زيادة بعض أسعار الأدوية إلى 50 % يقلق المواطن.. وكلاء أدوية يخفونها ويستغلون فترة ارتفاع الدولار لإخراجها إلى السوق

> تقرير/ مسعود المسعودي

> يشكو الكثير من المواطنين من ارتفاع أسعار الأدوية، وخاصة أدوية الأمراض المزمنة كالضغط والسكر، ومستلزمات الأطفال كالحليب والحفاظات، وتعاني قطاعات واسعة من المواطنين الكثير من المشكلات اليومية المتراكمة، نتيجة ارتفاع الأسعار إلى صورة تخطت الحدود المعقولة في ظل غياب أجهزة الجهات الحكومية، والجهات الرقابية الرسمية.
فرحلة معاناة المريض على أبواب المستشفيات والعيادات تبدأ في كشف التسجيل والتشخيص الطبي، ثم يخضع لسلسلة فحوصات تكلفه الكثير من المبالغ المالية، علاوة على الأسعار المضاعفة للأدوية في الصيدليات العامة والخاصة، والتي يتكبدها على مضض، فهي تصل إلى عشرات الآلاف.
حيال ارتفاع أسعار الأدوية في ظل غياب إدارة الرقابة للأسعار والصيدليات التي تبالغ في رفع أسعارها مستغلة الأوضاع العامة التي تمر بها البلاد من أزمات تعصف بالمواطن والوطن.
يؤكد في السياق أحد وكلاء الشركات التي تبيع الأدوية بالجملة، إبراهيم عبدالله، ارتفاع أسعار العديد من أصناف الأدوية إلى ضعف أسعارها السابقة، لافتا إلى أن “الأسعار مرشحة للزيادة في ظل ارتفاع سعر الدولار مقابل العملة المحلية”.
ويضيف: “أصبحت الارتفاعات التي يشهدها سوق بيع الأدوية كبيرة ومقلقة، وكل شركة أدوية أخذت ترفع الأسعار على هواها، وهناك شركات رئيسية للأدوية قامت برفع الأسعار على المخازن المحلية بنسب تتجاوز الـ20 %، وهذه زيادة تمت في غضون شهرين فقط”.
وقال: “كل تعاملاتنا أصبحت بعملة الدولار فلم تعد للعملة اليمنية أي قيمة، وأغلب الشركات المستوردة للدواء مازالت مستفيدة، ونسبة أرباحها مضمونة، فيما المواطن وحده هو من يدفع تلك الزيادة والفوارق من جيبه، دون حسيب أو رقيب أو رحمة للأوضاع والظروف الصعبة التي يعيشها المواطن في هذه المرحلة”.
يشير إبراهيم إلى أن “الارتفاعات التي طرأت على سعر الدواء ليست فقط بسبب الدولار، وإنما لوجود سبب آخر، وهو الاحتكار المحلي، فبعض وكلاء الأدوية يقومون بتخزين الأدوية من فترة طويلة وبمجرد أن يرتفع الدولار ينتهزون الفرص، ويقومون برفع سعر أدويتهم المخزنة”.
*إخفاءالأدوية
المواطن يوسف النقيب، وهو صيدلي، قال لـ«الأيام»: “تغيرت أسعار بعض أنواع وأصناف الأدوية، والتي زاد بعضها إلى نسبة 40%”، ويضيف: “خلال الشهرين الماضيين تفاجأت بارتفاع الأسعار إلى درجة غير معقولة، وغير مبررة، والوكلاء يتحملون جزءا من مسؤولية هذا الارتفاع لأنهم يتعمدون إخفاء هذه الأدوية في مخازنهم لفترات طويلة ليتم استغلال بيعها بأسعار باهظة دون أدنى شعور بمدى المعاناة والألم التي سيتكبدها المرضى، لاسيما ممن يعانون من أمراض كبيرة كمرضى القلب والسكر والضغط”.
وقال: “الناس أصبحت حالتهم في الحضيض، والكثير منهم لا يزال بلا رواتب حتى الآن، فمنهم من يضطر إلى بيع أغراضه ليوفر ثمن دوائه، والآخر لا يملك غير اللجوء والتضرع لله الواحد”.
واختتم مطالباً الحكومة بـ“التدخل لوضع الحلول اللازمة لوقف هذه المعاناة التي يعاني منها مختلف شرائح وقطاعات المجتمع، ولاسيما الوضع الاقتصادي والفقر والفاقة التي زادت نسبتها إلى معدلات كبيرة للغاية”.
*غلاءاحتياجات الأطفال
المواطن عدنان القميشي، معيل لطفل رضيع، هو الآخر يشكو من ارتفاع سعر مستلزمات الأطفال من حليب وأدوية، قائلا: “ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية والأدوية، لاسيما ما يتعلق باحتياجات الأطفال، أصبح يضعنا في وضع صعب ومقلق، فالكثير من العائلات والأسر اضطرت إلى الاستغناء عن توفير مستلزمات أطفالها، نتيجة هذا الارتفاع، فلم يعد الأب قادرًا على شراء الحليب لطفله الرضيع، والذي أصبح سعره يوازي سعر علب حليب الكبار، وكذلك بالنسبة لأسعار الحفاظات”.
أدوية ومستلزمات اطفال
أدوية ومستلزمات اطفال

ودعا عدنان تجار الأدوية والمسؤولين الحكوميين إلى أن “يتقوا الله وأن يراعوا حالة المواطنين في عدن”.
*ارتفعت بنسبة 50%
«الأيام» قامت بالنزول لعدد من الصيدليات للتعرف على أسعار تلك الأدوية.
يرجع ميسور السعيد، أحد الصيادلة في مديرية المنصورة، أسباب ارتفاع الأدوية إلى “الاضطرابات التي طرأت على العملة المحلية، نتيجة انخفاضها أمام عملة الدولار والعملات الأجنبية”.
وقال: “المواطن في الأول هو الضحية، وهو من يدفع ثمن كل ما يحدث بحقه، ونحن نتألم لذلك، ونحاول بقدر استطاعتنا تخفيض سعر بعض أنواع الأدوية”، مشيراً إلى أن “الارتفاعات التي طرأت على بعض الأدوية وصلت إلى نسبة 50%، خصوصا في علاجات الضغط والسكر والكلسترول، وهذه الأصناف ارتفعت أسعارها بنسبة كبيرة، رغم الحاجة الماسة لها، حيث يفترض أن يتم المراعاة في سعر هذه الأدوية رحمة بالمرضى الذين يشعرون بالخيبة والصدمة في كل مرة يزيد فيها سعر الدواء”.
ويتحدث الصيدلاني رشدي النجار عن انعكاسات هذه الأزمة وما ستلحقه من ضرر، وقال في سياق حديثه: “إن انعكاسات صرف الدولار أثر بصورة سلبية على أسعار الأدوية، فكل أسبوع تشهد بعض الأدوية ارتفاعا ملحوظا في أسعارها بنسبة 10 %، في غياب الدولة، واستمرار تجار الجملة على بيعها بأسعار مزاجية وربحية بمنأى عن أعين الرقابة”.
وقال: “في ظل ارتفاع سعر الدولار أعلنت شركات استيراد الأدوية عن توقيف استيرادها حتى تستقر العملة المحلية”.
مختتماً حديثه: “نحن نحذر من تواصل ارتفاع أسعار الأدوية لمستويات قد تجعل المواطن يستسلم للمرض والموت بسبب عجزه التام عن توفير وشراء لنفسه الدواء، والبعض يندفع إلى شراء أدوية مهربة وأخرى من النوع الرديء”، لافتاً إلى المستوى الجنوني الذي وصلت إليه أسعار بعض الأدوية، وقال: “الدواء الذي كان يشتريه المريض بالأمس بسعر 2000 ريال أصبح سعره اليوم بـ3600 ريال، وهذه النسبة تعتبر كبيرة جدا، حيث تجاوزت نسبتها 80%”.
*التحكم بالسوق
تواصلت «الأيام» مع مدير مكتب الصحة في مدينة المنصورة، الدكتور عبدالرب، والذي اعترف في إطار حديثه لنا بالقول: “نحن لسنا قادرين على التحكم في سوق القطاع الخاص، لأن هذا السوق يتم التحكم به من قبل التجار الكبار، والذين يتلاعبون في أسعار الأدوية، أما الصيدليات الحكومية فأسعارها ثابتة، حيث نعمل على توفير العلاج المجاني، ولا وجود لأي تغيير في سعر العلاج بالمجمعات الحكومية”.
ويستطرد عبدالرب: “أما القطاع الخاص فإننا لا نقدر التحكم به في ظل ارتفاع سعر الدولار بشكل يومي”، مطالباً بـ “ضرورة أن تضع الدولة كل الحلول الممكنة التي من شأنها أن تعيد الأوضاع إلى ما كانت عليه سابقاً”.
وقال: “وفي عدم وجود أي حلول لضبط الأسعار في الصياليات الخاصة، فإننا ندعو المواطنين للتوجه إلى المجمعات الحكومية وهذا كله ناتج عن عدم استقرار العملة، ولا نقدر على إلزام الشركات بسعر ثابت”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى