كلية الآداب بجامعة عدن بين الواقع الصعب والطموح المستحيل.. نائب العميد: الآداب صرح لتخريج المفكرين والصحافيين ونخبة المجتمع وليست للفاشلين

> رصد/ علاء عادل حنش

> تبدأ كلية الآداب عامها الجامعي في خضم تطورات جديدة خلفتها الحرب وألقت بظلالها على قطاعات التعليم الجامعي بشكل عام، إضافة إلى ما تعانيه هذه الكلية من ظروف سابقة تحد في أحايين كثيرة مما هو مطلوب منها وما ينتظره المجتمع من كوادر وكفاءات.
الآداب تُعتبر من أهم الكُليات في الجامعات المرموقة إلا أن كُلية الآداب في بلادنا تُعاني من الإهمال والتراجع على الصعيد العلمي، حيث تُعتبر الصرح الذي يولد منه الإعلاميون والصحفيون والأدباء والكُتاب، لكنها في بلادنا أصبحت صرحًا للطُلاب الذين يمتلكون أقل المعدلات.
كُلية الأداب بجامعة عدن تأسست في العام 1995م، وتمتلك 16 قسما بما فيها قسم الصحافة والإعلام الذي يُعتبر من أهم الأقسام، غير أنها لم تستطع تجاوز الواقع السيء، رغم ما تشهده من تحسينات من ناحية البُنية التحتية، والمؤسف المناهج التي تُدرس فيها، وحتى عدم وجود موقع رسمي على شبكة الإنترنت باسم الكلية حاليًا كأقل شيء يُقدم للطلاب.
بداية التقينا بنائب العميد للشؤون الأكاديمية أستاذ مُشارك د. قاسم عبد عوض المحبشي، الذي تحدث عن الصعوبات التي تجاوزتها الكلية في العام الحالي حيث قال: "هناك جهود بُذلت من قبل رئاسة الجامعة المُمثلة بالدكتور الخضر لصور بإعادة تأهيل كلية الآداب من حيث البُنية التحتية بدعم المنظمة الكويتية كقاعة ابن خلدون وبعض القاعات الدراسية".
وأضاف: "منذُ إنشاء كلية الآداب عام 1995م تخرج عديد من الصحفيين والأدباء والمثقفين والكُتّاب لكن ليس كما كُنا نحلم.. لأن الآلاف من الأدباء والصحافيين لا نعلم أين هم؟".
وأشار إلى أن مشكلة كُلية الآداب تكمن في استقبالها للطلاب الذين لا يجدون حيزًا في الكُليات الآخرى، حيث أن من المفترض ألا يدخل الكلية إلا نخبة المجتمع، والذين لديهم قُدرات ونوايا أدبية وإعلامية وفكرية، متأسفا من الذين يعتبرون كُلية الآداب كُلية زائدة عن اللزوم، حيث يقول البعض إنه لا يذهب إليها إلا الفاشلون.
وأكد المحبشي أن "كلية الآداب لم تفتح باب التسجيل حتى الآن في حين استكملت باقي الكُليات تسجيل الطلاب، وهو الأمر الذي سيجعل من فشلوا يسارعون بالالتحاق في كُلية الآداب، وهم لا يخضعون لامتحانات قبول إلا في بعض الأقسام، وبعضها تفتح أبوابها لكلّ من تقدم لها، حيث بعض الأقسام تبحث عن الطلاب، أي أن هناك نظرة غير طيبة ناحية الكُلية"، مضيفا: "الكلية هدفها تنمية المُجتمع كُله، والإنسان بالذات العقل والروح والجسد".
وتطرق المحبشي لاجتماع مجلس الكلية السابق حول الاستعدادات للعام الجديد ومستوى الجاهزية وقال: "أقرينا بضرورة إعادة تأهيل وهيكلة الكلية، فمثلًا يوجد قسم الجغرافيا في الآداب وفي التربية، وكذلك التاريخ وغيرها"، مضيفا: "إن في الأونة الأخيرة حدث نوع من إنعاش روح الكلية، خصوصًا الإحباط الذي أصاب الطلاب والدكاترة في الفترة السابقة، مع إقامة فعاليات أسبوع الطالب الجامعي لجميع الأقسام، وإقامة ندوات وحلقات نقاشية تزامنا مع تغطية إعلامية لها، وهذا اعتُبر تنشيطا للطلاب والمعلمين".
وأشار إلى أنهُ "دعم مكتبة الكُلية بـ 500 كتاب من مكتبته الشخصية، وطالب زملاءه الدكاترة بدعم المكتبة بالكتب التي سيستفيد منها الطلاب".
وتطرق المحبشي لقسم الصحافة والإعلام الذي اعتبره أهم نافذة في أي بلد قائلا: "كتبتُ قبل عام مقالا بعنوان (أما آن الأوان لإنشاء كلية للإعلام) تطرقت فيه لأهمية لإنشاء كلية للإعلام، والآن بدأت ملامح تشكيل كلية، خصوصًا مع قرار من الجامعة بالموافقة على إنشاء كلية للإعلام، وقرار من مجلس الكلية، وهناك مشاريع لتطوير القسم من الناحية الفنية، لكن الناحية المنهجية نحن بأمس الحاجة لإعادة هيكلة الإعلام، لأن المواد أصبحت لا تشبع الطلاب".
وختم نائب العميد للشؤون الأكاديمية د. قاسم المحبشي بتوجيه رسالة للطلاب قال فيها: "أبنائي الطلاب يجب أن تتمسكوا برسالة الجامعة وهي أمانة الكلمة والصدق والإخلاص، وأن لا تكتفوا بما تدرسونه في الكلية، والدراسة الجامعية لا تُعتبر نهاية التعليم بل بدايته".
من جانبه قال رئيس قسم الصحافة والإعلام الدكتور محمد علي ناصر: "إن أهم المشاكل التي كانت تواجهنا في قسم الصحافة والإعلام هو عدم وجود القاعات الدراسية غير المؤهلة دراسيًا، لكننا سعينا لتأهيل القاعات، ونحن نستقبل العام الدراسي الجديد بقاعات مؤهلة عاليًا من حيث السعة والكراسي والإضاءة والتكييف، وهذا سينعكس إيجابيًا على معنويات الأساتذة والطلبة".
اراء طلاب كلية الاداب
اراء طلاب كلية الاداب

وأشار إلى أن "هيئة الإغاثة اليمنية الكويتية بالتعاون مع جامعة عدن ساعدت في إنجاز تأهيل العديد من البُنى في الكلية، لكن تظل هناك صعوبات أخرى تعانيها الإدارة في القسم أهمها ما يتعلق بالجانب العملي والتطبيقي والنقص فيه"، مؤكدأ أن "القسم يحتاج لاستديو إذاعي واستديو تلفزيوني وقاعة تحرير صحفي وإنتاج مواد العلاقات العامة، وغيرها من المتطلبات العملية التدريبية للطلاب".
وأضاف: "هناك نقص كبير في المراجع ومصادر المعلومات المتعلقة بتخصصات الأقسام الثلاثة، لكن نسعى لتطوير الوضع العلمي والعملي، خصوصًا مع اننا نطمح لتحويل قسم الصحافة والإعلام إلى كلية مستقلة كإحدى الكليات الهامة والحديثة التي يمكن أن تستوعبها جامعة عدن خلال هذا العام".
وتطرق إلى أن العمل يجري على إعداد مشاريع القسم فيما يتعلق بالبنى التحتية والتجهيزات الفنية الخاصة بالتدريب العملي، وهو ما يعمل عليه فريق من القسم من خلال إعداد الدراسات والتصورات اللازمة لهذا العمل الكبير الذي ستشهده جامعة عدن بإنشاء كلية الإعلام، بما في ذلك منهج جديد يتلاءم مع معطيات علوم الإعلام الحديثة، والذي سيكون أبرز مكونات كلية الإعلام الجديدة".
وختم رئيس قسم الصحافة والإعلام بالقول: "نتمنى التوفيق لأبنائنا الطلاب والطالبات، ونحثهم على الحفاظ على البنى التحتية، والالتزام بالدوام وحضور المحاضرات، بالإضافة لتنفيذ التكليفات والبحوث العلمية بوقتها المحدد".
والتقينا بطالب الاعلام رئيس المجلس الطُلابي أحمد اليافعي (سنة رابعة) الذي بين الفرق بين العام الماضي والعام الحالي قائلا: "عدم وجود قاعات دراسية في العام الماضي سببّ لنا أزمة من ناحية تلقي المحاضرات، لكن هذا العام توافرت قاعات دراسية مُناسبة"، مضيفأ: "بالنسبة لقسم الصحافة والإعلام خُصصت له قاعتا المُدرج وقاعاتان، بالإضافة لمُختبر مازال يُجهّز".
وأشار إلى أن "تجهيزات القاعات بالمكيفات والمقاعد تجعل الأجواء صالحة لتلقي المحاضرات، واعتبر بأنها أصبحت مُهيئة للتعليم"، مطالبا في الوقت نفسه بإعادة تفعيل الموقع الالكتروني للكلية، حيث قال: "عرضنا على عمادة الكلية العمل في الموقع مجانًا، لأن طلاب المحافظات البعيدة كسقطرى وحضرموت لا يستطيعون معرفة ما يدور في الكلية أو حتى يعرفون درجاتهم، فيتحملون عناء السفر".
من جانبها قالت الناشطة الإعلامية فاطمة الناخبي (سنة رابعة علاقات عامة) بأن "هناك تحسينات ملحوظة في القاعات الدراسية، لكنها لم تصل لما نطمح له"، مضيفة: "لن يفيد أي طالب غير شهادته الجامعية التي هي نتاج مُثابرة واجتهاد لأربع سنوات دراسية، بالإضافة للاستفادة من الخبرة والتجربة العملية، خصوصًا نحن الدارسين في مجال الصحافة والإعلام".
أما الناشط الإعلامي مُطلق فضل بن مسعود (سنة رابعة إذاعة وتلفزيون) فذهب لزاوية أخرى، وقال: "أتمنى أن تكون بداية هذا العام مُختلفة عن كلّ البدايات السابقة، فالسنة الأولى من دراستنا تزامنت مع اندلاع الحرب، والسنة الثانية كان لآثار الحرب دورا كبيرا في عدم الاهتمام بالجانب التعليمي، فيما السنة الثالثة ذهبت لنفسيات الحرب، فهناك أُناس ما يزالون مُتضررين من الحرب حتى الآن".
وأضاف: "كنا نعاني قبل الحرب من ناحية التعليم، وكان وضعنا سيئًا، حيث أن الجهات المعنية لا تُلامس حاجة الطُلاب، فمثلًا نحن في قسم الإعلام نفتقر للجانب التطبيقي، وندرس نظريا فقط، في حين أننا نحتاج للتطبيقي أكثر من النظري، والطالب الذي يشتغل على نفسه هو الناجح، والبقية كالخارج من المولد بلا حُمّص!".
وتابع: "نعلم بأن بناء الوطن عملية تكامُلية لجميع المهن وجميع التخصصات، فنحن نحتاج لطبيب ومهندس، وحتى لعامل النظافة، فلا بد لكلّ شخص أن يكون مُتخصص في عمله ومهنته، لكن عندنا للأسف أصبحت ساحتنا مفتوحة للجميع، فترى العسكري يعمل سياسيا، والسياسي عسكريا!".
وختم حديثه بالقول: "لكننا ما نزال نمتلك شُعاع من الأمل، بإذن الله، وأن يكون هذا العام أفضل، وإذا لم نرَ تغيير فيما حولنا يا ريت نغير من أنفسنا".
وختامًا القتينا مراسلة قناة بلقيس مروى السيد (طالبة سنة ثالثة) التي قالت: "نلاحظ وجود تطورات إيجابية ستحفز الطالب بحُب الدراسة، حيث كان في الأعوام السابقة نتعلم في جو شديد الحرارة مع انقطاعات الكهرباء المُتكررة، إلى جانب عدم وجود تكييف في القاعات الدراسية، وهذا يجعلنا ننفر من الدراسة، وكذلك عدم وجود التزام من جانب الإدارة في أوقات المحاضرات، فنتمنى بأن يكون هناك التزام في أوقات المحاضرات في العام الجديد، مثلما يطالبون الطلاب بالالتزام".
وأضافت: "نحن كطُلاب إعلام نحتاج لتطبيق، فليس معقولًا أن تستقبل وسائل الإعلام 100 طالب من الإعلام ليطبقون عندها، وإن استقبلت فنسبة 20%".
وطالبت بتوفير قاعة تحرير واستيديو تصوير، بالإضافة لإنشاء إذاعة خاصة بالقسم، ليطبقون من خلالها ما يدرسونه.
وختمت حديثها بالقول: "لماذا كل الذي ندرسه فقط يحكي الواقع قديمًا، في حين لم تتطرق مناهجنا للواقع الجديد، فنحنُ كما يعلم الجميع عشنا فترة حرب، فأين نحن من هذا؟".
وتُعاني كُلية الآداب من صعوبات عدة أبرزها عدم وجود حمامات مناسبة، وعدم وجود ماطور خاص بالكلية عند انطفاءات الكهرباء المُتكررة، بالإضافة لعدم وجود أجهزة الكمبيوتر والطباعة في مكاتب الدكاترة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى