شهوة السلطة

> علي عبدالله الدويلة

> عدن مدينة الحب والخير والسلام ومنبع العلم والثقافة والمعالم التاريخية القديمة والفن الحضاري المجيد، وقد قال عنها أجدادنا اليمنيون المجاهدون بأنها قلعة الصمود والتصدي الباسلة، تميزت هذه المدينة الجميلة بجمالها الساحر والأحلام السعيدة ومناظرها الرائعة الخلابة وشواطئها الجميلة الدافئة وثروتها السمكية الهائلة ناهيك عن أهمية موقعها الجغرافي باعتباره معبراً لسفن البحارية الذي يحتل مكانة هامة وجعلها طمعاً للقوى الاستعمارية منذ عهد بعيد، ولكن بريقها الجذاب ما يزال حتى يومنا هذا.
ولكن من المؤسف وشيء لا يتصوره العقل ولا المنطق تعرضت هذه المدينة الجميلة لأكبر كارثة إنسانية لم تشهدها عدن من قبل نفذتها عصابات الغدر والخيانة من المتمردين الانقلابيين الحوثيين، وهم من أعداء الحياة وضعفاء النفوس الرخيصة الذين غالباً ما يلجأون إلى تشويه وتزييف الحقائق الموضوعية الهامة وتمزيق اليمن ووحدته المشتركة والاستيلاء على زمام السلطة الشرعية من خلال السيطرة والهيمنة على مدينة عدن، باعتبارها مدخلاً أساسياً يتحكم على الموارد الطبيعية لدول الخليج العربي ومنطقة الشرق الأوسط.
وحيث قام هؤلاء الانقلابيون بارتكاب أبشع الجرائم الوحشية ضد الإنسانية التي طالبت أبناء الجنوب العزل من السلاح وما سبقه العديد من الشهداء المواطنين الأبرار الذين قدموا أرواحهم رخيصة فداء للوطن، وقاوموا الاستعمار الجديد المتخلف بشجاعة وأدت إلى انسحابهم وهزيمتهم المنكرة والمذلة من مدينة عدن.
ولذلك يكون الحوثيون قد خلفوا وراءهم تدميرا شاملا في البنية الاقتصادية التحتية والفوقية، وتدنى من خلالها مستوى الخدمات وأزمة حادة في مستوى المعيشة بسبب العبث بأموال وممتلكات الدولة واستخدامها للمجهود الحربي ونهب خزينة الدولة، والذي أدى إلى عجزها وعدم قدرتها على الإيفاء بالتزاماتها تجاه المواطن، الأمر الذي ترتب عليه عدم القدرة على صرف مرتبات الموظفين وضعف في الخدمات، وذلك لأنها ماتزال هذه القوى الغاشمة الانقلابية تسيطر على معظم مفاصل الدولة ومواردها وإراداتها.
وفي ظل هذه الأوضاع المتردية تقع على الحكومة الشرعية المسؤولية الكبيرة في معالجة كل المشكلات والمعضلات الأساسية التي خلفتها جماعات الحوثي، ولعل أهمها إعادة بناء المنضومة المالية والاقتصادية التي تعتبر في الحقيقة جوهر وأساس التحكم بمفاصل الدولة المالية، وهنا ينبغي الحديث وبصراحة مطلقة إعادة الدور الطبيعي للبنك المركزي اليمني بأن يتحمل مسؤوليته بشكل جدي ومثمر في إدارة هذه المنضومة وبأسرع وقت ممكن.
فأما الجانب الآخر الذي له أهمية كبيرة في حياة المواطن، فهو توفير الخدمات الأساسية والتي باتت بالفعل تمثل خوفاً وعبئاً ثقيلاً على كاهل المواطن، وهي أزمة انقطاع التيار الكهرباء بشكل مستمر والمياه الجوفية، وعدم توفير مواد الطاقة، مثل البترول والغاز، الذي يمثل الحركة لمدينة عدن، حيث أن الأزمة مازالت خانقة، ولم يتم معالجتها جذرياً، الأمر الذي يترتب على الحكومة الحرص الشديد على تأمين هذه المواد بصورة دائمة.
وفي الحقيقة فإننا نقدر كل الجهود المثمرة والمساعي النبيلة التي تقوم بها قوى التحالف الوطني بقيادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في الشروع بإعادة بناء ما دمرته القوى الغاشمة الانقلابية، إلا أن هذه المشروعات بطيئة وليست في مستوى الطموح.
وكما يقع على جميع دول التحالف الوطني المساهمة الفعالة والوقوف بجدية إلى جانب إخوانهم اليمنيين بالدعم والإمكانيات المادية، لأجل تخفيف المعاناة والماساة الحقيقة التي يعيشونها في ظل الظروف الراهنة الصعبة، حيث أن معظم المواطنين اليمنيين يعيشون تحت خطر الفقر ويعانون من الأمراض الخطيرة، مثل حمى الضنك والكوليرا، وهذا مما يعزز عدم السقوط والانهيار الاقتصادي للدولة (حكومة الوفاق الوطني)، وفي الأخير تكاد أن تكون فكرة الموضوع واضحة ومفهومة، والسؤال قائم: هل تصلح حياتنا المدنية بعدما أفسدها الحوثيون؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى