مركز عدن للرصد ينظم ندوة لمعالجة الأزمة الاقتصادية بالشراكة مع مجموعة المبادرة المجتمعية الجنوبية

> عدن «الأيام» رعد الريمي

>
 أجمع اقتصاديون ودكاترة واكاديميون مهتمون بالشأن المالي والمصرفي على أن أي معالجات للشأن الاقتصادي سواء للجنوب أو الشمال لا يقف عند مطلب ايقاف الحرب على عتبة قائمة معالجات الازمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية فإن تلك المعالجات فاشلة وغير مجدي البتة.

جاء ذلك في الندوة النقاشية التي نظمها مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب بالشراكة مع مجموعة المبادرة المجتمعية الجنوبية صباح أمس في قاعة قصر العرب تحت عنوان : تصورات مجتمعية لمعالجة الأزمات الاقتصادية والمالية والاجتماعية، والتي قدمت فيها خمس أوراق جاءت الورقة الأولى بعنوان (انهيار العملة "الريال اليمني" والمعالجات الممكنة) قدمها أ.عبدالسلام الربيعي، فيما قدم الورقة الثانية (الأمن الاقتصادي) العقيد الركن د.عبدربه محمد عمر المحرمي، فيما قدم الورقة الثالثة (الرؤية الاقتصادية للجنوب ومعالجة العملة الوطنية) رئيس مركز المسار للدراسات الاستراتيجية والتنمية د.سلوى مبارك، فيما قدم الورقة الرابعة (الموارد في المناطق المحررة.. الواقع والمحددات قراءة أولية) أ.صالح الجفري، فيما استعرضت ليلى محسن الكثيري الورقة التي أعدها أ.سعيد عبدالله باوزير والتي حملت عنوان (ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.. والبدائل الممكنة للتخفيف عن كاهل المواطن هذه الأعباء ونبذة عن تجربة حضرموت في البطاقة التموينية".

وفي مستهل الندوة استعرض رئيس مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب قاسم داود علي خلفية مسمى "مجموعة المبادرة المجتمعية الجنوبية"، وقال إنها دور مجتمعي ومكمل نوعي يضاف لنضال الشعب في الجنوب تمهيدا لاستلام أرض الجنوب بكامل الحقوق.
وأضاف "إذ يكمن دورنا في تنظيم هكذا فعاليات في باب الشراكة الآنية والمستقبلية، وإننا بحاجة إلى كل الطاقات سواء أكانت من المبدعين والإداريين والأكاديميين لإدارة الشأن الاقتصادي والاجتماعي وهي مبادرة أولى ونوعية تحمل هذا البعد".

واعتبر داود ذلك النشاط المنظم من قبل مجموعة من الجنوبيين المختصين والذين هدفوا من خلال اجتماعهم على إحدى الجروبات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى "جزء من نضال الجنوبيين للسيطرة على أرضهم وسيادتهم ومواردهم الهادف لمستقبل يليق بالجنوب".
ونوه إلى أننا "دعونا أكثر من طرف معني بالأزمة الاقتصادية غير أن انشغالاتهم حالت دون الحضور"، مشيراً إلى أنهم باركوا الخطوة وأبدوا التفاعل مع مثل هكذا مبادرات مجتمعية متخصصة اقتصادية.

ثقة المواطن بالعملة
وأشار عبدالسلام الربيعي في ورقته التي قدمها تحت عنوان "انهيار الريال اليمني والمعالجات الممكنة" إلى أن مقدمات انهيار العملة الوطنية أمام العملات الأجنبية عائد للوضع السياسي والاقتصادي بشكل عام، والموارد الاقتصادية، والاستثمارات المحلية والأجنبية، ودور البنك المركزي والسياسيات النقدية، وثقة المواطن بالعملة، ومعدل النضج في البلد، وانخفاض القوة الشرائية والتي هي مقدار السلع والخدمات التي يمكن للفرد الاستفادة منها بواسطة دخله المتاح.


واستعرض الربيعي الخلفية التاريخية للعملة المحلية سواء أكانت في الشمال أو الجنوب، وقال: "كانت عملة الجنوب هي الدينار وتقوم السياسة النقدية على أساس التثبيت وظل الدينار الجنوبي يساوي 3 دولار تقريبا منذ الاستقلال في عام 1967م حتى ليلة إعلان الوحدة وأثناء انعقاد الاجتماع المشترك لمجلس الوزراء في الشطرين حيث كانت المفاجأة بصدور قرار مجلسي الوزراء للشطرين المنعقد في 21 مايو 1990م القاضي بدمج عملتي الشطرين في كتلة نقدية واحدة، وأعلن عن تسعير الدينار الجنوبي مقابل الريال اليمني (26) ريالا يمنيا، في حين كان تداوله في السوق في نفس الليلة بأكثر من 35 ريالا يمنيا".

وقال "ونتيجة لذلك الإجراء انخفض سعر الدينار الجنوبي ليلتها بمقدار 30 % حيث أصبح سعره دولارين في حين كان قبلها 3 دولارات، وخسر الجنوبيون ليلتها مدخراتهم وودائعهم في البنك الأهلي ومصرف الجنوب وفي مخازنهم أفرادا ومؤسسات".
وأضاف "إن اليمن وخاصة الجنوب لا يفتقر للموارد غير أنه وبكل أسف افتقر للإدارة من قبل طبقة الحكم القبلي والعسكري والإسلام السياسي التي تشكلت بعد حرب 1994م والتي كانت ولا تزال السبب الرئيسي في الانهيار السياسي والاقتصادي وفي انهيار العملة الوطنية".


فيما شخص الربيعي الأسباب المعاصرة التي أدت إلى تهاوي الريال لنفاد الاحتياطي من العملة الأجنبية من البنك المركزي في صنعاء قبل صدور قرار نقله إلى عدن ونفاد الوديعة المقدرة بملياري ريال سعودي، بالإضافة إلى نفاد الاحتياطي الاستراتيجي من السلع أو البضائع ووسائل الخدمات، حيث كانت تتكدس في مخازن وكلاء الشركات والمؤسسات والهيئات والمصالح الخاصة والعامة بكمية كبيرة من السلع والبضائع الضرورية والكمالية، بالإضافة إلى زيادة العجز في ميزان المدفوعات وبالذات في الميزان التجاري حيث إنه بعد نفاد المخزون الاستراتيجي من البضائع تطلب الأمر استيراد كميات من هذه السلع، الأمر الذي قابله توقف الصادرات النفطية والغازية والسلع الزراعية والسمكية.

وتابع الربيعي بتشخيص الأسباب المعاصرة وأنه يضاف لها أيضاً زيادة استمرار الإنفاق الوهمي واتساعه بعد البدء بالحرب حيث قام طرفا الحرب بحشد وتجنيد مئات الآلاف من الجنود الوهميين في المجالين العسكري والأمني رسميا ونهب إيرادات البنك المتبقية من قبل الحوثيين عقب قرار نقل البنك المركزي، علاوة على ما رافقه من نهب لما تبقى من الاحتياطي النقدي المحلي والأجنبي، بالإضافة إلى تضامن محافظة مأرب مع قرارات الحوثي الاقتصادية بعدم توريد الإيرادات إلى البنك المركزي بعدن، وفتح محلات صرافة كثيرة في عدن بدون تراخيص بغرض سحب السيولة واكتنازها وتحويل النقد الأجنبي إلى صنعاء والمحافظات الشمالية، بالإضافة إلى فشل الحكومة في اتخاذ قرارات مناسبة مالية ومصرفية كقرار بيع العملة الاجنبية بالمزاد العلني وتعويم العملة وغياب اجراءات تأديبية على التهرب الضريبي، وإصدار نقدي جديد.

غياب الضمان الحد الأدنى
فيما عرف العقيد الركن د.عبدربه محمد عمر المحرمي (الأمن الاقتصادي) عنوان ورقته، بأنه الحالة التي يتم فيها تدبير الضمان والحماية لأفراد المجتمع وذلك في سبيل الحصول على احتياجاتهم الأساسية كالمسكن والملبس والعلاج، بالإضافة إلى ضمان الحد الأدنى لمستوى المعيشة، وبالتالي تكمن أهمية الأمن الاقتصادي في تعزيز الوضع النفسي والمادي لأفراد المجتمع.


وخلص د. المحرمي إلى أن جميع أنواع الأمن في اليمن عامة والجنوب خاصة مفقودة فلا أمن اجتماعي يشعر أفراد المجتمع بالانتماء إليه ولا أمن اقتصادي يتم من خلاله توفير جميع الاحتياجات الأساسية، ولا أمن بيئي حيث زيادة معدل التلوث وندرة الحصول على الماء، حيث يفتقر 16 مليون نسمة للمياه النظيفة والصرف الصحي وغيرها من الخدمات.

وأضاف "أما في الجانب الاقتصادي فحدث ولا حرج، فحياة أكثر من 85 % من المجتمع يعيشون تحت خط الفقر والبالغ عددهم 27 مليون نسمة، فيما أكثر من 20 مليون شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وأكثر من 9 ملايين شخص مهددون بخطر المجاعة، واكثر من مليوني طفل يعانون من سوء التغذية، بالإضافة إلى انتشار الأمراض كـ (الكوليرا، الدفتيريا وغيرها من الامراض المعدية)، إلى جانب انتشار الجهل حتى في الجامعات للأسف الشديد مع ما يرافقه من إهمال لبناء الانسان وكرامته المهدورة والذي بات لا ينال حقوقه".
وأفرد المحرمي للتنمية بابا خاصا وقال: "إذ لا تزال التنمية تدور في حلقة مفرغة وجميع حلقاتها معطلة فلا تعليم ولا تدريب ولا خدمات بل وصل الانهيار إلى الأساسات".

توحيد الخزائن المالية
وانفردت وجهة نظر د.سلوى مبارك، مستشار رئاسة الجمهورية، ورئيس مركز المسار للدراسات الاستراتيجية والتنمية، لمعالجة العملة الوطنية وأن "الحل يتمثل بوجود رؤية اقتصادية للجنوب وبناء الأقاليم الجنوبية لسد حاجة أبنائه".

وأشارت د.سلوى إلى أن الحل لمشكلة انهيار العملة هو منع الحكومة من التدخل في عمل المصرف أو البنك المركزي عدا تعيينها المحافظ والمجلس وكذا جميع المصارف والبنوك المركزية، مقترحة لتخفيف العبء إنشاء الخزينة العامة التي تساعد على صرف الرواتب والمعاشات وصرفيات المشاريع مثلما كان الوضع في دولة الجنوب والخزينة هي آلية رقابية مفيدة لتسهيل النظام المالي وتخفيف الفساد.

نتائج متوقعة
من جهته قدم الباحث صالح الجفري قراءة أولية لموارد المحافظات الجنوبية، وقال "لم يكن مستغربا النتائج الكارثية والمدمرة التي أحدثتها الحرب التي فجرها الانقلابيون على كافة الأصعدة، حيث كان المجال الاقتصادي هو الأكثر تضررا لارتباطه بحياة الناس".

وأشار إلى أن توقف الصادرات في أهم جوانبها الأساسية (النفط والغاز) واللذان يشكلان الرافد الأساسي لموازنة البلد وبنسبة تقارب 70 % من موارد النقد الأجنبي إلى جانب الصادرات الزراعية والسمكية بالإضافة إلى تدهور المصادر الجمركية والضريبية وتدهور الموارد المحلية في كافة المحافظات المحررة ومن مختلف المصادر التي تحددها القوانين السارية، سبب رئيسي في تدهور العملة.


وتابع: "إنه وبفعل الحرب فقد الاقتصاد 40 % من حصيلة الجمارك"، وأرجع الجفري ذلك إلى عدم كفاءة الإدارة الضريبية في المتابعة والتقييم والتحصيل لبقية المصادر الضريبية.
ووفق مصادر غير رسمية فقد استعرض الجفري عدداً من موارد اقتصاد البلد وموارد المحافظات الجنوبية. 

واستمعت إدارة الندوة لعدد من المداخلات التي وصفت بعضها بالإثراء النافع والإضافة الهامة فيما تمحورت بعض تلك المداخلات حول الأوراق وتصويبات وملاحظات فنية على ما قدم من أوراق في الندوة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى