زخم ثورة فبراير يتوهج

> أحمد ناصر حميدان

>
أحمد ناصر حميدان
أحمد ناصر حميدان
الثورات الشعبية التي تعم المجتمعات ليست ترفا، بل لها ظروفها الموضوعية والذاتية ودوافعها التي اضطرت هذه الشعوب لتفجيرها ضد واقع سيئ لخلق واقع يلبي آمالها وطموحاتها، وتسمى بعدد من التسميات كان آخرها الثورات العربية التي أطلق عليها الربيع العربي برغم ما تعانيه من تعثر أو انتكاسات، إلا أنها هدت أوكار الاستبداد والأنظمة البائدة، وقدمت درسا لا يستهان به.
إن هذه الشعوب هي شعوب حية وحرة ولها إرادتها، وإنها موحدة بكل أطيافها وتوجهاتها، وإن توهم البعض أنه استطاع احتواءها أو حرف مسيرتها لكنها تثبت كل يوم أنها هنا، وقادرة على أن تصنع مستقبلها، وأن تجتث من تسول له نفسه العبث بهذا المستقبل، تحت مسميات عدة.
عاد الزخم الثوري يغلي في بعض الأقطار التي حدث فيها انسداد في مسارها الثوري كمصر واليمن، مصر لتجاوز البعض إرادة البعض، وتدخل الجيش في الحسم ضد البعض، واليمن لتوهم قوى العنف أنها ستحسم المشهد لصالحها بالعنف وستركع الجميع لرغباتها وقناعاتها بقوة السلاح والقبيلة والمذهب، لكن الجماهير اليمنية تصدت لها اليوم، فلا خيار لدينا بغير استعادة روح الثورة من سبتمبر وأكتوبر إلى فبراير 2011م، وهي امتداد لبعض وتكملة لبعض، تحمل نفس الأهداف والطموح والآمال، لا يمكن أن تتحدث عن ثورة تلغي ثورة سبقتها إلا أذا كنت فعلا تمثل ثورة مضادة لتلك الثورة أو تسللت منها ضدها، فالثورة الشعبية تتدفق من كل عناصر الواقع المزري الذي تبحث عن تغييره، والذين يتحدثون عن ثورة جديدة بمعزل عن الثورة الأم والثورات التصحيحية التي رافقتها، لا يملكون غير مشروع خاص بهم أو أنهم يحنون للمنقرض بفعل تلك الثورة، اليوم هو نتاج لهذا الصراع، والمخدوعون كثر يسيرون على هداهم، وفجأة يجدون أنفسهم يخدمون أعداءهم من حيث لا يعلمون.
علينا كقوى ثورية شبابية شعبية أن نسير على هدى ثورة سبتمبر وأكتوبر، ونستكمل أهداف ثورة فبراير التي تمثل كافة أطياف الشعب اليمني في بقاع أرضه الطيبة، ومن يطمسون ذلك ليستبدلوه بما يسمونها ثورة 21 سبتمبر هم يبحثون عن إلغاء كل القوى الثورية ليكونوا وحدهم قوى الثورة، وتكون الثورة مشروعهم وحدهم، وهذا ما يحدث اليوم، هم اليوم قوى الثورة الوحيدة، والشعب الوحيد، وغيرهم هم مارقون، متآمرون، إرهابيون، فسدة، هذا هو خطابهم ولغة تخاطبهم مع الآخر، متناسين أن الثورة الشعبية هي ثورة الشعوب قاطبة، صداها يؤثر في بقاع الأرض، لا تختص بمربع جغرافي أو مذهبي أو طائفي معين، إن صرخاتها يستجاب لها في كل ركن من أركان الوطن.
ثورة فبراير التي لازالت ترعب النظام السابق بمجرد سماع كلمة ثورة، عم صداها ربوع الأرض ونفوس البشر، لا تجد بيتا أو حيا أو قرية أو بقعة من أرض الوطن إلا وفيها ثائر وثوار، هي من أنتجت ظروف اليوم التي أتاحت لكم السيطرة، هي من حررتكم من جبال مران وحصار الاستبداد، ثوارها كانوا رفاقكم في النضال، اليوم هم ضحاياكم في الانتهاكات، اليوم هم يواصلون الثورة، وأنتم تنقلبون عليها.
لا حل للوطن بغير استمرار الزخم الثوري ليجتث الاستبداد وقوى العنف ومظلة الفاسدين والنافذين من أحزاب وكيانات كانت أمامها فرصة تاريخية لتخلع من على كاهلها رموز الاستبداد والفساد للنظام البائد لتتحرر كغيرها من فئات الشعب وتجعل الوطن في أولوياتها واهتماماتها وتتطهر من الزعامات والرموز الأوراق المحروقة والمداسة والمرفوضة من قبل الجماهير الثورية. المرحلة الفائتة فرزت من هم مع الثورة الشعبية، ومن كانوا يستظلون بها للهروب من عقابها حتى لا تحرقهم نارها، اليوم ثورة فبراير أكثر تحررا من النافذين وتطهرت من الطفيليين، وعاد ثوارها الأوائل، من أشعلوها فيما مضى لحمايتها، إنهم ثوار الاشتراكي وشبابه واليسار، كالناصري، وغيره، والجنوب هو من تحمل كسر حاجز الخوف والصمت.
فلتستمر ثورة الشباب الشعبية، ثورة فبراير، بزخمها لتقتلع قوى الاستبداد والعنف والنفوذ والقوى التقليدية المتخلفة في القبيلة والقوات المسلحة من نافذين عسكريين يتآمرون على الوطن ويسلمونه لقوى العنف القبلي والمذهبي.. وإنها لثورة حتى النصر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى