عن الفيدرالية التي يرفضها الحوثي

> هشام السامعي

>
هشام السامعي
هشام السامعي
في الوقت الذي تسعى جماعة الحوثي إلى فرض شكل سياسي جديد للدولة بعيداً عما تم التوافق عليه سابقاً بين معظم القوى في الساحة اليمنية “بقوة السلاح” تظهر حالات رفض مقابلة لأي انتقاص أو التفاف على فكرة إعادة تحديد شكل جديد للدولة يعاد فيه تغيير النظام من “الدولة البسيطة” إلى دولة مركبة تقسم إلى ستة أقاليم تعطى كامل الصلاحيات في إدارة شؤونها الداخلية تحت مسمى جمهورية اليمن الاتحادية.
وحتى لا يتلاعب أي طرف من الأطراف بعقول الناس وتضليلها سأقوم بتوضيح بعض المعلومات التي يمكن أن نتعرف من خلالها على الفيدرالية وطرق تكوين الدولة بشكل مبسط وسريع.
تعرف الفيدرالية بكونها نظاما سياسيا يقوم على إعادة توزيع السلطات الثلاث الرئيسية للدولة “التنفيذية - القضائية - التشريعية” بين المركز “العاصمة الاتحادية” وبين الأقاليم المكونة للدولة الاتحادية، بحيث يمنح كل إقليم كامل الصلاحيات في إدارة شؤونه بعيداً عن احتكار المركز وبيروقراطيته وهيمنته، ويصبح لكل إقليم سلطات مستقلة تقوم بوظائفها بموجب دستور اتحادي تتفق عليه كل قوى الشعب سياسياً واجتماعياً ويتم الاستفتاء عليه بطريقة مباشرة، ويصبح لكل إقليم حكومته الخاصة ومحاكم مستقلة خاصة بكل إقليم وبرلمان ينتخب لكل إقليم، وتحتفظ الدولة الاتحادية بسلطات التمثيل الخارجي وواحدية الجيش والعلم الوطني وإصدار العملة والجنسية “بطاقات الهوية وجوازات السفر وما شابه”.
كما أنه يصبح من حق كل إقليم إصدار تشريعات تتلاءم مع ظروفه الاقتصادية مثل تحديد نسبة الضرائب والواجبات الزكوية والرسوم الجمركية وما شابه ذلك من عائدات الثروات غير السيادية، بينما يتم الاتفاق على نسبة إعادة توزيع عائدات الثروات السيادية مثل النفط والغاز والمعادن بين الحكومة الاتحادية وحكومات الأقاليم التي تظهر فيها هذه الثروات، وبما لا يحقق أي احتكار أو ظلم من أي طرف من الأطراف.
تنشأ في الدولة الاتحادية محكمة متخصصة في حل النزاعات الدستورية والخلافات التي يمكن أن تظهر بين الحكومة الاتحادية والأقاليم أو بين الأقاليم فيما بينها تسمى “المحكمة الدستورية” يتم تعيين قضاتها بنسب متساوية من جميع الأقاليم وتمنح صلاحيات لا يمكن لرئيس الحكومة الاتحادية أو أية سلطة أخرى سحبها منها، ومن ضمن مهامها أيضاً تفسير الدستور والمواد الدستورية.
كما أن النظام التشريعي للدولة الاتحادية يحتوي على غرفتين تشريعيتين “البرلمان - مجلس تمثيل الأقاليم” يشكلان في حال اجتماعهما “الجمعية الوطنية” ويتم انتخاب أعضاء البرلمان الاتحادي وفقاً لعدد السكان لكل إقليم بينما يتم تمثيل جميع الأقاليم بنسب متساوية في مجلس تمثيل الأقاليم.
هذه أبرز ملامح النظام الفيدرالي الذي يخافه الحوثي ويخوف به مناصريه، وبعيداً عن تحليل نوايا الحوثي وتفسير تحركاته الرافضة لإعادة تقسيم الدولة البسيطة إلى دولة مركبة مكونة من ستة أقاليم لا يمكن القول إن هناك بديلا أنجع للخروج من حالة العبثية التي تقوم بها جماعات العنف المسلح سوى التفاهم والتراضي حول شكل جديد للدولة يضمن للشعب كل الشعب الشراكة في السلطة والثروة، غير ذلك لن يكون إلا المزيد من الحرب، المزيد من الضحايا، وعندها لن تجد هذه الجماعات دولة يمكن أن تحكمها أو تسيطر عليها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى