حتى يكون عاماً دراسياً ناجحاً

> فهد البرشاء

>
فهد البرشاء
فهد البرشاء
لا أنكر أن تراكمات الماضي وسلبياته تلعب دوراً رئيسياً في تدني مستوى التعليم وتفشي عدد من الظواهر السلبية في محافظة أبين، ولا أنكر أن الحرب وتداعياتها القذرة ومخرجات السياسة الرعناء بعدها أثرت بشكل كبير على واقع العملية التعليمية وألقت بظلالها على كل شيء.
ولا أنكر أيضاً أن الثقافة التي صُدرت إلينا من أقاصي الشمال بُعيد الوحدة المشؤومة كانت أحد العوامل التي أدت إلى تراجع كبير في مستوى التحصيل العلمي في مدارس محافظة أبين خاصة والجنوب بشكل عام إلا من رحم الله, وساعدت في تفشي الجهل بشكل كبير وملحوظ, وبروز ظواهر عدة كانت أيضا من جملة العوامل التي أوصلتنا إلى حالة الجهل والأمية والغباء المستفحل في طلابنا ومعلمينا..
وأفرزت هذه الظواهر سلبياتها على واقع التعليم في مدارس المحافظة التي كانت كالأسفنجة تمتص كل شيء سلبي وسيئ، وتمارس طقوسه بطرق سخيفة ومقيتة تعدت حدود المعقول والمنطق والأخلاق والضمير، ومورست أساليب أخرى على العملية التعليمية أوصلتها إلى الحضيض، وخلقت جيلا جاهلا لا يستيطع فك أبجديات أي كلمة.
وحتى أكون منصفاً، فإلى جانب تلك الثقافة الدخيلة التي أطلت بقرنيها في مطلع العام 90م تولدت لدى الكثير من كوادرنا التعليمية قناعات أن عملية التجهيل بطرق مباشرة وأخرى غير مباشرة وعمليات بيع الذمم وشراء الضمائر والأخلاق في أسواق النخاسة والتخلي عن النهج القويم هي الحل الأمثل لمسايرة هذا الواقع الذي لا يقبل بين جنبيه أي إنسان صادق، وباتت عمليات البيع والشراء هي التجارة الرائجة في محافظة أبين في مجال العملية التعليمية التي لفظت أنفاسها الأخيرة وباتت على سرير الموت تنتظر تشييع جثمانها إلى مثواها الأخير إن لم تكن شُيعت من قبل.
فالكثير من معلمي مدراسنا وإداراتنا التربوية باتت فاقدة للضمير والأمانة ولا تكترث ألبتة بمستقبل الأجيال الذي غدا في خبر كان، ولم يعد يهمهم التحصيل العلمي والأداء الوظيفي بقدر ما يهمهم المردود المادي من بعض الصفات التي تُعقد في دهاليز وأروقة المكاتب والمدارس وأسواق النخاسة التي تشتهر بها هذه المكاتب..
وغياب الوازع الديني وانعدام المسئولية من قبل البعض ورؤوس المكاتب التربوية ومعلميها هو من أوصل الواقع التعليمي في مدارسنا إلى هذا الحال المزري والمؤلم، وهو من فرّخ لنا جيلا لا يجيد التعامل مع أبسط مقومات الكلمة والحرف وفي كل مراحل التعليم ومستوياته، وبات - للأسف الشديد - محط سخرية، بعد أن كان يُشار للتعليم في أبين بالبنان.
قد لا يعجب مقالي هذا الكثير، ولكن هذا الواقع المزري الذي نعيشه ونعايشه، وهذا نتاج السياسة التي تُمارس في أروقة مكاتب التربية ومدارسها، وهذه هي الحصيلة التي جناها طلابنا بعد عمليات البيع والشراء للذمم والأخلاق وللوظائف حتى غدت هذه التجارة من التجارات المربحة والرائجة في محافظتنا الموقرة، ودفعنا الثمن جميعاً وأنتجنا جيلا جاهلا، أميّا، متطرفا، متحزبا، غبيا، لا يعرف من التعليم سوى الورقة والقلم دون غيرهما.
ولهذا كي يكون عامنا ناجحاً أو حتى الشيء اليسير منه لابد من تجاوز الكثير من السلبيات والمعوقات، وأيضاً ترك ما أسلفنا ذكره لسلامة الأجيال من الأمية والجهل والتخلف ووقوعهم في مستنقعات التطرف والإنحرف، والغزو الفكري الخاطئ الذي عصف بهذه المحافظة المنكوبة.
لابد من إيقاظ الضمائر، وإحياء القيم والأخلاق المندثرة والذمم المحنطة، لابد من استشعار تلك الأمانة الملقاة على عاتق الجميع، لاسيما الجهات المعنية التي يقع على كاهلها العبء الأكبر تجاه الأجيال قاطبة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى