اليمن.. ثلاث حكومات في دولة واحدة

> عمر أحمد

>
جيش يمني مهجّن
أشار «المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية» إلى أن «الهجين باتت هي الديناميكية السائدة في قطاع الدفاع اليمني، وذلك بسبب ظهور عناصر عسكرية جديدة، وتداخل الولاءات السياسية والمحلية والقبلية، وخضوعها لعملية إعادة صياغة عميقة منذ الانهيار الكامل للعملية الانتقالية في العام 2014، وبداية التدخل العسكري السعودي والإماراتي في العام 2015».

ولفت المعهد الإيطالي إلى أن «إعادة تشكيل علاقات القوة في اليمن، أسفر عن جيش مهجّن تميز بثلاث سمات ناشئة» أولاً: «تزايد التهجين بين الجهات العسكرية الرسمية وغير الرسمية، مما يؤدي إلى تحالفات أو تحالفات غير مستقرة وغير مستقرة».

ثانياً: «تحول قطاع الدفاع في اليمن من نظام وطني قائم على جيش تقليدي، إلى نمط يتميز بمظلات متعددة متنافسة مع الميليشيات في قلب الهياكل العسكرية الهجينة»، وثالثاً: «لا تزال الهيمنة والمحسوبية ديناميات بارزة في قطاع الدفاع اليمني، على الرغم من أدائها من خلال آليات مختلفة».

ثلاث حكومات ودولة واحدة
ورأى المعهد الإيطالي أن «إعادة تشكيل علاقات القوة، أفرز أيضاً، ثلاث حكومات داخل الحدود الإقليمية لليمن، وتتمثل في الحكومة المعترف بها دولياً بقيادة الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي، والحكومة الموازية التي شكلها الحوثيون في صنعاء بعد تحالفهم التكتيكي مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح، بالإضافة إلى المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي أعلن عنه في 2017، والذي يعتمد على قطاع الدفاع الخاص به، الذي تشكله في الغالب مجاميع مسلحة مدعومة من قبل الإمارات العربية المتحدة، وتم إضفاء الطابع المؤسسي عليها من قبل هادي في العام 2016، وتحولت إلى قوات حكومية».

وأوضح المعهد الإيطالي أنه بالنظر إلى قطاع الدفاع في الخطوط الأمامية، وكذلك في الحوكمة الأمنية، يمكن تحديد عمليتين متزامنتين، الأولى «منح بقايا القوات المسلحة النظامية السابقة الشرعية للميليشيات غير التابعة للدولة»، وتحولهم إلى عناصر أمنية منتظمة، والثانية «تحول قطاعات من القوات المسلحة الرسمية السابقة كقوى مساعدة للميليشيات».

وبيّن المعهد الإيطالي أنه ونظراً لوجود ثلاث حكومات في اليمن، فإن إدارة الأمن «تتم إدارتها الآن بفضل الترتيبات الأساسية، حيث القوات غير الرسمية تملأ الفراغ الذي تركه الجيش، أو تتقاسم المسؤولية مع بقاياه»، مؤكداً على أنه «لا يوجد اليوم في اليمن نظام أمني من أعلى إلى أسفل، وذلك بسبب التوطين الكبير للأمن، والعديد من الأوامر الأمنية المبنية على التهجين بين المجموعات العسكرية الرسمية وغير الرسمية».

أمن مرقّع
وأشار إلى أن تلك الحالة توصف بـ«الأمن المرقّع»، موضحاً أن تلك الحالة «تنشأ في الدول الممزقة مثل اليمن، حيث يتم الاعتماد على اتفاقيات الأمن المحلية، وليس الأطر الوطنية العامة، ويتنافس موفرو الأمن على الأرض، كحالات التعايش والتعاون بين الجيوش والمسلحين غير الخاضعين لسلطة الدول، في حين يترك المجال للخبرات الأمنية المختلطة للقتال، والحكم فيما بعد».

ولفت إلى «هذا النوع من الحوكمة الأمنية يتميز بعلاقات أفقية، وليست عموديا، حيث يتم تشكيل التسلسل الهرمي على المستوى المحلي، لأن الدولة المركزية لا تستطيع توفير الأمن على المنطقة بأكملها وحسب، ولكنها تعتمد الوجوه غير النظامية للبقاء على قيد الحياة».

ونوه المعهد الإيطالي إلى أن «التهجين أيضاً يمكن ملاحظته في العديد من ساحات القتال، كالحديدة، حيث يرأس طارق صالح، قوات ما تسمى بحراس الجمهورية، التي تقاتل ضمن ائتلاف يضم أيضاً مقاتلين محليين من تهامة، والسلفيين الجنوبيين المنضوين تحت مضلة لواء العمالقة، وفي تعز، حيث يحارب لواء أبو العباس ضد الحوثيين إلى جانب القوات المدعومة من الدولة، ككتيبة الحماية الرئاسية الخامسة، كما أنه يتعاون مع وحدات طارق صالح باتجاه الحديدة، وفي محافظة صنعاء، حيث تقاتل بقايا من الفرقة المدرعة الأولى التابعة للجيش، التي يترأسها نائب هادي، علي محسن الأحمر إلى جانب الميليشيات القبلية».

ورأى المعهد الإيطالي أن «السلطة في اليمن تحولت من نظام قائم على الولاءات، المرتبط بدولة مركزية مختلة ولكنها موجودة، إلى شبكة من أمراء الحرب، بسبب انهيار الإطار الوطني وصعود إقطاعات إقليمية متنافسة، وأصبح القادة العسكريون وسطاء محليين بين المجتمعات وصاحب السلطة العسكرية والمالية، المحلي وكذلك الأجنبي».

الخارجي أكثر خطورة
وفي المقابل، حذّر المعهد الإيطالي من أن «مشاركة الأطراف الخارجية في الجيش اليمني، أكثر خطورة من التهجين في القوات المسلحة، وذلك لكون الدول الأجنبية، تلعب من أجل سياسة القوة، مع الهويات السياسية المتضاربة والطموحات المحلية، وبالتالي تزداد اتجاه التجزئة في قطاع الدفاع اليمني».

وأكد المعهد الإيطالي على أن «التعايش والتهجين بين الجيش والميليشيات، ووجود قادة قبليين-تجاريين، ذوي أهداف ذاتية الحكم، ليس أمراً غير معتاد بالنسبة لليمن، لكن الجديد هو الضعف الشديد والاستقطاب الداخلي لقطاع الدفاع، إلى جانب مشاركة اللاعبين الأجانب في المشهد الأمني كالمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وإيران».

واعتبر المعهد الإيطالي إن قطاعات من قطاع الدفاع النظامي والقوات الحكومية الشرعية «تقدم سمات متضاربة، وذلك لكونها مقسمة على الجغرافيا والأيديولوجية والولاء والدعم الخارجي، وهي تتجسد بالفعل بجيوش الشمال، والجنوب، كمجموعات علي محسن وجماعة صالح اللتان تدافعان عن مصالح الشمال وهم مكروهون على نطاق واسع من قبل الجنوبيين، ولكنهم يدعمون بشكل أساسي القوات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة من أجل فيدرالية ولكن موحدة لليمن، وعلى العكس تماماً من القوات التي تطلع لاستقلال الجنوب».

وختم المعهد الإيطالي محذراً من أن حالة «الأمن المرقع، لا تضع غموضاً وتقلباً على أوامر الأمن الجزئي في اليمن وحسب، بل أيضا في تعايش تلك القوات المتعددة التي لا يمكن السيطرة عليها داخل دولة موحدة».
عن (العربي)​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى