الدبابة دائما على حق!

> عبد العزيز المجيدي

>
عبد العزيز المجيدي
عبد العزيز المجيدي
المسكونون بهوس، نرجسية “المركز”، يستخدمون كل وسائل الدعاية لإضفاء مسوح الشرعية على سلوكهم الانقلابي الانفصالي المدمر.
لا يتصرفون باعتبارهم أولاد غير شرعيين لمبدأ جوبلز الدعائي فحسب، بل ومحاولة محاكاة الشوفيينة العرقية والشعبوية لألمانيا هتلر، مع فارق عظمة هتلر الذي كان يستنهض شعب ألمانيا، وليس طائفة منه.
لقد صنعوا “الفراغ” الذي يسرفون في الحديث عنه اليوم بفعل انقلابي ذي صبغة انفصالية طائفية عن اليمنيين، ويوكلون مهمة ملئة لجهاز دعاية بدائي، يشتغل في فراغ إعلامي أيضا يطغى عليه الوعظ وشغل المواربة، “والقاصدين الله” وفق مبدأ أكذب ثم أكذب حتى يصدقك الناس.
من أسف أن الجميع منشغل الآن بالحديث عن فراغ رئاسي ودستوري، بينما كان يتوجب عليهم حيازته بإرادة الشارع الحرة، المساندة لرئيس شرعي تعرض لانقلاب مسلح وهو قيد الإقامة الجبرية الآن.
لا أدافع عن هادي، فقد كان سيئ التقدير والتدبير في أوقات كثيرة، لكنه في الواقع كان محاصرا بمراكز نفوذ مدججة بالمزاعم الدينية والتاريخية، وباستثمار رخيص للعصبيات المستفحلة.
إذا كان ثمة مجال للحديث عن مشروعية أحد الآن فهي للرئيس هادي الذي جاءت به مبادرة وقعت عليها كل الأطراف، رغم أن أول المرحبين بالانقلاب عليها بصورة ضمنية رعاتها الكبار!.
لكن المنطق الأعرج يمضي في رسم وضع البلد بصورة مضللة، فالانقلاب، غدا استقالة، وصار الحديث مركزا حول ترتيبات ما بعد هادي في إطار رغبة دولية ومحلية لشرعنة الانقلاب، ووضع التدابير اللازمة لاستكمال مزاعم الحوثي المثيرة للسخرية عن “انتقال سلمي للسلطة”.
وفق هذا المنطق تعالوا لنضع النقاط على الحروف لنعرف كيف يجري لي ذراع الحقيقة وفق منطق: الحقيقة دائما في جواري، لأنها في حضن البندق أصلا!.
عندما سقط صالح في نهاية مايو 2011 محروقا في قصف على قصر النهدين بصنعاء ضمن معركة حربية دارت مع خصومه القبليين، بينما كان الشعب منتفضا ضد حكمه في الشوارع خرج العالم زاعقا بكل عبارات التنديد والشجب.
أيا يكن الأمر فقد دان الجميع الهجوم بمن فيهم شباب الساحات، لكن ما ترتب عن الواقعة، جعل البلاد في حالة فراغ دستوري حقيقي: سقط رئيس الوزراء ، ورئيسا مجلسي النواب والشورى، وأصبحوا بالفعل عاجزين عن ممارسة أي مهام لإدارة البلاد.
لكن السلطة في الواقع لم تكن بيد هؤلاء الآخرين، ولم يكونوا يمثلون عمليا سوى الواجهة الديكورية لحكم صالح، لقد كان الأمر بيد أحمد علي وعائلة صالح الآخرين المسيطرين على مفاصل الجيش والأجهزة الأمنية التي واصلت معركة سحق شباب الساحات، وتوجوها بمجزرة 18 سبتمبر 2011.
كان على الشرعية الدستورية المفترضة وقتها أن تأخذ هادي نائب الرئيس المفترض إلى موقع الرئاسة ليكون الحاكم البديل وفقا للدستور، لكن الدستور (الكذبة) لا يحكم كالعادة، وظل الفراغ مهيمنا على البلاد حتى قام صالح بنقل السلطة إلى نائبه كجزء من التزامات المبادرة الخليجية بعد توقيعها في 21 نوفمبر 2011.
لقد استمر الفراغ الحقيقي ستة أشهر تقريبا، ونسي الجميع الدستور، وأذعنوا لقوة الأمر الواقع حيث الجيش والأجهزة الأمنية الموالية والمبنية على أسس قبلية ومناطقية هي دستور صالح غير المكتوب، فمارست لاحقا كل إشكال التمرد ضد الرئيس الشرعي “الدستوري” وصولا إلى الانقلاب!.
الآن يبلغ العبث والاستعلاء والغطرسة مداه، فالحوثي يجمع أتباعه باعتبارهم “الشعب”، وشعب الحوثي “العظيم” يمهل القوى السياسية 3 أيام للاتفاق على صيغة لملء “الفراغ”!.
أما صالح ودكانه الحزبي فيطالب بإعمال الشرعية الدستورية، والقوى السياسية الأخرى لا تفعل شيئا، سوى استقبال الإملاءات، ولعب دور “المحلل” لنكاح مطلقة.
الشرعية الدستورية التي يتحدثون عنها ليست بإزالة الانقلاب المسلح كما هو مفترض، بل بشرعنته، وملء الفراغ بواسطة قوة الأمر الواقع.
بهذه الطريقة سيحكمون البلد على الأرض، وستترك للقوى السياسية منصة احتفالات، وسنشاهد رهائن جدد بيد الميليشيات والتحالف الانقلابي الانفصالي في صنعاء.
هم دائما على حق، لأن الدبابة المستوية على عرش العصبيات هي الدستور الذي يتحدث بالنيابة عنهم!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى