صفحات من نضال المقاومة الجنوبية ضد المستعمر البريطاني(5) الشهيد المقدم/ عبدالقوي المفلحي.. آثر حرية الوطن واستقلاله فنال شرف الشهادة

> كتب/ علي راوح

> توطئة
عبر كل السنوات التي مرت منذ غزو المستعمر البريطاني للجنوب في 19 يناير 1839م، واصل شعبنا الجنوبي نضاله وكفاحه ضد الغزاة المستعمرين.. وهو كفاح ونضال شاق وطويل تكلل بنيل الحرية وتحقيق الاستقلال وقيام الدولة الوطنية في الـ30 من نوفمبر 1967م.
لكن ماتزال هناك صفحات منسية لملاحم بطولية قدمها الكثير من المناضلين بدءاً من يوم الـ19 من يناير 1839م، وحتى تحقيق الاستقلال والحرية لشعب الجنوب. هناك أبطال قدموا أرواحهم رخيصة من أجل الوطن ولم يكن هدفهم الكسب المادي أو الوصول إلى السلطة، بل إنهم ناضلوا وكافحوا من أجل هدف واحد وهو تحرير الوطن ونيل الحرية لشعب الجنوب.
ذلكم هو الهدف السامي والغالي لكل الشرفاء، أبطال يجب علينا ذكر مآثرهم وتوثيقها بأحرف من ذهب.
جاء يوم الثلاثين من نوفمبر 1967م، يوم جلاء آخر جندي بريطاني من أرض الجنوب، بعد تضحيات جسام قدمها أبناء شعبنا الجنوبي بمختلف فئاتهم ومشاربهم الفكرية، وكان في طليعتهم أولئك المناضلون الذين نذروا أرواحهم فداءً لوطنهم فكانت دماؤهم الزكية ثمناً لنيل الحرية وإعادة العزة والكرامة لشعبهم الذي ظل يعاني من القهر والإذلال طيلة (129) عاماً.
إن نيل الاستقلال ظل حلماً يراود الكثيرين من أبناء شعبنا الجنوبي، وفي مقدمتهم أولئك الشهداء الأبطال الذين نالوا شرف الشهادة قبل أن يروا حلمهم يتحقق في هذه الحلقة من (صفحات نضال المقاومة الجنوبية ضد الاستعمار البريطاني) نقرأ صفحة ناصعة من سجل الخالدين الذين ضربوا أروع الأمثلة في التضحية والإخلاص ونكران الذات ليحيا شعبهم بعزة وكرامة، في هذه التناولة نستعرض سيرة أحد الشهداء الميامين الذي قدم روحه فداءً لوطنه، ذلكم هو الشهيد المقدم عبدالقوي محمد المفلحي اليافعي.
ولد الشهيد عبدالقوي المفلحي في الـ25 من مارس 1925م في قرية الجربة بمديرية يافع، من أسرة فلاحية فقيرة، وفي العام 1943م التحق بجيش محمية عدن وتدرج في الرتب العسكرية، من وكيل عريف حتى وصل إلى رتبة مقدم، وتقلد عبدالقوي العديد من المناصب العسكرية كان آخرها قائد كتيبة.. تلقى العديد من الدورات العسكرية في بريطانيا وشارك عام 1946م في الاستعراض العسكري الذين أقيم في عاصمة المملكة المتحدة لندن بمناسبة انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية على ألمانيا الهتلرية.
*دور نضالي كبير
وعلى الرغم مما كان يتمتع به الشهيد عبدالقوي المفلحي من امتيازات كضابط كبير في جيش محمية عدن المستعمرة البريطانية إلا أن هاجس حرية الوطن وعزته واستقلاله ظل يجري في شرايين شهيدنا البطل، وما أن انطلقت ثورة 14 أكتوبر عام 1963م حتى كان عبدالقوي منن أوائل الملتحقين بصفوف الجبهة القومية (الخلايا السرية) في صفوف الجيش، وبحكم منصبه العسكري ورتبته الرفيعة، فقد قام بدور فاعل وهام في دعم الثورة، وكان على صلة دائمة بثوار المدينة والريف، وتركز دوره بتزويد الثوار بالأسلحة والذخائر التي كان يوصلها للثوار في مختلف جبهات القتال كالضالع وبيحان ومكيراس ومستعمرة عدن التي كان على صلة دائمة مع العديد من قادة الجبهة القومية فيها، وكان من أدواره البطولية قيامه بنقل الثوار المطلوبين والمطاردين من قبل السلطات الاستعمارية من مدينة إلى أخرى باستخدام السيارات العسكرية.
*دعم جبهة الضالع
في العام 1965م عين الشهيد عبدالقوي المفلحي قائداً للكتيبة الأولى مشاة المتمركزة في الضالع خلفاً للنقيب محمد سعيد شنظور الذي بدأت المخابرات البريطانية تتوجس من تصرفاته وتشك في ولائه، وربما تيقنت من أنه يعمل لصالح الثوار في منطقة الضالع، فقررت السلطات البريطانية نقله (أي محمد سعيد شنظور) إلى بيحان في منطقة شبوه، وعندما تم تعيين عبدالقوي المفلحي خلفاً لشنظور، كانت الفرصة لشهيدنا المفلحي فقام بدور بطولي كبير وهام غير آبه بالمخاطر التي قد تلحق به، جراء قيامه بذلك الدور الوطني البطولي، المتمثل في دعم الثورة من خلال تزويد الثوار بالمعلومات الاستخباراتية عن تحركات القوات البريطانية، إلى جانب دوره البارز والهام في تقديم الأسلحة المختلفة والذخائر للثوار في مختلف مناطق الضالع، حيث كان يقوم بنقل تلك الأسلحة بواسطة السيارات العسكرية التابعة للكتيبة الأولى مشاة التي كان قائدها، فضلاً عن ذلك كان الشهيد عبدالقوي يقوم بدور هام وأكثر خطورة وهو تأطير العديد من الجنود وحتى الضباط وصف الضباط في صفوف الجبهة القومية، كما يقوم بجمع الاشتراكات والتبرعات من المؤطرين وتوصيلها للثوار، وهذا الدور عرضه للاشتباه بولائه للثوار من قبل الاستخبارات البريطانية التي كانت تنشط نشاطاً كبيراً في منطقة الضالع، نتيجة لكثافة الهجمات العسكرية من قبل الثوار في كل مناطق الضالع.
وفي مطلع العام 1967م تمكنت المخابرات البريطانية من التعرف على عدد من القيادات العسكرية المنتمية إلى صفوف الجبهة القومية، ومنهم الشهيد عبدالقوي المفلحي، وبدأت تفكر بالتخلص منه.
وفي يوم الـ23 من مارس 1967م خرج المقدم عبدالقوي المفلحي من قيادة كتيبته في جبل (حبيل الكريزة) بمدينة الضالع متجهاً إلى موقع سناح في عملية تفقد روتينية، وعند عودته كانت المخابرات البريطانية قد وجدت الحل المناسب للتخلص منه بواسطة لغم أرضي مضاد للآليات تم زرعه في طريق عودته لينفجر ويحول سيارته إلى كومة من الحديد المحترق، وينال المقدم عبدالقوي محمد المفلحي شرف الشهادة بمعية ثلاثة من مرافقيه (قبل ثمانية أشهر من يوم الاستقلال) والذين تم نقلهم إلى معسكر (ليك لاين) في الشيخ عثمان بمستعمرة عدن، وسمي هذا المعسكر بعد ذلك باسم معسكر عبدالقوي.
كتب/ علي راوح

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى