المبعوث الأممي فى عدن يعيد خريطة الشمال والجنوب.. المفاوض الشمالي والشرعية اتفقا على دفن القضية الجنوبية ووضعا ذلك أمام جريفيثس

> كتب/ المراقب السياسي

> زار مبعوث الأمم المتحدة مارتين جريفيثس صنعاء، والتقى بقيادات أنصار الله (الحوثيين) وجناح المؤتمر الشعبي العام الموالي للحوثيين وشخصيات مستقلة وأكاديميين، وبعد أسبوع حافل من مقابلة فخامة الرئيس الصماد ودولة رئيس الوزراء ومعالي وزير الخارجية بهذه الصفات كممثلي دولة (جميعهم حوثيون انقلابيون وليسوا شرعيين!) غادر بعد زيارة وصفت بالناجحة، ليحمل معه أهدافا ورؤية محددة خاصة بالحوثيين.
وجد جريفيثس شبه دولة في صنعاء ولم يجد "شبه الدولة" لدى الشرعية في الرياض.. فحسب ديبلوماسيين غربيين فإن انطباعه عن الشرعية في الرياض لم يكن بتلك الإيجابية.
وسواء اتفقنا أو اختلفنا فقد وجد جريفيثس في صنعاء حكومة تعمل بحدودها الدنيا وقرارا مستقلا وصل حد إطلاق سبعة صواريخ دفعة واحدة باتجاه المملكة العربية السعودية أثناء تواجده هناك، ليؤكدوا أن قرار وقف الحرب لديهم وحدهم وداعميهم وليس لأحد آخر.
السؤال المهم الآن طرحه هو: ما الذي أعده الجنوبيون لزيارة جريفيثس القادمة إلى عدن والمكلا؟ وبأية صفات سياسية سيقابلهم؟
سيتكرر نفس جدول أعمال صنعاء في عدن، ومن المتوقع أن يلتقي جريفيثس برئيس واعضاء المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة الشرعية، إن وجدت، ومستقلين وأكاديميين، وسيبحث عن عناصر مشتركة وأهداف مشتركة ليستطيع الدفع بعملية السلام في اليمن، وليس في الجنوب، فالرجل لن يأتي لتحرير الجنوب، وهنا مشكلة الجنوب الدائمة، فلم تستطع أية جهة حتى الآن تقديم مشروع متكامل خاص بالجنوب فقط.
إن المفاوض الشمالي يعرف تماما ما يريده، ولديه القدرة على استغلال نقاط ضعف الجهة التي يقوم بالتفاوض معها، وسيعول الشمال على انقسامات الجنوب، مثلما حدث في الحوار الوطني، ومثلما حدث في جميع دورات التفاوض الأممية، حيث تمكنوا من تحييد قضية الجنوب، وهي القضية الرئيسية في واقع اليوم على الأرض، وهي القضية التي يتفق جميع ساسة الشمال (انقلابيين وشرعيين) على ضرورة دفنها بأي ثمن.. وما كانت محاولات الشرعية المستمرة حتى مساء أمس لثني جريفيثس عن زيارة عدن، والتي وصلت إلى حد عدم ضمان أمن المبعوث أثناء زيارته إلى عدن، إلا تأكيدا على واحدية الهدف لدى أولئك الساسة في الرياض.
وبينما دفع المبعوث الأممي الأسبق جمال بن عمر بالقضية الجنوبية إلى أروقة الأمم المتحدة، وأفرد لها مساحة كبيرة في تقاريره الخاصة لمجلس الأمن، لم يكن المبعوث اللاحق ولد الشيخ ذا اهتمام بالقضية الجنوبية، وغرق في صراعات سياسية بين الشرعية والحوثيين أوصلت جهوده إلى حالة الشلل التام، وأوصلته إلى التراجع في نهاية المطاف عن تجاهله للقضية الجنوبية.
إن زيارة جريفيثس هي فرصة يجب استغلالها، وهناك ملفات يجب تقديمها إليه بصفته مبعوثا أمميا، ومنها ملفات الشهداء والقتلى الجنوبيين من 1994م إلى 2018م، ملفات الجرحى، ملفات العنصرية المنظمة التي مارستها الدولة بحق الجنوبيين، ملفات النهب المنظم لثروات الجنوب، وملف إعادة الإعمار المتوقف في المناطق الجنوبية المحررة، وعلى كل جهة أو فصيل يتمكن من مقابلة جريفيثس تقديم رؤية سياسية للجنوب حتى وإن كانت عدة رؤى، وكل ذلك يتطلب الكثير من العمل، ولكن الأهم هو تشكيل توجه واحد لا يهاجم أي طرف فيه الآخر لدى جريفيثس، فهذا الأمر يتمناه ساسة الشمال..
المرحلة ليست مرحلة شعارات ثورية بقدر ما هي مرحلة عمل سياسي منظم يقدم رؤية سياسية لمشروع وطني جنوبي ناضج وواعٍ، ويستوعب التطورات التي حققها الجنوبيون على الارض.
ومما يبعث على التفاؤل أن المبعوث جريفيثس اختار ان يزور صنعاء ويغادرها الى خارج اليمن ليعود بعدها الى عدن رأساً وهو مؤشر جوهري على الفصل بين الشمال والجنوب مع ما يمثله ذلك من واقع جديد على الارض يعيد الخريطة السياسية السابقة قبل مايو 1990م.
التعويل على أية جهة كانت حتى دول التحالف في إيصال الجنوبيين إلى هدفهم المشترك هو ضرب من الخيال، فالتحالف تدخل في اليمن بغطاء من الشرعية التي تمثل اليمن كاملاً ولا تمثل الجنوب بشكل مستقل.
لكن الهدف المشترك للجنوبيين هو ما دفع بكل الانتصارات المحققة على الأرض منذ 2015م، ويستحق منا جميعا العمل بشكل حثيث، للوصول إليه، وزيارة جريفيثس هي خطوة واحدة فقط وليست كل شيء، وعلينا قلب الطاولة، فالحل في اليمن لن يأتي إلا بالجنوبيين أنفسهم وقضيتهم في أولويات ذلك الحل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى