كيف يتعلمون السياسة ويخطئون في ممارستها ؟!

> أحمد محسن أحمد

>
أحمد محسن أحمد
أحمد محسن أحمد
كل من قبل أن يكون فاعلا بعلم ودراية وذكاء في عالم السياسة لا بد له أن يكون قد درس وتعلم شيئاً من العلوم السياسية وفهم دروس التاريخ وتطورات الأمم وتجاربها في الحياة وما اعترتها من مفاعل النضال والكفاح من أجل التغيير! غير أن هناك من دخل معترك الحياة السياسية وهو خاوي الوفاض، وهناك فرق بين النمط الأول والنمط الثاني.. العالم بقواعد اللعبة السياسية.. والجاهل، غير أن هناك شيئا يمكن لنا الاعتراف به.. وبه أيضاً يمكن لنا أن نفهم سقوط النمط الأول في معترك السياسة، وهو العالم، وبه في الجانب الآخر نقبل ببقاء الجاهل بجهله واقفا في ساحة ومعترك السياسة، ذلك الشيء هو الاستفادة من دروس المعارك السياسية، حيث أن هذه الدروس يمكن لها أن تعلم الجاهل وتطمس الطريق عن العالم إذا سها وتجاهل دروس الحياة السياسية وما تقدمه من نتائج عملية لصالح الأهداف التي يسعى إليها العالم والجاهل معاً.
من هذه السطور (المبعثرة) سلفاً.. نريد بها أن نقيس واقع الحال فيما نحن فيه وعليه في هذا البلد المشطور، بل والمنهوب كهوية ومستقبل!.. أبحث عن ذلك النمط الأول من الناس وقياداتهم، ذلك النمط من الفاهمين في الأمور السياسية فأجدهم يجهلون كل ما يدور حولهم.. وكل واحد منهم يبدأ حديثه بالقول “لا أعرف ما يدور على الساحة”.. و لكنه لا يقف عند جهله بما يدور حوله لنجده يقول “ولكن أنا أعتقد أنه كيت وكيت...” ويروح يسرح في عالم من التكهنات التي لا صلة لها بالواقع المعاش.. أما الجاهل الذي يصر على وقوفه في ميدان المعركة فإنه يعرف أن مصيره هو نفس مصير كل من يقف من حوله ويرمي كل شيء على المجهول.. و يعبر عن ذلك بقوله “تجي كيفما تجي.. وعلى الله الخراج”.
يوم 19 يناير الماضي.. صحوت من سباتي العميق على أخبار الأحداث المتصاعدة والمتطورة في صنعاء.. يومها خرجت من المنزل وفي رأسي مهمة واحدة قد كونت أطرافها من ليلة البارحة التي أصبحت متأقلمة مع أحداث صنعاء.. تلك المهمة هي أخذ ملف زوجتي المتضمن تقريرها الطبي للدكتور العزيز الخضر لصور، مدير عام مكتب الصحة بعدن ليرى ما يمكن له أن يقدمه لي كمساعدة في رحلة علاجها إلى الخارج.. لكن طرأ على ذهني المتُعب مهمة أخرى.. وهي ماذا عسى أن يكون حال ساحة الحرية واعتصام أبناء الجنوب في خور مكسر، وكيف سيتم النظر لما يحدث في صنعاء وتأثيره على القضية الجنوبية العادلة؟!.
نسيت وأنا في الطريق أن اليوم هو يوم العصيان المدني.. الذي علق عليه بعض الظرفاء بأنه لم يعد عصيانا بقدر ما تحول إلى خيزرانات ! لذا اضطررت لأن أتوجه إلى ساحة الاعتصام مباشرة وأرى ما يحدث وسيحدث فيها.. كانت الساعة العاشرة والنصف صباحاً.. لن يصدق أحد ما وجدته.. نيام في الخيم.. ما عدا رجل كهل كان يمازحه بعض الشباب الذين صحوا من بدري لأمر خاص بهم.. وتوجهت إلى المنصة التي (تلعلع) طوال اليوم حتى المساء في الأيام العادية.. كانت المنصة خاوية وساكنة.. عدت إلى المساحة الصغيرة حيث كان الرجل الكهل والشباب يتمازحون.. سألتهم “ألا يعرف أحد من قيادة هذا الاعتصام ما يحدث في صنعاء” فردوا علي بفتور “ماذا حدث” فقلت لهم بنفس برودهم “لا شيء.. يعيش الجهل والغباء” ثم عدت لسيارتي لأتابع الأحداث كأضعف ما أملكه في هذه الحالة لعل من قال “إن الجهل نعمة.. والعلم نقمة” قد أصاب في قوله.
آخر الكلام:
لو في فرصة للاستماع لقصص ساحة الاعتصام.. تلك القصص التي لا ولن يعرفها قادتهم لأعادوا التفكير في الكثير مما هم عليه.. وحتماً سيراجعون حساباتهم التي يحسبونها بجهالة.. سأحتفظ بذلك ليوم من الأيام.. ولقد أصاب المناضل الأممي الراحل تشي جيفارا عندما قال.. “الثورة يخطط لها الدهاة وينفذها الشجعان.. ويستأثر بها الجبناء”.
ولنا في اللقاء القادم فرصة لطرح شيء من تلك القصص المؤلمة والموجعة.. فقط نطلب (مسبحة الأمان) عندما نصارحهم بما هم عليه من أخطاء.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى