عدن تفتح ذراعيها للهيئة العربية للمسرح بالشارقة

> مختار مقطري

>
هي القصة المشهورة، عن وصول المسرح لعدن، مع الفرقة الهندية التي زارت عدن عام 1904، وقدمت عرضا مسرحيا للجمهور العدني، آثار انبهاره واعجابه وكان حديث الصباح والمساء بعدن، ثم يهدأ الموضوع في الظاهر، لكن التجربة كانت تتخلق في عقول ووجدان الشباب العدني المتعلم، فقد وجدوا في المسرح خير وسيلة للتواصل مع فئات المجتمع في عدن، وبث رسالتهم التنويرية والتعليمية للارتقاء بالمجتمع، ففي العام 1910، قدم بعدن، اول عرض مسرحي محلي الصنع، (يوليوس قيصر)..

لكن العرض المسرحي الهندي، عام 1904، لم يكن ليؤثر كل هذا التأثير الفاعل والسريع، لو لم تكن عدن حينها مهيئة نفسيا وتعليميا لتقبل التجربة، والاستفادة منها ومحاكاتها بجهود ذاتية، فلم يكن تطوير الفن من ضمن اهتمام الاحتلال البريطاني لعدن، فعلى مستوى العشق للمسرح عند فناني المسرح ورواده، واهتمام الصحافة به، ثم التلفزيون، انتشرت العروض المسرحية، وزاد عدد المؤلفين والمخرجين، والممثلين، وكان منه قائم على الارتجال، ومنه على بساطة النص والاخراج مع غياب للمؤثرات السمعية والبصرية والمؤثرات الفنية والبنية التحتية، وغياب لخشبة المسرح، ومن المخزي، اننا في العام 2018 لازلنا نقدم عروضنا المسرحية في صالة السينما وقاعات الندوات والمؤتمرات، وذلك لأن الاستقلال الوطني وقيام الجمهورية في الشمال، لم يسهما في تطوير المسرح، بقدر ما اصبح فنا موجها.

والمسرح علم وفن، ونص مكتوب بالحبر والكلمات، وتقنيات متطورث في الصوت والمشاهدة، وتكنلولوجيا علمية قادرة على استحضار الحرب العالمية الاولى ومحاكاة يوم القيامة على خشبة المسرح.
والمؤسسة العربية للمسرح بالشارقة، ممثلة بأمينها العام الاستاذ المثقف اسماعيل عبدالله، واعضائها الواعين، تجاوزت انظمتها ولوائحها المنظمة لأنشطتها، وهي تتعامل مع ملف(المهرجان الوطني للمسرح عدن) بهدف تمويله، ولكن ليس من اجل خاطر عيوننا، لأنها تتعامل مع دولة وليس مع مدينة، ونحن لم نستعد دولتنا التي اضعناها، مما يعني ان اهدافها ثقافية، وليست سياسية مصلحية وضيقة، ولذلك اجد نفسي انحني احتراما لها، فمن الواضح أن هدفها الاول تطوير ودعم الحركة المسرحية في الوطن العربي، تقديرا ووعيا معرفيا منها لدور المسرح في الارتقاء بمناح اخرى في المجتمع، فكريا وثقافيا وفنيا واجتماعيا واقتصاديا كذلك، ولذلك سارعت لتمويل المهرجان القادم بعدن، متجاوزة حساسية عدم الاشارة لاسم الدولة (اليمن). هذا التمويل المناسب للمهرجان باسم مدينة عدن، يدل على قراءات توثيقية للهيئة للتاريخ المسرحي والفني لعدن، وجمع المواد البحثية والدراسات العلمية عن الدور الريادي لعدن الفن، وارشفتها ودراستها، وواضح انها هيئة ثقافية علمية منهجية، ولم يبدأ اهتمام الهيئة بعدن، في اليوم الذي طلب منها تمويل المهرجان، ولكنه اهتمام ونشاط مستمر، بأكثر من مدينة عربية، وفي مقدمتها عدن.

وبسبب دراستها للدور الفني التاريخي لعدن، توصلت الهيئة الى حقيقة بمنتهى الاهمية، وهي ان عدن لا تعاني من ازمة نص او ازمة مؤلف ومخرج وممثل او ازمة جمهور، لكن ازمتها التي ادت الى تخلف المسرح بعدن، رغم وجود عوامل ازدهار وتطور المسرح، تتلخص في غياب البنية التحتية، والوسائل العلمية لتطوير العرض المسرحي، وتطوير مهارات الممثل وغيرها، ولذلك، والى جانب موافقتها على تمويل المهرجان المسرحي المزمع اقامته مطلع الشهر القادم بعدن، وافقت كذلك، على تمويل عدة مشاريع فنية، ستؤدي للبدء ببناء البنية التحتية للفن بعدن، وعلينا بعد ذلك، ان نضيف ما نقدر على اضافته لاستكمال البناء، وبهذه المشاريع التي ستقوم الهيئة العربية بإنشائها بعدن، فتحت عدن ذراعيها لها، ومدت لها يدها، كما يمدها مشرف على الغرق ليد النجاة، ولذلك لابد من الانحناء شكرا وعرفانا، للهيئة العربية للمسرح بالشارقة، ممثلة بأمينها العام الاستاذ المثقف اسماعيل عبدالله، التي اثبتت ان هدفها ثقافي علمي منهجي، يستحق منها العمل الجاد وسخاء العطاء لتحقيقه، والانحناء احتراما واعترافا للجهود الكبيرة التي بذلها الاستاذ الفنان احمد عبدالله حسين، مدير مكتب الثقافة، بعدن، عن ادراك ووعي خبير، بما يحتاج له المسرح والحركة المسرحية بعدن، فالمسألة اذن اكبر من مجرد مهرجان يقام، ثم يفض المولد، ومن هنا الجميع،والجمهور تحديدا، للعمل بإخلاص وحب، وبذل كل الجهود العملية والنفسية لإنجاح المهرجان، بل وانجاحه نجاحا كبيرا، لأن هذا هو المحك الذي يثبت اننا جادون وواعون بأهمية المسرح، الامر الذي يحث ويشجع الهيئة لسرعة تنفيذ مشاريعها التي. وعدت بها واضافة مشاريع اخرى، وانا اكاد اجزم ان الحب لعدن كذلك جعلها تقرر تنفيذ هذه المشاريع، وعلينا كذلك تبادل الحب بحب ومساعدة الهيئة على تنفيذ مشاريعها بنجاح. وكم تمنيت من وزارة الثقافة، اصدار صحيفة او مجلة فنية اسبوعية خاصة بالمهرجان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى