقصصية ومعارض الفن التشكيلي، وغياب دور السينما، والاقتصار فقط على الفعاليات الفنية في المناسبات التي لا تتعدى أصابع اليد الواحدة.
وفي خضم هذا المشهد تثور تساؤلات عدة عن الذي أضافه قرار اعتماد تعز عاصمة ثقافية للجمهورية اليمنية للمحافظة؟ ومن المسؤول عن الموت الثقافي في المحافظة والتهميش الذي طال مثقفيهما ومبدعيها.
قاصد الكحلاني
قاصد الكحلاني

الشاعر والناقد قاصد الكحلاني تحدث عن الأوضاع الثقافية التي تعيشها تعز عاصمة الثقافة بالقول: “لم يضف قرار اعتماد تعز عاصمة للثقافة اليمنية إلا ما يضيفه المدح للحسناء بالقول: إنها جميلة، فمحافظة تعز هي المخزون الثقافي لليمن منذ عقود إن لم يكن منذ عهد الدولة الرسولية ولا نتيجة لهذا القرار إلا القليل من المهرجانات والاحتفالات العقيمة، ولو نظرنا للمشهد الثقافي اليمني سنستغرب من الحيوية الكبيرة فيه على مستوى الإبداع، رغم الموت الكبير على مستوى التنظيم والتحفيز”.
وأضاف: “اليمن لا تمتلك بنية تحتية للثقافة، كما أن الحكومة ليس لديها أي رؤية للنهوض بها، بل إنها خارج نطاق اهتماماتها تماما، ولا وجود لوزارة الثقافة إلا في نطاق الروتين المتمثل باحتفالية هنا واحتفائية هناك، ما تحتاجه الثقافة في اليمن هو وجود إرادة سياسية للاهتمام بها كونها الخيط الناظم لمختلف المجالات الأخرى، فالشعب المثقف بالمعنى الواسع للثقافة يكون قادراً بوعيه على تخطي زمنه وتجاوز ما تعترضه من صعوبات”.
وعن سبل النهوض بالمشهد الثقافي قال الكحلاني: “بالنسبة لمحافظة تعز أتمنى أن يتم تشكيل لجنة من الأدباء والمثقفين الأكفاء، لتضع خطة متكاملة يكون هدفها: طباعة الأعمال الأدبية والثقافية، وإقامة فعاليات كثيفة الحضور قليلة الكلفة، احتضان الموهوبين من الشباب والشابات، وعمل دورات تأهيلية لهم ليستفيدوا من خبرات سابقيهم، ورعاية المبدعين ذوي الظروف القاسية بالتنسيق لهم مع الجهات الأخرى، أو إعطائهم دعماً مؤقتا لتجاوز ظروفهم الحالية”.
**في تعز كل شيء موجود إلاّ الثقافة**
جلال الحزمي
جلال الحزمي

الشاعر جلال الحزمي قال عن قرار اعتماد تعز عاصمة ثقافية: “إنه قرار جيد بحد ذاته، ولكنني مع هذا لم أحفل أو أهتم به كثيرا، وذلك لأننا قد تعودنا على هكذا فرقعات وجعجعات، والتي لا نرى لها طحينا، وما اعتماد إب قبل أكثر من خمس سنوات عاصمة سياحية عنَّا ببعيد.. فماذا قدّمت الدولة من أجلها وكيف هي إب اليوم؟”.
وأضاف قائلا: “لقد تأكد لي تشاؤمي ذلك حينما قرأت أسماء اللجنة المكلفة بتنفيذ تعز عاصمة ثقافية، وأدركت حينها أننا مازلنا نسير عكس اتجاه كل ما هو جميل”.
وعن تقييمه للمشهد الثقافي قال: “ربما أنه يوجد في تعز كل شيء إلاّ الثقافة، هذه التهمة التي يحاول المعنيون في المحافظة دحضها بكل وسائل الإهمال وغير المبالاة، وكما نلاحظ أن رقعة الفوضى والقتل تتسع على حساب المدنية والثقافة المتبقية، ليس على الواقع، ولكن في وجدان ووعي أبناء المحافظة، إنه موت سريري ثقافياً تعيشه عاصمة الثقافة”.
وتابع الحزمي “محافظة تعز ليست بمعزل عن المشهد العام هذا المشهد الملبّد بالخراب، فنحن نشكو منذ زمن أن مَن يحكموننا ويُسيّرون أمورنا في شتى المجالات ليسو سوى مجموعة لصوص، وهذه الأصناف لا يوجد في قاموسها شيء من الثقافة أو أي شيء ينتمي للفكر والجمال، وعلى يد هؤلاء تم تدمير وتشويه كل شيء جميل في حياتنا”.
وبخصوص سبيل النهوض بالمشهد الثقافي قال الحزمي: “لكي يكون هناك نهوض ثقافي لابد من أن يكون هناك استقرار سياسي، وأمني، واقتصادي، ومن بعده نية صادقة تتم على إثرها إيكال أي مسئولية ثقافية لمن يحمل همّ الثقافة، ويتمتع بالكثير من النزاهة والكفاءة، وبتوفير المناخ المناسب وتوافر الجهود نستطيع أن ننهض بثقافتنا ونشيد أركانها ونفخر بتعز عاصمة حقيقية للثقافة”.
**غياب الرؤية الواضحة**
محمد أمين الشرعبي
محمد أمين الشرعبي

من جهته تحدث الصحفي محمد أمين الشرعبي بهذا الخصوص بالقول: “مشروع تعز العاصمة الثقافية الحلم الكبير الذي يُعتبر أحد أهم الحلول لمشاكل تعز الإستراتيجية، وحينما نقول مشروع تعز العاصمة الثقافية لا يعني بناء المقومات الثقافية فقط، إنما يعني أيضاً بجانب مشروع موازي، وهو إعادة تخطيط تعز بشكل حضاري جديد، لا أن تظل مدينة بهذا الشكل الحالي”. وتساءل الشرعبي “كيف يمكن أن نؤسس مدينة ثقافية في ظل كل هذا الوضع المزري في التخطيط الحضاري في تعز؟ وكيف يمكن أن تكون تعز عاصمة ثقافية علي غرار الشارقة مثلا في ظل وجود متنفس سياحي ترفيهي واحد أشبه بخرابه، ومرباع، وقس علي ذلك فيما يتعلق بالمجاري وتصريف السيول والشوارع؟”.

وأضاف “لقد قتل النظام السابق تعز، وتعمد أن تتوسع بعشوائية، حتى الحوبان هل تتصور معي أن جوار جامعة تعز نزل التخطيط قبل 4 سنوات، بينما العشوائية في البناء قد توسعت إلى قرب السجن المركزي، ما أقصده في النهاية أن الميزانية المرصودة 21 مليارا هي لبناء المقومات الثقافية فقط، وينبغي أيضاً أن يُخصص كل مكتب تنفيذي 50 في المائة في مجاله بشكل منظم فيما يخدم إعلان تعز العاصمة الثقافية، ونحلم نحن معشر المثقفين والصحفيين والنخبة فيما يتعلق بمشروع تعز العاصمة الثقافية، ونتدارس بشكل جدي ماذا سنفعل في القريب من أجل الحلم الكبير كي لا يصبح فص ملح وذاب، فأين الرؤية الإستراتيجية الكبيرة لاستيعاب مبلغ وقدره 21 مليار للتأسيس لتعز العاصمة الثقافية؟ لا يوجد رؤية، وما هو موجود هو تعيين مكتب تنفيذي لتعز العاصمة الثقافية بشكل مثير للضحك والبكاء معاً على واقع الحال في إدارة تعز، منذ إعلان المشروع لم يستطع المكتب اليوسفي التنفيذي حتى كتابة رؤية متكاملة للمشروع الحلم”.
وتوجه محمد في ختام حديثه بالتوجه بالنداء لكل مثقفي تعز بـ “ضرورة الترتيب بشكل جدي ومنظم لعمل جهة رقابية شبابية، وعمل ورشة عمل يدعى إليها 100 مثقف وأكاديمي من أجل صياغة رؤية كبيرة ومتكاملة لهذا المشروع الحلم، وتشكيل لجنة منبثقة عن هذه الورشة لمتابعة تنفيذ هذا الرؤية لتحقيق حلم تعز”.
**محاولة لكسر تعز**
وداد البدوي
وداد البدوي

أما رئيس مركز الإعلام الثقافي cmc وداد البدوي فقالت: “من المهم أن يكون هناك عاصمة للثقافة، ومن الجميل أن تكون تعز هي المدينة التي تحضى بهذا اللقب لما تزخر به من ثقافة ومثقفين، وما تتمتع به من فرادة في المكان، وتواجد حقيقي في التاريخ والنضال الوطني، ولكن هذا القرار ظل قرارا فقط، ولم يفعّل ومازالت تعز غائبة عن دورها الحقيقي كعاصمة للثقافة، ولم تفد اليمن، ولا نفسها بهذا القرار، وكأن الجهات القائمة على تنفيذ هذا القرار تريد أن تقول إن تعز عاجزة أن تكون عاصمة للثقافة لكل اليمنين”.
وأضافت: “المشهد الثقافي في محافظة ذمار أفضل بكثير من المشهد الثقافي في تعز، فالحراك الثقافي في تعز للأسف مرتهن على المؤسسات الحكومية التي أثبتت أنها لا تدعم الفعل الثقافي، ولن تدعم، وبالتالي حدث نوع من الركود الذي لم تكن تعز تعهده من قبل في ظل تعطيل المؤسسات الفعالية كاتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وحجب صحيفة الثقافية التي كانت عنوان للمشهد الثقافي، وعدم تفاعل القطاع الخاص الذي مازال ينظر للثقافة بازدراء، هذا هو الحال للأسف في تعز”.
وتابعت حديثها “على مبدعي تعز أن يبادروا بالتكاتف والاعتماد على الذات واسترجاع النضال المستميت لمثقفي الحالمة خلال المراحل السابقة، وعدم الاستسلام للإحباط، فهم قادرون - إن أرادوا - أن يعيدوا لتعز اعتبارها، وأن يقودوا الرأي العام اليمني، خاصة مع توفر وسائل التواصل الاجتماعي التي يجب أن تستغل من أجل خدمة المثقف، وإيصال رسالته، وعلى المثقف أن يتذكّر دائما بأن السياسي لن يُعطيه حقه بل عليه انتزاع حقوقه، وهذا لن يحدث إلا بتوحد كلمة المثقفين، وأن يظل المثقف بعيداً عن المهاترات خارج الأفق الثقافي”.
وواصلت البدوي “النظام السياسي والعسكري والقبلي والطائفي الذي يحكم اليمن لا يريد ثقافة، وهو مختلف حول أمور كثيرة ومتفق على هذه النقطة، وبالتالي فإن من يحكمنا هو هذا النظام وهو المتحكم بالوضع الثقافي في تعز، وفي اليمن بشكل عام، ولأن تعز هي منارة ثقافية فإن التركيز عليها أكثر، ومحاولة كسر تعز مستمرة، وتعلمون أن كسر هذه المدينة هو بتعطيل الثقافة، وبهذا تندثر القيم المدنية في هذه المحافظة، إن تعز تعاني كثيراً ولكنها ستظل شامخة وكبيرة وحضن لكل المبدعين والمثقفين الذين يولدون من رحم المعاناة، ولهذا أملي كبير بالأستاذة أروى عثمان وزيرة الثقافة بأن تعيد للثقافة اعتبارها ولتعز مكانتها، وعلى المحافظ أن يتحمل مسؤولياته تجاه تعز، ويكون جدي في الأفعال ولا يكتفي بالأقوال فقط والشعارات الرنانة، وكذا الاهتمام بالمواهب”.
**المشهد الثقافي يعيش حالة من الركود**
إيمان السعيدي
إيمان السعيدي

بدورها تحدثت لـ«الأيام» الشاعرة إيمان السعيدي حول هذا الموضوع بالقول: “قرار اعتماد تعز عاصمة للثقافة أشعل بريق الأمل المنطفئ في كل مثقف داخل تعز، كما أن المشهد الثقافي في تعز يعيش حالة من الركود قياساً ببقية المحافظات على الرغم من العدد الكبير للمثقفين والكتاب فيها، وربما يتم إنقاذ نفس المثقف بالدعم والعمل الحثيث للنهوض بالمشهد الثقافي في هذه المدينة، كما ينبغي من خلال الترويج الكبير للفعاليات والنهوض بالمؤسسات الثقافية وتوفير فرض للتنفيس عن المواهب الموجودة داخل العاصمة الثقافية كمدينة أو أريافها”.
وأضافت: “باعتقادي المسؤول الأول هو المثقف نفسه بسبب عدم إخراجه لمواهبه في مجتمع يدّعي التحضر والثقافة، وكل مؤسساته تتداعى إهمالا وغياب التشجيع للكاتب والرسام وغيرهم من الموهوبين”.
**شيوخ و إقطاعيين**
 عادل مداحش
عادل مداحش

أما المسؤول الإعلامي لحركة (مـد) عادل مداحش فقال: “أود في البدء الإشارة إلى أن تعز بطبيعتها وتكوينها ثقافية هي هكذا انبعثت من رحم الحياة لتكون عنوان ثقافتنا منذ الأزل، هي موطن التوجهات والتباين الذي يُعد ظاهرة صحية يُضفي عليها المزيد من التألق و الحيوية”.
وأضافت بالقول: “قدر تعز أن تكون ثقافية، وما تلاقيه اليوم من موات على المستوى الثقافي لا يليق بها وبمواقفها الوطنية كما، أن المشهد الثقافي اليوم في تعز يتزعمه أناس لا علاقة لهم بالثقافة وإنما شيوخ و إقطاعيين، وهذا ما سبب ركوداً ثقافياً و شعوراً غير مسؤول من قبل المثقفين تجاهها، ولهذا على الجميع أن يدرك أن المسؤولية جماعية في انتشال هذا الواقع المؤسف، فتعز جديرة بالحياة الثقافية وجديرة بأن تكون عنوان ثقافتنا الأبرز، ففيها من المعالم، والأنشطة، والشخصيات الأدبية ما يجعلها قبلة للثقافة والأدب”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى