دموع في رثاء الشهداء

> سالم الشبحي

>
سالم الشبحي
سالم الشبحي
كل واحد منا في هذه الدنيا تجرع كأس الفراق، وذاق علقم الفقد والشوق ولوعة الحنين والوداع، وأطلق تنهيدات عميقة من القلب، وذرف دموعا ساخنة من المقل والعيون.
والإنسان عندما يودع مسافرا فإنه يعيش على أمل اللقاء به ولو بعد حين، أما عندما يودع إنسانا تحت أطباق الأرض وهو يعلم أن العودة مستحيلة، وأن لا أمل له في لقائه بهذه الدنيا، فإن كأس الفراق مرّ قهار.
وعند فراق الأهل والأصدقاء يعبر كل إنسان عما يجيش في نفسه من مشاعر بطريقته، فهذا بالنحيب وذاك بالبكاء والدموع وغيره بالعويل والآخر بالصبر والسلوان.
وفي هذه المناسبة في الذكرى الثانية لاستشهاد كوكبة من الأبطال في تاريخ 6/8/2015، ومنهم اثنان من أعمامي وابن عمي وابن عمتي واثنان من أصدقائي وثلاثة من أبناء ردفان والصبيحة بانفجار لغم أرضي بالعربة التي كانوا على متنها أثناء مطاردتهم العدو وتمشيطهم الخط الواصل بين مثلث العند ولواء لبوزة في كرش.
وبهذه الذكرى الأليمة أردت أن أعبر عما في نفسي من مشاعر حزن وفقد وألم يملآن الحياة، لقد رحلوا من كانوا يجملون الحياة في عيوننا ويجعلوننا نراها أفضل، لقد رحلوا وتركونا نقاسي لحظات الرحيل المريرة على النفس، آه ما أصعب الرحيل وما أصعب ثوانيه ولحظاته.
كانت لنا آخر نظرة من وجوههم الطاهرة في مستشفى ردفان العام، وبعد الصلاة عليهم ودعناهم إلى مثواهم الأخير في مقبرة الشهداء بالحبيلين، ولكن ماذا بعد ذلك؟.. وبعدما توجهنا عائدين إلى بيوتنا، فحينها شعرت بأن الدنيا لاتتحمل ما في قلبي، لقد تغيرت ألوان الأرض وأصبحت الدنيا معتمة، والعالم يسوده السكون، قد سيطر الحزن على كل خلايا جسمي ولم أستطع استيعاب ما حدث، وأرى الناس صورا خيالية صامتين لا أستطيع التمييز بينهم، وإن تحدثوا بعض اللحظات لا أفهم مايقولون، قد لا أصدق أن تكون الأقدار قاسية هكذا.
لقد رحلوا من هم جزء من حياتي، لقد رحل أعمامي بعد ما غمرونا برعايتهم وعطفهم وتربيتهم، لقد رحل ابن العم الذي كنت أشعر بالفخر والعزة عندما يكون برفقتي، لقد رحل الأصدقاء. لقد كنت منتظرا لكم متى نجلس مع بعض ونتحدث حول النصر العظيم الذي أكرمنا به الله سبحانه وتعالى على الغزاة الطامعين في بلادنا.. ولكن فجأة بحدث مرعب تحولت الأفراح إلى أحزان أليمة وذهبت الروح غارقة في أطيافكم تسترجع الأيام واللحظات التي عشناها برفقتكم.. لم تستوعب نفسي كيف ستكون الحياة بعد وداعكم، وكيف نتحمل جحيم الفراق الذي أحرق قلوبنا.
وكما عاهدناكم أيها الشهداء سنمضي على نفس الدرب الذي من أجله قدمتم أرواحكم.. وما أجمل أن يموت الإنسان من أجل وطنه!!، والأجمل أن نحيا من بعدكم لأجل هذا الوطن.. ونسأل الله أن يرحمكم ويغفر لكم ذنوبكم ويسكنكم الفردوس الأعلى وينزلكم منزلا مباركا.. اللهم انزلهم منازل الصديقين والشهداء الصالحين واجمعنا بهم في جنات النعيم يا رب العالمين.
المنسق الإعلامي لكتيبة سلمان الحزم

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى