هل تتلاشى هدنة الحديدة وتقوّض اتفاق السويد؟

> «الأيام» غرفة الأخبار

>  يبدو أن هدنة محافظة الحديدة، المقرة في مدينة «ستوكهولم» السويدية بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2451، لن تستمر كثيرًا، لاسيما مع مواصلة الحوثيين خرق وقف إطلاق النار، وتواصل أعمال الحشد للمقاتلين.
وأمس الثلاثاء، سقطت قذائف حوثية على مناطق سكنية في مركز مديرية «حيس» بالحديدة، بحسب «سكاي نيوز عربية»، إلى جانب عدم توقف الحوثيين عن حشد مقاتليهم في مناطق التماس، الأمر الذي يهدد اتفاق السلام الموقعة في «استوكهولم» الأسبوع الماضي، وتلاشيها إلى الأبد.

ورغم أن رئيس اللجنة الأممية المكلفة بالإشراف على وقف النار في الحديدة وإعادة نشر القوات الحكومية والحوثية، الجنرال الهولندي باتريك كومارت، بدأ مهامه الميدانية في مدينة الحديدة أمس الأول، وقام بالتجوال في الميناء، وزار عدداً من أحياء المدينة، إلا أن خروقات الحوثيين ما زالت مستمرة.

ورصد التحالف العربي أكثر من 138 انتهاكاً منذ اتفاق السويد وحتى أمس الأول، بحسب المتحدث باسم التحالف العقيد الركن تركي المالكي.
وقال المالكي: «إن الميليشيات الحوثية تعيق دخول سفن تحمل مساعدات غذائية في ميناء الصليف القريب من الحديدة، غربي اليمن»، مؤكداً أن «منطقتي صعدة وعمران تُستخدمان كمنصات لإطلاق الصواريخ من قبل ميليشيات الحوثي».
وأشار إلى أن الحوثيين يستخدمون مطار صنعاء كثكنة عسكرية.

وأكد بأن اتفاق السويد مهدد بالفشل إلا إذا كانت تحركات الجنرال الهولندي باتريك كومارت جديّة، وكل ذلك سيتضح في تقريره الأسبوعي الأول الذي سيرفعه للأمم المتحدة نهاية الأسبوع.
وكان الحوثيون استهدفوا «حراثة» أحد المواطنين أثناء مرورها بأرض زراعية شرقي مدينة الحديدة أمس الثلاثاء، أدى لاحتراقها، بالإضافة إلى مصرع مواطن في منطقة «النخيلة» جراء لغم زرعه الحوثيون، كل تلك الأمور تبشر بفشل استمرار هدنة الحوثيين، كالمعتاد، وربما الإطاحة باتفاق السويد.

موقع «سكاي نيوز عربية» أفاد عن مصادر محلية، بوجود تحركات مشبوهة للحوثيين هدفها، على ما يبدو، الهجوم على مواقع قوات المقاومة والقوات المشتركة، مستغلين بذلك غياب طائرات التحالف العربي، وأن حدث ذلك قد ينسف هدنة وقف إطلاق النار في الحديدة، والمشاورات برمتها.
ورغم التصريحات الأممية المتفائلة بنجاح مساعي الجنرال الهولندي باتريك كومارت الرامية إلى الإشراف على تنفيذ اتفاق السويد المعزز بقرار مجلس الأمن 2451، إلا أن تزمّت الحوثيين يظل العائق الكبير أمام نجاحها.

وتزامنت أول جولة للجنرال كومارت، رئيس لجنة إعادة الانتشار «آر سي سي»، مع حالة من الهدوء الميداني في محيط مدينة الحديدة، ومع تصاعد للخروق الحوثية في الأنحاء الجنوبية من المحافظة، على وجه الخصوص في محيط مركز مديرية التحيتا، بحسب إفادة «الشرق الأوسط».

وفي الوقت الذي زعم الحوثيون، عبر وسائل إعلامهم الرسمية، أن القيادات الأمنية التابعة للسلطة المحلية في الحديدة رافقوا الجنرال الهولندي خلال زيارته للميناء وبعض أحياء المدينة الشرقية بالقرب من خطوط التماس بين الجماعة الحوثية من جهة، وقوات العمالقة الجنوبية والقوات المشتركة، من جهة أخرى.. أكدت مصادر محلية أن «عناصر الجماعة هم من رافقوه بعد أن لبسوا زي القوات الأمنية المحلية».

وقال نائب مدير الميناء في المدينة، يحيى شرف الدين: «إن الجنرال كومارت زار الميناء وتنقل في أرجائه وشاهد آثار قصف».
وأضاف، في اتصال هاتفي أجرته معه وكالة «فرانس برس»: «لقد وعدنا المسؤول (كومارت) بأن تنتهي الحرب».

وتابع «النزاع اليمني كان منسياً لسنوات، لكن المجتمع الدولي أصبح مصمماً على إنهائه».
ورغم عدم إدلاء الجنرال الهولندي بأي تصريح رسمي منذ وصوله إلى عدن ومنها إلى صنعاء يومي السبت والأحد الماضيين، قبل أن يباشر مهمته الميدانية في الحديدة أمس الأول، إلا أن موقع الأمم المتحدة ذكر أن كومارت «يشعر بالتفاؤل إزاء الحماس العام من قبل الطرفين للعمل على الفور في تنفيذ اتفاق ستوكهولم».

ونقل موقع الأمم المتحدة عن متحدث باسم المنظمة قوله إن «الأولويات خلال الأيام المقبلة ستتمثل في تنظيم أول اجتماع للجنة تنسيق إعادة الانتشار، والمتوقع أن يعقد في السادس والعشرين من الشهر الحالي».
وفي الوقت الذي يسود الكثير من الغموض حول آلية عمل اللجنة التي يترأسها الجنرال الأممي بحضور ممثلين عن الحوثيين والشرعية (ثلاثة أعضاء من كل طرف)، إلا أن مراقبين محليين يرجحون أن تتوافق اللجنة في أول اجتماع لها على الطريقة التي سيتم بها تنفيذ الاتفاق خلال المدة المحددة، إضافة إلى التوافق على تفسير ما يعده الطرفان بنوداً غامضة في الاتفاق.

ويتصدر عمل اللجنة الأممية، حسب الاتفاق، الإشراف على وقف إطلاق النار الذي كان دخل حيز التنفيذ الثلاثاء الماضي، إضافة إلى انتشار القوات في المرحلة الأولى على جانبي الطريق المؤدية إلى صنعاء، من ناحيتها الجنوبية للقوات الحكومية، ومن ناحيتها الشمالية للعناصر الحوثية، وهي عملياً تقع في الأطراف الشرقية للمدينة، كما تشمل الإشراف على انسحاب العناصر الحوثية من المدينة ومينائها ومينائي الصليف ورأس عيسى، وتطبيع الأوضاع في المدينة من خلال إزالة المظاهر المسلحة وفتح الطرقات، وقبل ذلك نزع حقول الألغام التي زرعها الحوثيون في المدينة والموانئ الثلاثة.

وفي المرحلة الثانية من الاتفاق، يفترض أن تحدد اللجنة الأممية أماكن أخرى لانتشار القوات الحكومية والحوثيين، على أن تتبنى الأمم المتحدة وفريقها أدواراً رئيسية في عملية الإشراف على المدينة والميناء، وتسليمها إلى السلطات المحلية لتولي أعمال الإدارة والأمن وتوريد الأموال المحصلة إلى فرع البنك المركزي في الحديدة. وبينما تبدو مهمة وقف خروق وقف إطلاق النار في المحافظة الساحلية المترامية الأطراف هي المهمة الأولى للفريق الأممي، بخاصة في المدينة ومينائها ومحيطها، تبقى المهمة الأكثر صعوبة في تثبيت وقف إطلاق النار في نواحي المحافظة الجنوبية، حيث تمتد جبهات المواجهة طولياً على مسافة تزيد عن 100 كلم، ابتداءً من مدينة الحديدة شمالاً ووصولاً إلى مناطق مديرية التحيتا جنوباً.

وذكرت مصادر ميدانية وشهود محليون لـ «الشرق الأوسط»، أن معارك عنيفة اندلعت في محيط مركز مديرية التحيتا، حيث يحاول الحوثيون استعادة المركز ومهاجمة الأحياء السكنية بقذائف المدفعية والصواريخ.

وهاجم الحوثيون، بحسب المصادر، مواقع القوات الحكومية، بمختلف أنواع الأسلحة من محاور متعددة بغية التسلل إلى مركز مديرية التحيتا، قبل أن تتصدى القوات الحكومية للهجوم وترد عليه في سياق سعيها لردع عناصر الجماعة من التقدم إلى مواقعها عند أطراف البلدة الصغيرة.
وأفاد الشهود بأن الجماعة بدأت حشد قواتها في المنطقة، خصوصاً في مناطق السويق والفلاح والريمية، في محاولة لإعادة ترتيب صفوفها لشن هجوم جديد بالتوازي مع شن حملات تفتيش في أوساط السكان، وتنفيذ حملات اعتقال في حق من تعتقد الجماعة أنه على صلة بالقوات الحكومية والتحالف الداعم لها.

ويفترض الاتفاق إعادة انتشار الحوثيين والقوات الحكومية من المدينة والميناء خلال أسبوعين من وقف إطلاق النار، على أن يكتمل انسحاب عناصرها من محيط المدينة خلال 21 يوماً من سريان وقف إطلاق النار.

ومن المقرر أن يعد الجنرال كومارت تقارير أسبوعية إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن حول تطورات الأوضاع ومدى التقدم المحرز في تنفيذ الاتفاق، الذي رعته الأمم المتحدة بين الطرفين في مشاورات السويد مطلع الشهر الحالي، بشأن الحديدة وموانئها، وهو الاتفاق الذي رافقه اتفاق آخر على تبادل الأسرى والمفقودين في غضون 40 يوماً، إلى جانب اتفاق ثالث يتضمن تفاهماً حول فتح المعابر في تعز ووقف إطلاق النار.

ومن المرتقب أن يعقد كومارت وفريقه مع ممثلي الطرفين الحكومي والحوثي أول اجتماع لهم اليوم الأربعاء، بحسب المصادر الأممية، بدون تحديد المكان الذي يمكن أن يشهد أول اجتماع.
ويزعم الحوثيون أن الاتفاق يمنح السلطات المحلية الحالية الموالية للجماعة الحق في إدارة المدينة والميناء إدارياً وأممياً، وهو ما ينفيه الجانب الحكومي الذي يرى أن المدينة والميناء سيصبحان خاضعان للسلطات المحلية الموالية للشرعية، التي كانت قائمة قبيل الانقلاب في 2014م، مع تبعية هذه السلطة الأمنية والإدارية للحكومة الشرعية في ظل الإشراف الأممي.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى