هل ستنجح قطر في توظيف ملف الانقلاب وخفاياه ؟

> تحليل / مطهر لقمان

> لاشك ان ملف "احداث قطر عام 96" لم يكن غائباً البتة عن تفكير وطاولة عمل المعنيين في قطر منذ اليوم لبروز الأزمة الراهنة بين قطر والدول الاربع في بداية يونيو 2017، كإحدى الأوراق المهمة بالنسبة للجانب القطري لاستخدامها ضمن أجندة المواجهة الاعلامية التي نفذتها قطر خلال الاشهر التسعة الماضية ( يونيو2017 - فبراير 2018).
وبالوقوف أمام الكيفية والتوقيت اللذين جرى بهما الان استخدام هذا الملف عبر برنامج (ما خفي أعظم) الذي بثته قناة الجزيرة في جزئين (الاول في 4 مارس الجاري، والثاني في 11 منه) ومن خلال التدقيق في الوقائع والاسانيد التي تضمنها محتوى وتوقيت هذا البرنامج والادلة التي قام عليها، وذلك في اتجاه محاولة بلورة بعض الافكار الهادفة الى إبهات الآثار والنتائج التي أرد الجانب القطري صناعتها من خلال هذا العمل "كمحتوى وتوقيت" في سياق المشهد الكلي للأزمة الراهنة بين قطر والدول الاربع، وما جرى خلالها من إجراءات وخطوات - غير تقليدية - ضاغطة على قطر ومكبلة لدورها في المنطقة.. كان استخلاص الآتي:
اولاً : في المحتوى والتوقيت:
يبدو ان السبب الاساس الذي حدا بالجانب القطري الى تأخير استخدام ملف "احداث 96" حتى مارس 2018، يكمن في كونه الملف الأهم وربما الوحيد لدى قطر الذي يمكنها إستخدامه "كمادة هجومية/ اتهامية" ضد الدول الاربع بمزعوم التدخل في الشأن الداخلي لقطر.. وبالتالي أراد المعنيون في قطر من وراء هذا التأخير ان لايكون هذا الملف مجرد مادة اعلامية عابرة.
استثمار هذا الملف الى اقصى حد ممكن وعلى اكثر من اتجاه "اعلامياً وسياسياً وتأصيلياً"، بالرهان على تحيين استخدامه.
- من سياق الحبكة العامة للرواية التي قدمها هذا البرنامج يتبين ان الفكرة الرئيسية التي أراد الجانب القطري غرسها في ذهنية الشارع القطري والخليجي اولاً والعربي ثانياً، من وراء هذا العمل، هي التأصيل لفكرة ان قطر هي دائماً في موضع "المعتدى عليه" ووضع الدول الاربع "وتحديداً السعودية والامارات والبحرين" في موضع "المعتدي".. وذلك من خلال تركيز البرنامج على الجوانب التالية:
الربط بين موضوع احداث عام 96 وموضوع الازمة الراهنة بين قطر والدول الاربع.
الربط بين الوجوه التي زعم الجانب القطري انها هي التي خططت ودعمت محاولة انقلاب 96، وبين الوجوه التي تقود الان إجراءات المقاطعة ضد قطر في الازمة الراهنة وتحديداً السعودية والامارات والبحرين.
- النفي غير المباشر لجميع التهم، كدعم الارهاب، وزعزعة الوضع الداخلي في الدول الاربع وبقية دول المنطقة، والتدخل في الشأن الداخلي للدول الاخرى... الخ، التي وجهت لقطر في الازمة الراهنة.. وذلك من خلال الإيحاء الى الجمهور المستهدف بأن الهدف الخفي والدائم لهذه الدول الاربع هو وضع اليد على قطر ومصادرة استقلال القرار القطري.
- من الإشارات السياسية التي بدا ان الجانب القطري أراد إرسالها من خلال هذا العمل "كمحتوى وتوقيت":
* الإشارة الى الدول الاربع بان قطر قد صارت جاهزة اليوم للانتقال من موقع الدفاع الى موقع الهجوم.
* إحراج الرياض العاصمة المستضيفة للقمة العربية السنوية القادمة المقرر عقدها عادةً نهاية شهر مارس من كل عام وذلك قبل البدء في إرسال الدعوات الى القادة العرب لحضور هذه القمة.
ثانياً : في كيفية الرد :
وامام ما سبق وغيره.. وفي اتجاه محاولة بلورة بعض الأفكار الهادفه الى تقليص/ إبهات تلك الآثار والنتائج التي أراد الجانب القطري صناعتها من خلال هذا العمل “كمحتوى وتوقيت”، التي جرى التطرق الى بعضها في البند اولاً، وأخذاً في الاعتبار المستوى الاحترافي غير العادي الذي ظهر به هذا العمل في قناة الجزيرة.. أتصور الآتي:
بصرف النظر عن الخصائص الفنية للقالب/ البرنامج (المقابل) التي يفترض ان يحددها المختصون، وان تكون بمستوى من الجودة تفوق أو على الاقل توازي المستوى الذي ظهر به ذلك البرنامج الذي قدمته قناة الجزيرة.. هناك بعض النقاط التي اعتقد أهمية التركيز عليها عند إعداد محتوى الرد:
- ان يكون الهدف الرئيسي لهذا المحتوى هو نسف مصداقية الرواية التي قدمها الجانب القطري في محتوى برنامج ( قطر 96 - تحت عنوان : ما خفي اعظم) عبر تفنيد الوقائع التي أوردها ذلك البرنامج، ونقض الأدلة التي استند إليها، وهذا بالطبع يتطلب بالضروره:
- التعامل مع كل جزئية من جزئيات هذا المحتوى على قاعدة احترام ذكاء الجمهور المستهدف ووعيه السياسي والمعلوماتي، وقدرته على الربط والتحليل.
- تجنب استخدام أسلوب الإنكار المباشر/ الحرفي لأي جزئية مهما كانت.
- مراعاة التسلسل المنطقي للوقائع، ودرجة التناسق في كل أجزاء الرواية التي سيحملها هذا المحتوى.
- الحرص على إبراز العفوية في رواية الوقائع، والثقه بسلامتها.
- التركيز على مستوى تماسك الادلة التي سيتم الاستناد إليها، والمعطيات الأكثر إقناعاً.
*نقاط الضعف
من خلال التأمل في بنية الرواية التي قدمها الجانب القطري والوقائع التي أوردها والادلة التي استند إليها، نجدها تحمل نقاط الضعف التالية:
- بقدر ما حاولت الرواية القطرية إثبات مزعوم تدخل الدول الاربع في الشأن الداخلي لقطر خلال محاولة الانقلاب التي شهدتها الدوحة عام 96.. بقدر ما أكدت هذه الرواية نقائضها التالية:
- كل الوقائع التي أوردها ذلك البرنامج تتمحور حول شخص الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ومشروعه للعودة الى سدة الحكم في الدوحة الذي أقصي منه، وان كل تلك الاحداث قد بدأت وانتهت بمغادرته أبوظبي، وان استضافته في ابوظبي والدعم الذي تلقاه حينذاك من القادة (الآباء) في كل من السعودية والامارات والبحرين لم يكن سوى دعم شخصي - وليس كدول - وكان من منطلق النخوة العربية وواجب الاخوة التي كانت تربطهم كأشخاص بالشيخ حمد بن خليفة، وخير دليل على ذلك هو طبيعة وفحوى ذلك التصريح المتلفز للمغفور له الشيخ زايد الذي تم بثه في ذات البرنامج.
- انحصرت الادلة التي استندت إليها الرواية القطرية بمزعوم تدخل الدول الاربع في احداث عام 96، في الاقوال التي أدلى بها عدد من المواطنين القطريين الذين شاركوا في تلك الاحداث.. وهذه الشهادات من هؤلاء الاشخاص بصفتهم مشاركين في تلك الاحداث وكونهم حين الادلاء بها كانوا موجودين في قطر، تعتبر قانوناً باطلة كلياً، كون القانون يشترط في الشاهد (لصحة شهادته): ان لا يجر لنفسه نفعاً أو يدفع عنها ضرراً، وان لا يشهد على فعل نفسه مظنة التهمة.
تحليل / مطهر لقمان

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى