عبدربه منصور هادي .. الرقم الصعب

> محسن خصروف

>
محسن  خصروف
محسن خصروف
بعد الانتفاضة العارمة التي شهدتها مدن اليمن الرئيسية ومعظم عواصم المحافظات، والمظاهرات والوقفات الاحتجاجية التي تشهدها ساحة التغيير في صنعاء، والهستيريا الفظيعة التي قابلت بها حركة أنصار الله (الحوثة) تلك الاحتجاجات السلمية بحيث لم يتردد مسلحوهم في ضرب الطلبة والشباب والشابات بأعقاب البنادق، بل وتم ضرب الفتيات بصورة لم يألفها اليمانيون، ثم تم اعتقال ثمانية طلاب منهم ثلاث فتيات، وبعد محاصرة منازل معظم الوزراء ورجالات الدولة بالمسلحين ووضعهم تحت الإقامة الجبرية، وبعد أن أعلنت كل الأقاليم ما عدا إقليم أزال، رفضها تقبل أية أوامر تصدر من العاصمة التي يعتبرونها محتلة من مسلحي الحوثي، وبعد اجتماع السلطة المحلية في إقليم عدن (المحافظات الست للجنوب اليمني) وإعلان تمسكهم بالسلطة الشرعية المنتخبة، وبشرعية الرئيس هادي، وبعد ما وضح الموقف الشعبي المعارض للانقلاب العسكري وسلطته في العاصمة، بعد كل ذلك فإنه لم يعد غريبا أن يصبح الرئيس المنتخب عبدربه منصور هادي هو أهم وأقوى شخصية وطنية، بل لقد أصبح هو الرقم الصعب الذي يصعب تجاوزه رغم كل ما يمكن أن يقال عنه من سلبيات وتقصير أوصل المتنفذين إلى التعدي على شرعية الدولة وتحديها، بل والتطاول عليها حتى احتلال القصر الجمهوري ودار الرئاسة ومجلس الوزراء، بل ومنزل الرئيس شخصيا.
لقد عانى المجتمع اليمني شظف العيش منذ الثورة الشبابية السلمية في الحادي عشر من فبراير 2011، وتحمل بجلد كل المعاناة التي أفرزها نجاح القوى التقليدية في تجيير الثورة لصالحها ولخطابها الفكري والسياسي، وعزّى نفسه بما يمكن أن يفضي إليه مؤتمر الحوار الوطني ولجنة صياغة الدستور غير عابئ بكل معاناته، وغير متوقع بأن أحلامه سيتم السطو المسلح عليها في الـ21 من سبتمبر 2014 ثم في الـ21 من يناير 2015، وأن السطو سيصل ذروته بتحدي كل اليمانيين بفرض الفكرة الواحدة واللون الواحد والرأي الواحد والمجاهرة به.
والسؤال المطروح الآن هو: هل سيمضي المغتصبون للسلطة بقوة السلاح “في خضم العملية السياسية السلمية” في طريق التعدي على أحلام اليمنيين بدولة مدنية تعتمد المواطنة المتساوية عنوانا لها؟ وما هو موقف قوى المجتمع المدني وفي المقدمة منها قوى الحداثة؟.
ولئن قد جاءت الإجابة من انسحاب الحزبين الكبيرين الاشتراكي والناصري من الحوار مع الحوثي ودعوتهما للجماهير إلى مقاومة الانقلاب بالاحتجاجات المدنية السلمية الحضارية فإن ردود الفعل الشعبية العفوية قد سبقتهما، وما نأمله هو أن تتكتل قوى المجتمع المدني المسالمة في وجه تيار العنف المسلح لإرجاعه إلى جادة الصواب والسلم والحوار حتى الاستحقاق الانتخابي الحر الديمقراطي البرامجي المدني الذي يحقق حلم اليمانيين في الدولة المدنية والمواطنة المتساوية والحرية والعدالة الاجتماعية.
النصر للشعب اليمني العظيم الذي أثبت أنه شعب متحضر ومدني ورائع، فمن مثله يعيش بلا دولة وبلا سلطات ضبط أربع سنوات ثم بلا رئيس وبلا حكومة دون أن يحدث أي تعد أو صراع بين الأهالي، بل يحفظ مصالح بعضهم وحريات وحرمات وحقوق بعضهم في غياب شبه تام للمشكلات التي كانت متوقعة، يحيا اليمانيون المتحضرون ذوو الإرث الحضاري المدني الرائع.. ولا وألف لا للعنف والغلبة والقوة، ومليون نعم لشرعية الشعب وسلطته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى