الذهب الأبيض والمعلم الذي يتهاوى في أبين! محلج القطن بالكود.. بين إهمال الحكومة واهتمام العمال

> تقرير: سالم حيدرة صالح ومحمد الشحيري

> محلج القطن في منطقة الكود بمحافظة أبين صرح كبير ومدر للمال والعملة الصعبة، تم انشاؤه في منتصف الأربعينات من القرن الماضي إبان الاحتلال البريطاني مع المركز الزراعي للابحاث (أبحاث الكود)، وكانت الفكرة هي الاستفادة من زراعة محصول القطن في دلتا أبين التي تتميز بخصوبة أرضها وتدفق السيول فيها عبر سد باتيس إلى آخر منطقة للدلتا (الكود)، وبمساحة مزروعة تقدر (63000) فدان.
هذه الطبيعة جعلت بريطانيا تفكر في انشاء محلج القطن طويل التيلة وتصدير المنتوج الى بلادها للاستفادة من النسيج والغزل ليتم تسليمه للسلطنة حينها، التي بدورها شكلت لجنة (أبين بورت) للعمل في هذا المشروع لتأخذ (سنت) على كل رطل قطن من المحاصيل التي تُزرع، ومن حينها والمحلج يعمل بوتيرة عالية ويدر دخلا وفيرا وبعملة صعبة حتى الحربين الأخريين التي دارت رحاهما في عامي 2011م و2015م للقاعدة ومليشيات الحوثي وصالح، حيث دمرت البنى التحتية للمحافظة في الوقت الذي مر المحلج بمراحل تم فيه التقاسم والنهب والتعطيل والتدمير حتى أصبح اليوم صرحا لا يتبع أي جهة وعمالته بين المطرقة والسندان.
وظل ابناء الكود حريصين على المحلج خلال فترة حرب مليشيات الحوثي 2015 حتى مايو 2017م ليشهد العافية من خلال إبداء الأخ المحافظ اللواء أبوبكر حسين سالم استعداده لدعم المحلج وإعادة تشغيله حينما كان قائدا لمحور أبين وليس محافظا، واليوم وهو محافظ للمحافظة كان قد وعد لينفذ وعده بالاهتمام به وجاءت المبالغ المقدمة من مجلس الوزراء بعد زيارة بن دغر لأبين ووعوده بتوفير الكهرباء في المحلج من خلال توفير مولدين (400 كيلو وات)، ولم يصلا حتى اليوم.
جانب من المحصول القطن
جانب من المحصول القطن

لكن سيادة المحافظ قد عزم النية على أن يستقبل المحلج محصول القطن من مزارعي الدلتا، وبالفعل تم احضار المحصول من قبل المزارعين الذين كانوا محتفظين بمحصولهم في منازلهم لبيعه على المحلج بـ(100) ريال يمني للرطل الواحد.. كل هذه الأمور والخطوات أعطت دافعا كبيرا للعمال في المحلج الذي أصبح عددهم (15) عاملا وعاملة من أبناء الكود وزنجبار والحصن والخاملة وجعار بأن يعملوا بوتيرة عالية مع صرف مرتبات لهم لأربعة أشهر من قبل المحافظ حتى يتم متابعة مستحقاتهم السابقة.
ماذا قالوا ؟
العامل محسن علي هويدي قال: "توقف العمل في المحلج في فبراير 2015 م حتى مايو 2017م بعد ان زار الاخ المحافظ ابوبكر حسين سالم حينما كان قائد محور أبين ووعد بدعمنا وتشغيل المحلج وبالفعل حضر إلينا في مايو 2017م وهو محافظ للمحافظة وأعلن عن شراء القطن ليعمل المحلج منها إلى اليوم، وطالبنا بمستحقاتنا المتوقفة منذ سنتين وثمانية أشهر وصرف لنا راتب أربعة أشهر.. ومن هنا نقدم له الشكر والتقدير على خطواته العملية. ونؤكد أن العمل دون أن تكون الكهرباء مستمرة فإن ذلك غير مفيد كون الكهرباء ساعتين تعمل وتنطفئ أكثر من ست ساعات".
أما عبدالله عوض كابس (مشرف المكابس) فقال: "لا ندري نحن نتبع من؟ هل نتبع الصناعة أم الزراعة، أم أننا نتيع القطاع الخاص، أم ماذا؟!، بعد تشغيل المحلج في مايو الماضي كان علينا أن نوفر كمية من البذور من خلال حلج الكمية التي تم شراؤها مؤخرا من المواطنين والمزارعين، والحمد لله وفرنا وحلجنا وفرزنا البذرة بأكثر من (150) كيسا ولازلنا مستمرين في الحلج لتوفيراكبر كمية من البذور من أجل أن نلحق الموسم وزراعة القطن في الدلتا وفي المحافظة".
عوض سعيد المروح (مشرف الوزن بالمحلج) قال: "أولا ندعو المزارعين في الدلتا والمحافظة والمرتفعات الوسطى إلى استلام البذور منا في المحلج حتى لاينتهي الموسم في 15 أكتوبر القادم لزراعة القطن في اراضيهم، ونحن في المحلج على استعداد لاستقبال أي كميات من القطن لشرائه وحلجه.. وهناك عشرة ريالات زيادة في التسعيرة الأولى من إدارة المحلج والمكتب التنفيذي للمحافظة لكل رطل لإكثار البذور في المناطق التي تحددها إدارة إكثار البذور لتحسين زراعة القطن من أجل خلق بذور نظيفة ومحسنة وتحت إشراف كادر فني من إكثار البذور وهيئة البحوث الزراعية".
جانب من المحصول القطن
جانب من المحصول القطن

وأضاف: "نناشد المزارعين في محافظة لحج الوصول إلينا لنصرف لهم بذور طويل التيلة وزراعتها في محافظتهم وتوريد إنتاجهم إلينا لشرائه وحلجه ليعمل المحلج بشكل متواصل.. ونطالب بتوفير الكهرباء أو توفير المولدين اللذين وعد بهما الدكتور أحمد بن دغر رئيس مجلس الوزراء بطاقة (400) كيلو وات".
إيهاب علي المنصب السقاف (رئيس النقابة بالمحلج) تحدث قائلا : "بعد عودتنا من النزوح نتيجة لحرب القاعدة كانت هناك كمية من القطن وهي قليلة جدا منها (218) ألف رطل في المحلج و(9000) رطل في مركز الأبحاث، بإجمالي (320) كيسا التي أنقذها العمال من الحرب، وبدأ العمل بها في المحلج القديم، أما المحلج الجديد فدمِّر بالكامل، وبدأنا بصيانة المحلج القديم الذي بدأ يتعافى أيام المهندس فريد مجور وزير الزراعة والري عام 2012م بدعم وتشكيل لجنة لقطع الغيار وشرائها وتعليمها، علما بأن المحلج القديم سرقت منه الكيبلات وبقي هيكلا حتى 2012 م.. ولا توجد إدارة ولا مكاتب ولا عمل مؤسسي ولا وسائل نقل ولا يوجد ماء وهو المهم لعملنا بالمحلج وقريبا سيتم ربطه لنا من بئر الكدمة".
ناصر الحاج (رجل أمن بمنطقة الكود) أطلق عليه العمال الحارس الأمين للمحلج، وجدناه بين الآلات نائما في النهار وقت العمل في المحلج لم يقل شيئا، لكن العمال يؤكدون أنه لولاه بعد الله تعالى لتعرض المحلج للنهب والسرقة بالكامل.
صورة من لمحلج القطن
صورة من لمحلج القطن

أحمد حسين القبيلي - أمين المنطقة ومسؤول الحزام الأمني بالكود - هو الآخر يعمل بصمت في حراسة المدينة والمنشآت حتى أنه جمع عددا من الشباب لتسجيلهم في الأمن والجيش، وله مواقف طيبة في حل المشاكل ومساعدة أبناء الكود، يرابط ليل نهار في محلج القطن منذ حرب القاعدة ليحافظ عليه من النهب والسرقة.
نجيب هقري خميس - مدير المحلج - كان هو ختام استطلاعنا في المحلج، حيث لخص الهموم والمشاكل بعبارة مؤجزة قال فيها: "الهموم لا حصر لها، ونحن بحاجة إلى مصداقية وإمكانيات ليقوم المحلج بعمله على أحسن وجه".
تقرير: سالم حيدرة صالح ومحمد الشحيري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى