بسبب تدخلهم في المناهج الدراسية..مخاوف من ربط الحوثيين التعليم بالصراع الديني السياسي في اليمن.. وزير التربية لملس: يسعى الحوثيون إلى تفخيخ عقول أبنائنا الطلاب

> تقرير / صديق الطيار

> الانقلاب على الشرعية الدستورية في اليمن، الذي أقدمت عليه جماعة الحوثي، بإيعاز إيراني وبدعم وإسناد المخلوع صالح وقواته، طال كل شيء في المحافظات والمدن التي فرضت الجماعة سيطرتها عليها.. فعمدت تلك المليشيات الانقلابية إلى تغيير وتبديل كل مجالات ومناحي الحياة، بما يتوافق وسياساتهم الضيقة ورؤاهم وأفكارهم الطائفية السلالية.
ووصل الحال بتلك المليشيات الانقلابية إلى تفخيخ عقول الأجيال، فمست أيديهم الخبيثة العملية التعليمية، بتدخلاتهم الهدامة في المناهج الدراسية بصبغها بأفكار وسياسات طائفية مقيتة.
حيث قامت ما تسمى باللجنة الثورية العليا الحوثية بتوجيه قطاع المناهج بوزارة التربية والتعليم في حكومة الانقلابيين بصنعاء بضرورة العمل على تعديل المناهج الدراسية.. لأن المناهج الحالية - كما زعموا - قد تم فرضها من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل، وأنها سببت تراجعاً ملموساً في الواقع التعليمي انعكس على مخرجات التعليم وقدرات الأجيال وارتباطها بهويتها ومجتمعها وقضاياها المصيرية. حد تعبيرهم.
*تفخيخ عقول الأجيال
وفي لقاء صحفي أكد وزير التربية والتعليم في الحكومة الشرعية، الدكتور عبدالله سالم لملس، أن انقلاب الحوثيين طال كل شيء في البلاد، بما في ذلك العملية التربوية والتعليمية، من خلال تدخلاتهم المسمومة في المناهج الدراسية، وصبغها بطائفية خطيرة.. مشيرا إلى أنهم يسعون من خلال تلك التدخلات إلى ربط مناهج التعليم في اليمن بالصراع الديني السياسي. “وهذا يعتبر تسميما وتفخيخا لعقول أبنائنا الأجيال القادمة”.
*تغييرات عقائدية
وأوضح الوزير لملس أن تلك التغييرات والتحريفات التي مارسها الحوثيون بحق المناهج الدراسية استهدفت المواد المرتبطة بالجوانب العقائدية، كاللغة العربية ومادة القرآن الكريم والتربية الإسلامية والتربية الاجتماعية، في حين أن المواد العلمية لم تشهد أي تغيير أو تحريف، “مما يعد دليلا واضحا على حرص هذه الجماعة الطائفية على إضافة تغييرات ذات أبعاد وخلفيات عقائدية طائفية وليست تغييرات تهدف إلى تحسين وتطوير المناهج”.
*تحريفات ممنهجة
ويقول الدكتور صالح ناصر الصوفي، القائم بأعمال وكيل قطاع المناهج والتوجيه في وزارة التربية والتعليم إن الانقلابيين “عمدوا إلى تغيير المناهج الدراسية بمناهج جديدة قائمة على النفس الضيق وعلى أفكار طائفية ومرجعية شيعية إيرانية”. ويضيف: “فقد تجرأوا على تغيير وثيقة المنطلقات الرئيسية دون الرجوع إلى أسس ومعايير متعارف عليها عالميا، حيث تمت عملية تغيير وتحريف ممنهجة ضيقة للمناهج الدراسية وصبغها بصبغة طائفية”.
*سرية التغيير
وأكد الصوفي أن أولى التغييرات في المناهج كانت “باستبدالهم كتاب نهج القراءة للصفوف (1 - 3) الابتدائية بكتاب قديم جدا وعمموه على كل مدارس الجمهورية، ثم أتت التحولات الأخرى عندما قاموا بالانقلاب في 27 مارس 2015، وفي 5 أبريل شكلت لجان سرية لتغيير المناهج وبدأوا بكتب التربية الإسلامية واللغة العربية، ثم ألغوا البسملة من كتاب التربية الإسلامية للصفوف (1 - 3) الابتدائي في مايو 2015، ثم شكلوا لجانا أخرى لإجراء تصويبات على المناهج في التربية الإسلامية والقرآن واللغة العربية والتاريخ والجغرافيا والتربية الوطنية، حيث قدمت اللجان أعمالها وتصوراتها المبنية على النفس السلالي الطائفي لما يسمى باللجنة العليا للمناهج في يوليو 2016م، وتم طباعتها وتضمينها في المناهج الدراسية الحالية”.
*استشعار خطر تطييف المناهج
ويعبِّر ناشطون مدنيون وأولياء أمور الطلاب في المحافظات والمدن الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي عن مخاوفهم وقلقهم إزاء إقدام جماعة الحوثي على إضافة مدلولات طائفية في العملية التعليمية وربطها بالصراع الديني السياسي.
يقول أبو أكرم (ولي أمر وناشط مدني - محافظة صنعاء): “نخشى من صبغ الحوثيين المناهج الدراسية بالطائفية أن تفرض عقائدهم الدينية والسياسية على أبنائنا خدمة لطرف سياسي أو طائفي معين”.
ويؤكد أبو أكرم أن جماعة الحوثي كانت قد غيّرت المناهج الدراسية للمدارس الموجودة في صعدة قبل سنوات، “لتتحول تلك المدارس إلى أجهزة للتوجيه المعنوي مهمتها تجييش الأطفال من أجل الحرب، والنتائج والمخرجات لتلك المدراس ما نلاحظه الآن على الساحة”.
ووصف الناشط المدني أبو أكرم عملية تغيير المناهج الدراسية من قبل جماعة الحوثي بـ “كارثة كبيرة ستحل على الوطن”.. مشيرا إلى أنها ستزيد من الاحتقان المجتمعي وتمزيق النسيج الاجتماعي، وأنها ستؤدي إلى صراعات طائفية مذهبية لم تعرفها اليمن من قبل.
وتابع أبو أكرم حديثه قائلا: “للأسف منذ أن سيطرت جماعة الحوثي على المدن، بدأت الأصوات الطائفية تتعالى، وهذه أمور لم نكن نعرفها من قبل، كما أن أي إضافات للمناهج ذات طابع طائفي تعني القضاء على قيمة التعايش المجتمعي التي كانت تحكم اليمنيين في السابق”.
*الخوف على مستقبل الأبناء
وتقول أم محمد (وليَّة أمر - محافظة إب): “أرسلت ابني محمد للمدرسة ليتعلم العلوم الإنسانية التي تخدم المجتمع وليس لتعليمه المواضيع والقضايا الخلافية الدينية والتي تقوده للتعصب والتطرف”.. مبديةً قلقها من إمكانية الدفع بابنها الوحيد إلى مربع الخلافات الطائفية التي بدأت في أوساط الشباب، منذ سيطرة جماعة الحوثي على زمام الأمور في العديد من المحافظات والمدن في البلاد.
وتابعت أم محمد: “أشعر بالخوف على مستقبل ابني، وفي الوقت نفسه لا يمكنني إخراجه من المدرسة، لأني أحرص على أن يكمل تعليمه”. وطالبت بإزالة الأفكار الطائفية الخبيثة التي تم وضعها في المناهج التعليمية من قبل جماعة الحوثي، والتي - كما قالت - “يسعون من خلالها إلى تسميم عقول أبنائنا، وبالتالي استمرار للصراعات السياسية الطائفية في الوطن واستمرار لنزيف الدم اليمني”.
نشر الطائفية في المدارس
ويبدي الكثير من المراقبين قلقهم الشديد جراء حرص الجماعة الحوثية على نشر الفكر الطائفي الصفوي في المحافظات والمدن اليمنية الواقعة تحت سيطرتهم، والتي - كما قالوا - تبذل الجماعة جهودا كبيرة ومضنية لنشر أفكارها ورؤاها الطائفية المسمومة، منذ الوهلة الأولى من سيطرتها على صنعاء والمحافظات المجاورة، وشكلوا لجانا متخصصة لذلك.
ويؤكد المراقبون أن الحوثيين لم يكتفوا بعملية تعديل المناهج الدراسية وصبغها بالطائفية البغيضة، بل إنهم يقومون بتوزيع ما تسمى بـ “ملازم حسين بدر الدين الحوثي” على طلاب المدارس، وحث الطلاب على قراءتها. وهي أدبيات دينية سياسية طائفية ألفها مؤسس جماعة الحوثي، تحث الشباب على رفض محتوى المناهج التعليمية، ومنها ملزمته “خطورة المرحلة” وملزمة “مسؤولية آل البيت”. وأشاروا إلى انتشار قصص أطفال في مكاتب مدينة صنعاء تتحدث عن حياة وبطولات مؤسس جماعة الحوثي “حسين بدر الدين الحوثي”، ليتم توزيعها على الأطفال في عدد من المدارس.
ويؤكد باحثون في الفِرَق والجماعات أن الحركة الحوثية قد نشأت نشأة تعليمية للشباب المراهق. وقالوا إن مؤسس الجماعة “حسين بدر الدين الحوثي” كان يركز ويحرص على توثيق محاضراته في أفلام فيديو وأوراق مطبوعة تسمى “ملازِم”، ليقوم أتباعه بتصديرها إلى باقي المناطق اليمنية ومنها مدينة صنعاء، لنشر سياسات الجماعة وأفكارها الطائفية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى