ثقافة الاستعجال ..!

> محمد العولقي

>
محمد العولقي
محمد العولقي
* لست متشائما، ولا أرتدي نظارة (سيد مكاوي) السوداء، كما أنني ولله الحمد لم أغادر القدرة على رؤية النصف المملوء من فنجان القهوة..
* لكن اللافت للنظر أننا كجنوبيين ندخل (مندبة) صراع يتكاثر فيها فرسان النفخ في العقد..
* مشكلتنا أننا ننفعل مع قضيتنا الجنوبية العادلة، ولا نتفاعل معها بمنطق يوازن بين وجهة النظر و قوة البصر..
* الحكاية ببساطة أننا لم نغادر مربع (الانفعال)، ولم نتحرك في مساحتنا الجنوبية الفارغة باستراتيجية (التفاعل)، اختلط علينا ما هو شخصي مع ما هو عام، والنتيجة أننا نقع في أخطاء متكررة يصعب تلافيها..
* لنعترف (والاعتراف بالحق فضيلة) أن سلوكنا الانفعالي، هو ثمرة ثقافة (الاستعجال)، نمضغ (التهور) والأحكام المسبقة، مع أننا نستند في تفاعلاتنا على المثل الحكيم الذي يؤكد أن في العجلة الندامة..
* لنفتش داخل أنفسنا بوعي وضمير و مسؤولية، سنجد متوالية من التناقضات الصارخة التي يضيق لها صدر (هيفاء وهبي)..
* تتحكم فينا ثقافة (الاستعجال) فتجعلنا نتعاطى مع قضيتنا بانفعال صارخ، نحب بقوة، ونكره بعنف، نمدح برومانسية (المتنبي)، ونقدح بسلاطة لسان (الحطيئة)، لا توجد منطقة وسط، أو نقطة توازن في توجاهتنا وتعاملاتنا، إما أن تكون معي أو ضدي..
* لاحظوا أن سلوكنا الانفعالي تجاه بعضنا البعض، سلوك عدواني يجعل من (الحبة) بذرة للقبة، و يترتب عليه حماقات سياسية تضاعف من الشقاق والتباعد والتنافر..
* ربما لا تشعر القوى الجنوبية (الانفعالية) وليست (الفاعلة) على الأرض، أن سوء الظن يتمدد على المساحة الجغرافية للجنوب يوما بعد يوم، ففي ظل تكاثر (النفاخين) في الكير تدور عجلة (الاستقطاب) السياسي، وهو أمر غير مقبول (شعبيا)، لأنه يساهم في تهتك عرض التوازن الشعبي، ويفاقم من حدة الاحتقانات (المناطقية)، فاذا رأيت النار شبت في بيت جارك، فسارع بجلب الماء إلى دارك..
* لنعترف أن العيب في (عقولنا) وفي توجهات (قلوبنا)، عندما ننفعل نلغي (عقولنا)، ونترك الحبل على غارب (قلوبنا)، والمحصلة أننا نسمح لعواطفنا أن تبحر بنا دون (بوصلة) فكرية..
* لنقر بلغة المنطق أن مشكلتنا (الانفعالية) ليست مع (الشماليين)، لكنها مع أنفسنا، مع ضيق أفقنا في التغريد على أشجار السياسيين..
* تعالوا واقرأوا خريطة (انفعالاتنا) الفارغة، ستكتشفون أننا نتناحر في الآراء الحادة، ونتعصب لأشخاص على حساب قضية وطنية عادلة، تستدعي أن نلتف حولها، دون أن نفسد ودها..
* تبرز ثقافة (الاستعجال) في وسائل التواصل الاجتماعي بصورة تشيب لها (حواجب) الولدان، هذا يخون، وذاك يشتم صاحبه بالجزمات الإيطالية والقبرصية، وآخر يلعن ويصنف معارضيه على مقياس (مناطقي) صرف..
* أسأل بعض الجنوبيين الذين حولوا (الفيس) إلى (مهاترات) يومية، هل لاحظتم أن (الشماليين) متماسكون في جبهة (الفيس)، لا يخونون بعضهم، ولا يشتمون بعضهم..؟
* المعذرة يا أهلي في الجنوب، العبد لله لا (يتمعقل)، ولا يمارس فاصلا إعلانيا في (التنظير)، ولا أرغب في زيادة الطين (الجنوبي) بللا، لكنها محاولة تذكير أننا كجنوبيين في مركب واحد، وأننا في أمس الحاجة لتوحيد الخطاب الشعبي والإعلامي، بما يجعلنا ننظر إلى أمورنا بعيون متوازية، وعقول مفتوحة على الشمس والهواء والتفاعل الذي يثري النقاش والحوار، ولا يفسد ذوق وود قضية (الجنوب) العادلة..
* أتمنى من كل جنوبي غيور على قضيته أن يتحكم في نسبة تدفق هرمون (الأدرينالين) في دمه، وأن يكبح جماح (انفعاله)، ويسارع إلى إصلاح ذات البين، من خلال (تفاعل) حضاري بناء، يساهم في القضاء على ثقافة وحماقة (الاستعجال) سيئة السمعة..!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى