اليمن.. انتهازية القبيلة

> صالح عكبور

>
صالح عكبور
صالح عكبور

تتمتع القبيلة في اليمن بنفوذ واسع في الحياة السياسية والاجتماعية. فهي تشكل خطا أحمر لأية سلطة تأتي إلى سدة الحكم وعدم تجاوزه ووضع الاعتبارات لذلك لضمان الاستقرار.. استمرار نظام الحكم.
فبالنظر إلى تاريخ القبيلة وأدوارها وتأشيراتها في الأحداث التي مرت بها اليمن منذ قيام ثورة 26 سبتمبر 1962 كانت للقبيلة أدوار ومؤثرة في مجرى الأحداث التي شهدتها اليمن سواءً في الشمال أو الجنوب، فمع قيام حركة الضباط الأحرار في 26 سبتمبر ضد الحكم الإمامي شهدت انقساماً قبلياً ما بين مؤيد ورافض للثورة، أدت إلى إشعال حروب واسعة أثرت على إحداث تغييرات لصالح المواطن، وأبقت اليمن أسيرة لبعض مظاهر التخلف والحد من قيام الثورة بتغير الواقع الذي كان يفرضه نظام الحكم الملكي، وكان هذا الانقسام الذي استطاعات القوى الأجنبية الطامحة في السيطرة على اليمن قوى خارجية اتاحت هيمنة القبيلة وتأثيراتها، وعبرت عن ولائها للنظام الحكم التقليدي، وتمترست للدفاع عن النظام الملكي، ليس حباً في الحكم الإمامي ولكن لما يوفره هذا النظام من مصالح وامتيازات وسلطة.
وفي الجانب الآخر كان للقبيلة مواقف مساندة لحركة التغيير، وفرصة لها في الحصول على مزايا ونفوذ في الحياة العامة، وهذا ما عبرت عنه شريحة أخرى من القبائل التي لم يكن لها تأثير مهم، وكانت مغمورة ومضطهدة من قبل القبائل الكبيرة والنظام الملكي، حيث وجدت فرصة لها في الثورة لتحقيق مصالح لها، وقد حققت القبيلة مستوى عاليا من التطور والعلاقة مع أطراف إقليمية ودولية مكنتها من تحقيق نفوذ أكبر على الصعيد السياسي والاجتماعي، والتدخل في كثير من الأحداث، ومشاركة فلول من قبائل اليمن في محاربة الثورة والتصدي للإجراءات التي اتخذتها في سبيل التغيير وإحداث متغيرات تنهي الحكم الكهنوتي المتخلف.
وشنت القبائل التي تخوفت من إجراءات الثورة عمليات حربية ضد طلائع الثورات المصرية التي جاءت لدعم التغيير في اليمن بدعم من قوى ذات نفوذ ومصالح في اليمن، وكما رسمهم الجنوب في مد القبائل والموالية لثورة وحركة الضباط الأحرار في الدفاع عن الثورة في الشمال.
وبالرغم من الانتصارات التي حققتها الثورة في الشمال إلا أن القبيلة خرجت بنصيب وافر من المصالح والتحكم بمجريات الأحداث، ورسم مستقبل البلد وأصبحت تستميت بالدفاع عن شكل النظام الذي تؤمن من خلالها مصالح ونفوذ، وكان لها دور في حصار السبعين يوم، وتقاسم السلطة فيما بعد، وكذلك امتثال الوحدة بين الجنوب والشمال واغتيال الحمدي ووصول صالح للسلطة.
وسيظل هذا الدور سائداً مرهوناً بأحداث تغيِّر في الواقع السياسي والاجتماعي والفكري والثقافي وإيجاد قيادة قادرة على لجم هذه التدخل، ومرهوناً بمساعدة إقليمية ودولية، لتمكين اليمن من الانخراط في الحياة بشكل إيجابي وحضاري، وإلا سوف تظل اليمن في عزلة وتخلف، ولها تأثيراتها السلبية والسياسية والأمنية على الجوار والعالم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى