قـبلة الوداع

> سند بايعشوت

> رحل البار عبدالله البار، عاشق المكلا والحارة التي ولد فيها وترعرع وتمرغ بالتراب فيها، ولعب في سيف السقيفة، وشبع في طفولته السعيدة التي عاشها بالطول والعرض في كنف جده الشيخ محمد باهارون، وكيل (البس) في المكلا شبع بالبحث عن (الدود) في حصلة مسجد الروضة، ليصطاد المري على القشار، وكم تعور من غزة القشار وهو يصطاد بالعدة والشكلة وهو فرحان في عالمه الطفولي نهاية الأربعينيات ومطلع الخمسينيات.
ولأنه يحب البحر كم شرَد من بيتهم المطل على الشارع خلسة من أهله ويذهب إلى (البنط) دار بحول ليمارس هوايته في السباحة مع أقرانه.. كم كانت جميلة طفولته التي عاشها بين مسجد بوعلامة عندما تقرع طبول الحضرة وتوزع الحلوى البيضاء وهو لابس ثيابه البيضاء مع الكوفية.
وكم هو سعيد وهو يتحدث عن مطراق الحارة ويلعب فيه مع أطفال الحارة من آل بامختار وبابقي والذيباني وباريسا وبوسبعة وبازرعة وباعيسي، وينتعش طربا عندما يسمع حنات الطبول لمسيعان، إيذانا بدخول الفلاح أو الشامية.. حياة باذخة عاشها عاشق المكلا ونصير الكادحين والمستضعفين، وبالتالي انتمى إلى هذه الشريحة يستمع لهمومها ويساعدها في شتى حياتها.
يكفي سيرته العطرة في دراسته في المدرسة الغربية والمدرسة الشرقية، وقطعه الطريق الطويل من الهاشمية حيث سكنه إلى المدرسة الغربية، وكم سعادته غامرة عندما يأتي والده من السفر وهو كثير السفر وفي جعبته مجلات الأطفال المصرية والمجلات المصورة التي يقرأها بنهم وشوق لبناء المعرفة.
أقول: ألم تكن رحلة هروبه مع علي سالم البيض وخالد باراس وبن ثابت (صاحب الشحر) من عدن إلى حضرموت تستحق التأمل في قطع البراري والجبال والاختفاء من أعين الخصوم أيام اليمين؟ وتلك أيام ذهبت لها ظروفها وحساباتها.
الحديث عن البار عبدالله البار كبير ومتشعب، بس يكفي أن نختتم، ونحن نقرأ على روحه الطاهرة الفاتحة، أنه أخبرني في حديث ذات مساء من يوم الإثنين وكان عادته يصوم الاثنين والخميس بأنه ذات يوم برفقة سالمين باللاندروفر، ولما كان عند السيلة عبر بو حديد الذي كان لاعبا في أحد أندية المكلا في الخمسينيات، وكان الرئيس يلعب في ذلك النادي مع آل بارحيم عبر بوحديد، ورغم مرور ربع قرن ولم يره سالمين، إلا أنه عرفه وأوقف السيارة عند بوحديد، وقال الرئيس: كيفك يا بوحديد؟ والبار مستغرب من الموقف.. قال بوحديد للرئيس بعفوية: سالم كيف حالك؟. ويعرف أنه رئيس، لكنه يحدثه بلغة صديق وليس بلغة رئيس.
الشاهد أن سالمين مع البسطاء والكادحين، وقد استمد البار الكثير من الكاريزما والدبلوماسية الشعبية من سالمين، وهو- أي البار - شاهد على كافة أنشطة سالمين وكاتم أسراره... رحم الباري عبدالله البار، فقد قتلوه في 13 سبتمبر 2017.
سند بايعشوت

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى