مشروع حياة

> محمد بالفخر

> في ظاهرة ثورية جديدة لم أرها أو أقرأ عنها من قبل عند أي من شعوب العالم التي ناضلت لنيل استقلالها شاهدنا حفر الثوار لقبورهم في عدن.. والسؤال ما المغزى من حفر تلك القبور؟.
هل المحتل يريد أن نرحل عن أرضنا فنقوم بحفر القبور لنرسل إليه رسالة مفادها أننا هنا باقون إما أحياء أو أموات أم نحن من يطالب برحيله سواء رحلوا أحياء أو جثثا هامدة؟!.
أيها الأحرار الشرفاء إن ثورتنا ثورة تحرير وطرد لمحتل دخل بلادنا طوعا من أهلها ثم ما لبث أن تمدد بكل تفاصيلها وعبث بمقدراتها ونهب كل ما عليها وليست ثورة بقاء في وجه نظام يحاول انتزاعنا من أرضنا، فلسطين المحتلة التي يعمل الاحتلال الصهيوني منذ عشرات السنين على اقتلاع جذور الشعب الفلسطيني منها سواء بالقتل أو التهجير أو التعسف في التعامل والتضييق في العيش لم أقرأ ـ على حد معرفتي القاصرةـ أن هناك من زعماء ثورتها أو من منظريهم من أفتى للشعب الفلسطيني بحفر قبور لهم ليقولوا للعالم نحن هنا ولن نرحل، سنعيش هنا أو نموت وندفن في باطن هذه الأرض، لأن الثورة عندهم مشروع حياة وليست طريقا للموت والفناء.
فمن أفتى ثوارنا بأن يعيشوا رمزية الموت والبقاء تحت الأرض في حين وقف يشاهد المنظر من أعلى شرفة في قصره خارج الوطن أو متابعا للخبر من حديقة إحدى فلله الفارهة؟!.
يا سادتي نحن أصحاب حق وأرباب أرض سنعيش عليها أعزة أحرارا.
ما أشدّه من منظر مؤلم حين ترى شعبا يفترض أنه يعيش الألفية الثالثة، ألفية العلم والتقدم والتطور يناضل بأساليب القرون الوسطى وعصور الظلام، كم هو مؤسف أن نرى أبناء وطننا الغالي يعبثون بأقدارهم ومقدراتهم بأيديهم بدواعي الثورة وطرد المحتل، ليس من حب الوطن أيها الكرام أن نحرق الإطارات ونعبث بالبيئة المحيطة بنا التي لن يتأذى من عوادم حرق البلاستيك السامة فيها إلا نحن السكان وأبناءنا إن لم يمتد خطرها لأجيال بعدنا، أما دولة ونظام الاحتلال فهم بعيدون عن الأذى.
ليس من الثورة وأخلاق الثوار وطالبي التغيير والتقدم أن نمارس طقوسا ثورية قد طوتها القرون ولا تتناسب مع حالنا أصلا.
نحرم طلابنا يوما ـ أسبوعيا ـ من الدراسة، ونضيق على أصحاب المحلات في أعمالهم وأصحاب سيارات الأجرة وغيرهم من البسطاء ونجبر الناس على البقاء في منازلهم يوم العصيان ونضيع عليهم أعمالهم، ما الذي يخسره المحتل في ذلك؟.
بالأرقام كم يخسر المحتل كل يوم عصيان وما الذي نخسره نحن؟.
بكل تأكيد خسائر المحتل صفر، وخسائر أبناء البلد مؤكد أنها أرقام كبيرة سواء مالية أو معنوية.
العصيان لا يمارس اعتباطا بل بخطط وبشكل ممنهج يشل حياة المحتل ويضيق على يومياته لا أن نضيق على أنفسنا، فما نحن فيه من التضييق كاف لأن يجعل حياتنا صعبة للغاية، فلسنا بحاجة لمزيد من العناء نحن بحاجة لتغيير أنفسنا، نحن بحاجة للتخفيف عن الناس من معاناتها، نحن بحاجة لننهض بالجنوب لنكون قوة يحسب لها العالم حسابات ترغمه على احترام إرادتها لا أن نظل ضعفاء جهلة مقيدي الفكر تجرنا التيارات المتنازعة يمنة ويسرة، ندفع الثمن من دمائنا وأموالنا وتطورنا وحاضرنا ومستقبل أبنائنا.
باختصار.. الثورة مشروع حياة ونهضة لا دعوات موت وممارسات ضعف.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى