إقليم الجند.. آمال وتحديات

> فؤاد مسعد

>
فؤاد مسعد
فؤاد مسعد
خيرا فعلت مدرسة الصحافة اليمنية الأعرق صحيفة «الأيام» بإطلاق طبعة خاصة بإقليم الجند، وهي الخطوة التي تنم عن وعي وإدراك، حققت به «الأيام» سبقا متقدما يحسب لها وللقائمين عليها.
ويجدر أن نشير هنا إلى أن عوامل عدة تتظافر لجعل إقليم الجند (إب وتعز) أكثر الأقاليم حظا في تأسيس إدارة ناجحة لإقليم واعد وناهض وغني بالمقومات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ومنها المستويات العليا لتعليم مواطني الإقليم ووعيهم وتراكم خبراتهم في المجالين العام والخاص، فضلا عن النشاط الملموس في الزراعة والصناعة وامتلاك مؤهلات سياحية وتنوع حيوي وكثافة سكانية فاعلة وقادرة على الحركة والبناء.
وإذا كان إقليم الجند من أكثر المناطق اليمنية تضررا من ممارسات السلطات ذات النزعة الاستبدادية المركزية، فالمتوقع أن يكون الإقليم نفسه أكثر إفادة في حال أنجز الانتقال المأمول إلى وضع جديد يراعي أوضاع المناطق التي ظلت مهمشة ومقصية ومغيبة عقودا طويلة من الزمن، كما ويؤمّن أكبر قدر ممكن من احتياجات أبنائها ومواطنيها بعد فترة طويلة ظلوا يعاملون باعتبارهم مجرد “رعايا” يتعين عليهم القيام بكل الواجبات وليس لهم أي حق.
يتطلع أبناء الجند لمستقبل واعد رغم ما يحيط بالواقع من عقبات وعراقيل ومعوقات وتحديات، وفي المقابل تسعى قوى الهيمنة القديمة بشكلها الجديد لمحاصرة أمل أبناء الإقليم في الخلاص من ربقة الارتهان للمركز الذي يرى نفسه مقدسا، وعلى بقية الأجزاء - والجند في مقدمتها - أن تبقى سامعة مطيعة، كما ظلت تفعل ذلك مكرهة لمئات السنين.
وبقدر ما يسعى سكان الإقليم للخلاص من أوضاعهم البائسة تعمل قوى التخلف الموغلة في جهلها وحقدها جاهدة للحيلولة دون إنجاز الاستحقاق مهما كلفها ذلك من ثمن.
وفي مختلف مراحل النضال الوطني في تاريخ اليمن الحديث والمعاصر ظل أبناء تعز وإب في صدارة المشهد، خاصة في ثورتي سبتمبر 1962 وأكتوبر 1963م، وقبلهما في ثورتي 1948 و1955، والأخيرة كانت مدينة تعز مسرحها الرئيس.
وإذا كان لمحافظتي تعز وإب دورهما الوطني المشهود في الثورتين فإنهما ظلتا وفيتين لأهداف الثورتين ومؤمنتين بمبادئ النضال التي سقط الشهداء في سبيلها، وأثبتت الأحداث اللاحقة أن أبناء المحافظتين ظلوا أوفياء للمبادئ ذاتها، وفي المقدمة منها بناء الدولة اليمنية المدنية الحديثة.
ويدرك أبناء إقليم الجند أن الطريق إلى تأسيس وحدة إدارية خاصة بهم لن يكون مفروشا بالورود، حتى بعد إقرار مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الذي توافق المشاركون فيه - ضمن ما توافقوا عليه - على التأسيس لدولة اتحادية تتجاوز مرحلة الدولة المحكومة بسلطة مركزية قابضة على مقاليد السلطة والثروة.
وإن التفاعل الذي يظهر جليا وواضحا في كل من إب وتعز في الوقت الراهن، والذي يرفض سطوة الجماعات المسلحة الخارجة عن الشرعية الثورية والقانونية، هو تأكيد آخر على انحياز هذه الكتلة السكانية الأكثر تماسكا لخيار الدولة الحديثة ضد دولة المليشيات التي تنتمي لعصور ما قبل الدولة.
ومهما سعت القوى المأزومة لإعادة عقارب الزمن للوراء مستخدمة كل ما أوتيت من قوة وعنف فستنهزم أمام حركة الشعب والتاريخ، وفي تاريخ الأمم ونضالها من الأدلة ما يكفي لإثبات حتمية انتصار إرادة الشعوب الحرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى