إرهاصات الحرب والغرور.. هل تتوقف ؟

> أديب السيد

>
أديب السيد
أديب السيد
رحم الله القيادي والشاعر عوض الحامد الذي قال:
من كوخ طلاب الحياة
كوخ الوجوه السمر .. شاحبة الجباه
يتصارع الضدان .. لا المهزوم يفنى
كلا .. وليس المنتصر ضامنا بقاه
الجميع مشغولون بما يجري هذه الأيام، والكل متخوفون من قادم مخيف يلوح في الأفق، ومعهم الحق في ذلك، ليس لأنهم باتوا يدركون أن الحرب قادمة فقط، بل لأن ما يجري حقيقة هي إرهاصات الحرب بكل ما تحمله المرحلة من تطورات متسارعة.
وما لم تتحرك القوى الوطنية والسياسية لحل عاجل، يخرج الشمال من حروبه، ويمنع أي توسع لها إلى الجنوب، فقد يقع الفأس في الرأس، خاصة وأن هذه الحرب القادمة - والتي تبدو مؤشراتها واضحة - ليست لهدف نبيل، بل هي حرب لأجل الحرب لكونها متعددة الأطراف والمشاريع، وليست معلومة الهدف، بقدر ما هي عبثية ومكابرة تسعى لطحن الشعبين المطحونين في اليمنين الشمالي والجنوبي.
صحيح أن التاريخ يعيد نفسه، طالما وجد مشعل الحرب ومسعرها “صالح”، الذي يعيش على الأزمات والقلاقل، فإن الأمور لن تكون بخير، خاصة مع بقاء هذا الرجل الملطخة يداه وتاريخه بالحروب والقتل والدمار، والذي يريد أن يقول للجميع إن عهده البائد أفضل من أي عهد قادم، وأن شلته وعصابته هم الوحيدون القادرون على الحكم.
إن إرهاصات الحرب التي يجب على الجميع إيقافها، ووضع حد لعدم اندلاعها، هي الحشود والتجييش والتجييش المضاد، وتقاطر الدعم والأموال الخارجية لدعم أطراف الخلاف العسكري والسياسي باليمن.
فالسعودية وإيران، اللتان دمرتا عددا من البلدان العربية، ها هما ينتقلان إلى اليمن لخوض جولة جديدة من التدمير، رغم أن بإمكانهما أن يكونا عاملاً مساعداً للحل السياسي والسلام إذا ما كانا جادين في مواقفهما.
إضافة إلى تلك الإرهاصات انسداد الأفق سياسياً، واستقواء طرف أو أطراف ضد طرف آخر، فالقوى النافذة في شمال اليمن المتصارعة مع بعضها، لا سيما “العفاشيين والحوثيين والإصلاحيين” تدفع بقوة نحو الحرب، ومنها مسلسل إعادة ظهور صالح، صاحب الحرب الأولى على الجنوب وحلفائه، والتي كانت سببا في كل ما يحدث اليوم، معلناً الحرب مجدداً على الجنوب، في حين كان بمقدور الحوثيين الذين يسيطرون على الشمال، أن يلجموا هذا المغرور، لكنهم في الحقيقة، هم أرادوا ظهوره ليوجهوا رسالة لكل من يطالب باستعادة دولة الجنوب من الجنوبيين، غير مستوعبين أن الشعب الجنوبي أرادها ثورة سلمية مستمرة ولا تزال وستبقى، غير أنه لن يقف مكتوف الأيدي في الدفاع عن نفسه في حال تطلب الأمر ذلك.
ورغم أن الجميع يدركون أن صالح وحلفاءه الجدد الحوثيين وبقايا حزب الإصلاح، لن يتمكنوا من إنجاز أي تقدم في الجنوب نتيجة تفكك منظومتهم وانهيار عرشهم، إلا أن الأمور تكشف أن “صالح” بات يستخدم “الحوثيين” كورقة ساذجة جديدة ضد الجنوب، مثلما استخدم حزب الإصلاح والمجاهدين العائدين من أفغانستان في 94م، في حين حزب الإصلاح أضحى تيارين أحدهما يتمترس خلف “هادي” المتواجد في الجنوب، للنيل من خصومه “الحوثيين” بعد هزيمته في الشمال، والآخر متفق مع الحوثة على الدفاع عما يسمونها “الوحدة اليمنية” وبصفقات سرية.
صحيح أن الداعين للحرب تأخذهم “العزة بالإثم والعدوان”، لكن في نهايتها لا يوجد منتصر ومهزوم، بل هي عدو التعايش والاستقرار وبناء المجتمعات والتنمية، ولها تداعيات وآثار خطيرة ومدمرة.
الحرب، أي حرب في كينونتها، ليست حلاً للخلافات والصراعات، مع أنها قد تكون أحياناً مفروضة على طرف من طرف آخر، مثلما حدث في حرب غزو الجنوب عام 94م، لكنها تعد تأسيسا لخلافات وصراعات جديدة لها عواقبها الوخيمة على المتصارعين المتحاربين كأطراف، وعلى الشعب وأجياله القادمة.
ويحدثنا التاريخ أن الحروب لم تكن يوماً أسلوباً للاستقرار والأمن، ولم تكن حلاً مجدياً للتعايش، والخطأ الذي يعالج بخطأ أكبر منه، يصبح كارثة نتيجة المكابرة والعناد والجشع الذي يسري في نفوس البغاة والظالمين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى