استثناء من المستثنى

> محمد بالفخر

> لفت انتباهي صورة منشور تم تبادله عبر وسائل التواصل صادر من حكومة الشارقة مضمونه السماح لكل المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي بدخول دولة الإمارات دون تأشيرة مسبقة يستثنى من هذا الأمر (اليمنيون)، وإذا بهذا الواقع حاصل في قطر كما أخبرني بذلك صديقي العزيز (أبو ريّان) الذي ركب سيارته مع أسرته وتحرك من الرياض، وأنهى إجراءات الخروج من المنفذ السعودي، وإذا بجوازات المنفذ القطري تعيده من حيث أتى على الرغم من محاولته شرح الأمر للمسؤل القطري بأنه مواطن حضرمي فُرِضَت عليه هذه الهوية قسرا فكان الرد: أعلم ذلك يا عزيزي ولكن الجواز الذي تحمله جواز يمني!، فما كان منه إلا أن عاد نادبا حظه ووقته المهدر دون جدوى.
وهو يسرد عليّ قصته سرح بي خيالي إلى ما كان قبل العام 1990م وتلك اللافتة الجميلة التي كانت معلقة في صالة إدارة الجوازات السعودية بمدينة جدة، والتي أجدها كلما ذهبت لتجديد الإقامة أو استخراج تأشيرة الخروج والعودة أو غير ذلك من إضافات تلك اللوحة، مكتوب عليها (قسم الحضارم)، وبطبيعة الحال يدخل تحت هذا القسم الإخوة من بقية محافظات الجنوب على ما أذكر.
ومعروف منذ القدم أن المواطن الحضرمي يتنقل بين البلدان ويوصف كأفضل مقيم في تلك البلاد من كل النواحي، كان مثالا للنظام واحترام النظام وبعيدا عن إثارة أي مشكلة أو شجار حتى على مستوى الأطفال في الحارات أو الطلاب في المدارس، وكثير منهم حصل على جنسية ذلك البلد الذي هاجر إليه وأصبح منهم المسئول أو صاحب المنصب والجاه.
ومن تلك الدول دول الخليج العربي التي كانت مهجرا لكثير من الحضارم، وخاصة أنهم يشتركون معهم في كثير من الصفات والعادات، ولديهم أنماط حياة متشابهة تماما معهم، وعاش الإنسان الحضرمي مثله مثل المواطن في تلك البلاد، لم يشهد تمييزا، ولم يشعر بضيم فيها، وأقصد هنا دول الخليج تحديدا.
لكن ما يؤسف له أنه بعد عام 1990م لم يعد ذلك الاستثناء موجودا، وصحيح أن هناك أجيالا أتت في تلك البلدان تتعامل مع الواقع الرسمي، فلا فرق عندها بين من يأتي من وادي دوعن ولا الذي يأتي من جبال حجة، كلهم سواء أمام الأنظمة الإلكترونية الصماء، أضف إلى ذلك المواقف السياسية للرئيس السابق إبان الغزو العراقي للكويت هي الأخرى ألقت بظلالها على أبناء اليمن بشكل عام وكذلك على الجنوبيين، ومن ضمنهم أبناء حضرموت.
تلك المواقف الموتورة التي اتخذت في جلسة قات غير بريئة لم يحسب فيها الضرر البالغ لملايين المواطنين في الخارج الذين قد يقع عليهم جراء هذا النزق السياسي، والتي يدفع المواطن المغترب ثمنها حتى هذه اللحظة.
وكما نعيد ونكرر لنا كأبناء الجنوب أن الوحدة لم تجر على المواطن الجنوبي إلا أسوأ حصاد فمن نهب لخيرات الجنوب وتضييق على الشعب الجنوبي وممارسة إفقار متعمد له وهدر لموارده، إلى المعاناة في المهجر على اعتبار أنه جزء من اليمن، وها هو اليوم يدخل ضمن القرار الإماراتي في استثنائه من منحه تأشيرة دخول للإمارات وغيرها، كما أشرنا سابقا، برغم معرفة الخليجيين والقيادات الخليجية لما يعانيه شعب الجنوب في ظل بقائه ضمن وحدة لم يعد يقبل بها ولا يرى فيها خيرا له.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى