مطالب الانتقالي الجنوبي.. بين التنفيذ والاحتواء والتأجيل

> تقرير/ صالح المحوري

> في قلب المدينة القديمة "كريتر" جنوبي عدن، حيث يقع سكن الحكومة، التي اقتتلت مع قوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي الأسبوع قبل الفائت، كانت حركة السكان المحليين طبيعية إلى حد ما، لكن شبح الصدام السياسي لازال يطوف في سماء المدينة.
وأمس الأول عندما أصدر الرئيس اليمني قرارا بتعيين محمد منصور زمام محافظا للبنك المركزي اليمني، وهو وزير مالية سابق في حكومتي خالد بحاح وأحمد بن دغر خلفا لمنصر القعيطي، بدا هذا التعيين مغايرا تماما للخلاف الرئيس بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة اليمنية، لكن تعيين محافظ للبنك مع قرب انتهاء مهلة حددها الانتقالي الجنوبي لإقالة الحكومة يقرأها مراقبون في إطار تفاهمات واسعة النطاق، قد تشمل لاحقا تغيير الحكومة التي يتزعمها أحمد بن دغر.
ويقول المجلس الانتقالي الجنوبي "إن حكومة أحمد بن دغر عاثت فسادا"، وطالب الرئيس هادي بإقالتها، لكن رئيس الحكومة، المعترف بها دوليا، لازال يتزعم الحكومة.
وفي خطابه بمناسبة ثورة الشباب في 11 فبراير، قال الرئيس هادي: "إن إدارته والحكومة تعمل مع التحالف على حلحلة أسباب مواجهات عدن وطي الصفحة إلى الأبد".
*دور التحالف
قال التحالف العربي، الذي تقوده السعودية، في معرض رده على أحداث عدن إنه لن يسمح بانفجار الوضع في عدن مجددا، ودعا طرفي الصراع إلى وقف التصعيد.. لكن رسالة التحالف لوقف التوتر في المدينة جاءت متأخرة بالتوازي مع دورها المباشر في الأراضي اليمنية المحررة.
ويقول مراقبون إن دور السعودية والإمارات حول الأحداث في عدن كان تقليديا، لكنه لم يظهر أن ثمة تقدم بالنسبة لإيجاد حلول ناجعة لاحتواء المشكلة جذريا.
أحداث عدن قد تشكل لدول التحالف إحراجا أمام المجتمع الدولي وحلفائها الإقليميين والدوليين، لاسيما أن السعودية تدعم الحكومة اليمنية فيما الإمارات حلفاء في المجلس الانتقالي، غير أن الرياض تتعامل مع الحكومة من المنطلق الرسمي بوصفها المعترف بها دوليا، وتدعم أبو ظبي المجلس الانتقالي الجنوبي الذي تأسس عقب الإطاحة باثنين من أبرز زعمائه، وهما المحافظ السابق لعدن اللواء عيدروس الزبيدي، ووزير الدولة السابق هاني بن بريك، من منصبيهما في حكومة بن دغر.
ومع أن السعودية والإمارات شريكان رئيسيان في محاربة الحوثيين ضمن التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، ساءت علاقة حلفائها في الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي قبل أن يتقاتلا في نهاية الشهر الماضي.
وهذا ربما يظهر أن مصالح حلفاء الدولتين تداخلت حتى أدت إلى صراع، لكن السعودية والإمارات تقولان دائما وبشدة إن علاقتهما في أفضل حال.
ويعتقد مراقبون أن التحالف يسعى لإيجاد مقاربات للوضع في عدن، لكنها لن تتضمن خلق حلول نهائية تتجاوز المشكلة. ويرى بعض السكان أن التحالف العربي يتحمل جزءا من تركة الأحداث.
*الحكومة اليمنية
وظهرت الحكومة اليمنية بعد أسبوعين من المواجهات، صبيحة الأربعاء الماضي، للمرة الأولى في اجتماع بالقصر الرئاسي في معاشيق الذي توقفت خارجه قوات موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي ولم تقتحمه.
قال رئيس الوزراء اليمني د. أحمد عبيد بن دغر: “إن ما حدث كان انقلابا على شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي”، لكنه عاد وقال: “إن كل من سقط في أحداث عدن يعتبر شهيدا، وأنهم جميعا أبناء الوطن”، في إشارة منه للقتلى من الجانبين.
ودعا بن دغر المجلس الانتقالي إلى “التحول إلى حزب سياسي”، مشيرا إلى أنه - أي الانتقالي- "سينجح". ويقرأ مراقبون خطاب بن دغر في سياق لعبة المد والجزر التي تفنن الرجل في إبرازها خلال مشاركته في نظام “صالح” مدى السنوات الفائتة.
وافتتح بن دغر خطابه بالحديث عما أسماه “الانقلاب”، لكنه قاد بعدها خطابا تقاربيا طفيفا مع المجلس، وقال: “إنه سينجح إن تحول لحزب سياسي”.
ويقول مراقبون إن تصريحات بن دغر تحوي خطابا استفزازيا للفريق الجنوبي، لكنهم قالوا إن الأخير يتلقى دعما من أطراف نافذة في التحالف.
ويعتقد هؤلاء أن الرجل لم يكن باستطاعته إخراج ذلك الخطاب إن لم يتلقَّ ضوءا أخضر باختيار بعض الألفاظ التي أطلقها من بينها “الانقلاب”.
ومع أن الفريق الحكومي ينتهج الخطاب ذاته الذي تحدث به رئيس الحكومة في تناول أحداث عدن إلا أنهم يقرؤون ما قاله بن دغر في سياق قرب مغادرة الرجل منصبه، مؤكدين أنه ليس لديه شيء يخسره بعد أن صار غير مقبول في المدينة الجنوبية عدن، حد وصفهم.
ويقرأ آخرون أن حديث رئيس الحكومة، الذي اتهمها الفريق الجنوبي بالفساد، هو إشارة غير مباشرة عن توجه محتمل بدعم خليجي لاحتواء المجلس الانتقالي الجنوبي سياسيا أو إشراكه في حكومة مفترضة قادمة.
*مشاورات في الرياض وأبوظبي
وعقب الأحداث الدامية غادر رئيس المجلس الجنوبي إلى الرياض وأبوظبي للتشاور، ربما بخصوص ما حدث أخيرا في عدن، لكن الانتقالي الجنوبي اجتمع برئاسة نائب المجلس في عدن، وقال إنه متسمك بإقالة الحكومة التي وصفها بالفاسدة.
ويخشى الأخير من انخفاض شعبيته لدى حلفائه المحليين بعد أن وعدهم بأن تسقط الحكومة.
وتصاعدت أسهم المجلس الذي ينتمي قادته لتيارات مختلفة بينهم رجال دين واقتصاد وليبراليون، بعد أن رفع شعار إسقاط الحكومة، لكنها مؤهلة لانخفاض نسبي فيما إذا لم ينجح التصعيد الذي أطلقه في إسقاط الحكومة.
ويعتقد مراقبون أن التحالف الذي تقوده السعودية سيضغط لإقالة الحكومة، لكن المجلس ربما يمضي نحو مسار آخر، يمكن أن تحتوي فيه مطالبه بطريقة المقايضة على أن تتم إقالة رئيس الحكومة، ويتم إشراك قادة في المجلس بمناصب حكومية رفيعة.
ولمحت صحيفة "عكاظ" المقربة من دائرة الحكم في السعودية إلى أن المبعوث الأممي الجديد (البريطاني الجنسية) لديه مبادرة يعتزم طرحها في جلسة مجلس الأمن الشهر الجاري حول اليمن، من أبرز ملامحها إشراك جميع الأطراف في عملية سياسية واسعة، يرى مراقبون وعلى نطاق واسع أن المجلس الانتقالي الجنوبي سيمثل أحد بنود المشاركة السياسية في إطار التوجه الدولي لمعالجة قضية الجنوب المتنامية منذ 20 عاما.
تقرير/ صالح المحوري

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى