ماذا حدث لنا ؟!

>
 
أحمد عبدربه
أحمد عبدربه
ماذا حدث لنا في هذه البلاد؟ لقد تبلدت الأحاسيس، وتحجرت المشاعر وأصبحت القلوب جافة والصدور ضيقة حرجة، لم نكن كذلك، فماذا أصابنا؟ الجميع في حيرة وحسرة معاً عن ما يجري لنا في هذه البلاد، كيف يمكن للحياة من حولنا أن تتغير إذا لم نغير ما بأنفسنا وما بداخلنا من رؤى تقاعسية ومن معتقدات سلبية. للأمانة التاريخية نحن أساتذة بل عباقرة في الكلام وإطلاق الوعود الجميلة البراقة والكلام المعسول الذي لا يفيد.. ولو أننا نعمل وننجز بقدر ما نعد ونتكلم لكان حالنا غير الحال، للأسف البعض لا يدركون ولا يعلمون أن البلاد تمشي على كف عفريت، خطر داهم، فهناك اجتماعات جانبية ومشاورات وحوارات بشأن قضايا ومشاكل البلاد (لا سمح الله تقسيمها)، وقد جاء الاعتراف بهذه الحقيقة تصريح الأخ د. أحمد بن دغر رئيس الوزراء السابق في نشرة أخبار التلفزيون في الآونة الأخيرة بعد أن تعدى الانفلات كل الحدود وأصبح يهدد مستقبل وكيان هذا الوطن.

 إن ما تشهده بلادنا حالياً هو نتيجة طبيعية للتسيب والفوضى والتهاون ونتيجة أيضا للاختلالات والإرباكات الأمنية وترك الحبل على الغارب للبلطجية والهوجائيين وأصحاب نزعات التطرف كي يسيطرون على مقدرات الحياة دون ضابط أو رابط.. ويحبذ لو نتفرغ للشؤون الداخلية الأمنية، الإدارية، الاقتصادية، التعليمية، الصحية، الاجتماعية، المؤثرة في حياتنا الآن ومستقبلا، وعندنا من المشكلات ما ينوء بحملها الجبال تظل تفكر فيها الأجيال. أما الشؤون الخارجية، وأعني بها ما يخص علاقاتنا بدول الجور (دول مجلس التعاون الخليجي) لكوننا نحن وإياهم في منطقة واحدة وخندق واحد تربطنا بشعوبهم ودولهم علاقات تاريخية يعززها الجوار والأخوة والروابط التاريخية المشتركة لشعوبهم الشقيقة.. لابد أن نصارح انفسنا بأن قضايا الداخل هي الآن التي تحتل المقام الأول بين المشكلات الكثيرة التي تتعرض لها البلاد في الوقت الحاضر كإعادة عمران المدن والمدارس والمرافق الحكومية المهدمة والمخربة...الخ.

ليس هذا الكلام من عندي وحدي ولكنه مأخوذ مما نسمعه بين حين وآخر في الجلسات الجانبية ونقرأه في الصحف.. وبإمكان أصحاب الشأن في البلاد أن يلتمسوا بكل بساطة الناس فيما يخص بعض الآثار السلبية وحجم المشاكل الكبيرة التي يعاني منها المواطن الغلبان على أمره كارتفاع أسعار المواد الغذائية والكمالية والأدوية وغيرها.

 البياع هو الذي يحدد سعر بضاعته حسب مزاجه ورغبته، تصوروا حادثة حدثت لي مع أحد الأصدقاء أن كنا في (صيرة) وهناك صياد معروف لدينا فجأة كان قادما من البحر في زورقه الصغير القديم وكانت معه كمية من (أسماك الجحش) جلبها بزورقه الذي يحركه بالمجداف في البحر بيديه وساومناه بشراء (واحد حوتي جحش صغير) وطلب منا مقابل ثمنه سعر باهظ، وسألناه أن القيمة عالية، رد علينا أن «سعر الدولار ارتفع» مع أن الكمية التي جلبها من البحر بزورقه بالمجداف ليس لذلك علاقة بارتفاع الدولار، مجرد يحرك زورقه بالمجداف في البحر بيديه، أين الرقابة من هذا الجشع وهو يصطاد السمك بدون مقابل من البحر وهو فعلاً رزق يخاطر بحياته من أجله بين أمواج البحر الهادرة، ونحن نرثي لحاله لكن أسعار السمك مرتفعة وهو مجرد ينزل بزورقه اليدوي إلى البحر الذي يحركه بمجدافه بواسطة يديه.

 للأسف إن كل شيء ارتفع سعره بشكل خيالي، ونطالب الجهات المختصة برقابة الاسعار كما كان متبعا في السابق وجود رقابة تابعة لوزارة التجارة والتموين.. ارحموا المواطن من ارتفاع الأسعار الجنوني كالمواد الغذائية والأدوية، تصوروا قيمة الكيلو الواحد لحم بلدي الذي يأتي من مراعي ريف بلادنا في حدود (5500 ريال) وقيمة طبق البيض الواحد وهو من إنتاج بلادنا 1550 ريالا وليس له علاقة بارتفاع الدولار لكن الجشع زاد والتجار لا يرحمون والراتب قليل لا يتجاوز قطمة رز 5 كيلو وقطمة سكر 5 كيلو + 5 كيلو دقيق.

 علينا أن نصارح أنفسنا بأن قضايا الداخل هي الآن التي تحتل المقام الأول بين المشكلات التي تتعرض لها البلاد في الوقت الراهن ولا خلاف إذا قلنا جميعاً أن الحالة الداخلية هي أخطر المشاكل التي تواجهنا والكثير من المسؤولين يعترفون بأن ارتفاع السلع وخاصة الضرورية منها هي المشكلة الأولى التي تواجهنا جميعاً، وهنا لابد من الاعتراف بأن سياسة خفض قيمة عملتنا الوطنية هي القضية الأولى التي تكمن فيها أسباب ارتفاع الأسعار بقدر غير متوقع خاصة وهذا الارتفاع لا يجري على السلع المستوردة من الخارج فحسب كما يظن الكثيرون ولكن الارتفاع أصبح يعم كل سلعة يحتاج إليها المواطن سواء كانت مستوردة أو من المنتوج المحلي في البلاد، فالخضروات والفواكه والألبان واللحوم والبيض ارتفعت اسعارها ارتفاعاً لا مبرر له لا يستطيع المواطن العادي شراءها.

لا ننسى وكما نعرف جميعاً بأننا نواجه الكثير من المشاكل الأمنية والاقتصادية والإدارية والتعليمية والصحية والاجتماعية، هذه المشاكل المستعصية ليست وليدة اليوم ولكنها وليدة تراكمات وسياسات خاطئة وظروف فرضتها علينا الحروب المتوالية التي حدثت ولا زالت تحدث في البلاد، ربما أن هذا مكتوب علينا من الله، (والمكتوب على الجبين لازم تشوفه العين!!).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى