المبعوث الأممي يربط «المفاوضات السياسية» بضرورة تنفيذ اتفاق السويد

> «الأيام» غرفة الاخبار

>
 أسبوعان منذ بدء سريان الاتفاق بين حكومة الشرعية اليمنية وجماعة الحوثي بشأن وقف إطلاق النار في مدينة الحديدة، لكن التقدم في تنفيذ مقتضيات الاتفاق على أرض الواقع لا يزال محدوداً، في ظل اتهامات متبادلة بين كل من الشرعية والتحالف من جهة، والحوثيين من جهة أخرى، بخرق وقف إطلاق النار.

التطورات الميدانية وتصاعد الاتهامات تزامنت مع بدء المبعوث الأممي مارتن جريفيثس جولة مكوكية للقاء قيادات حوثية، والجنرال الهولندي باتريك كومارت رئيس لجنة إعادة الانتشار وفريقه، ثم يغادر إلى الرياض للقاء مسؤولي الشرعية اليمنية.

وباشر المبعوث الأممي أمس الاحد مشاوراته مع  قيادات الجماعة الحوثية إذ التقى- كلا على حدة- وزير الخارجية في حكومة الحوثيين المهندس هشام شرف عبدالله، ورئيس اللجنة الثورية محمد علي الحوثي.
ووفقا لوكالة سبأ بنسختها الحوثية، فإن الوزير شرف أكد للمبعوث الأممي «التزام المجلس السياسي الأعلى وحكومة الإنقاذ الوطني بتنفيذ مخرجات اتفاق ستوكهولم»، وهو ما أكده رئيس اللجنة الثورية أيضا.

وقال الوزير الحوثي «بالمقابل يتضح جلياً تهرب طرف حكومة الرئيس المنتهية ولايته دستورياً من التزاماته ويسخّر وسائل إعلامه والتحالف لنشر أخبار كاذبة عكس حقيقة ما يحدث على أرض الواقع».
ونقلت قناة «المسيرة»، التابعة للجماعة، عن محمد الحوثي قوله «متمسكون باتفاق ستوكهولم، وجاهزون لتنفيذ كل بنود اتفاق الحديدة دون تراجع».

كما التقى جريفيثس رئيس حكومة الحوثيين عبدالعزيز بن حبتور، وكذا أعضاء الوفد التفاوضي الذي مثل الجماعة في مشاورات السويد.
ومن المرجح أن يسعى جريفيثس لتحقيق اختراق في اتفاق الحديدة، بعد أن اختتمت لجنة التنسيق وإعادة الانتشار سلسلة ثانية من اجتماعاتها مساء الخميس الماضي، برعاية وتسيير من الأمم المتحدة، ممثلة برئيس فريق المراقبين الدوليين الجنرال باتريك كاميرت، دون أن تُعلن عن التوصل إلى آلية تنفيذية مزمنة لاتفاق الحديدة، مكتفية بالحديث عن وجود «حسن نية» لدى الأطراف إزاء التعامل مع القضايا الصعبة والإشارة إلى أن الاجتماع الثالث للجنة تقرر انعقاده غدا الثلاثاء.

وينص اتفاق السويد في مرحلته الأولى على انسحاب الحوثيين من موانئ: الحديدة والصليف ورأس عيسى خلال أسبوعين من وقف إطلاق النار الذي بدأ في الـ 18 من ديسمبر، فيما تسحب الشرعية قواتها من مداخل المدينة التي سيطرت عليها لاسيما الجهة الشرقية.

ويعتمد الطرفان تفسيرات مختلفة تماما للاتفاقات المعلنة في السويد، بحسب مصادر سياسية يمنية.
ويقول الحوثيون إن إدارة المرافئ يجب أن تسلّم إلى السلطات الموجودة في المكان، أي الى فريقهم، بينما تقول الحكومة إن هذه المسؤولية تعود الى الإدارة التي كانت موجودة في المدينة قبل «احتلالها» من الحوثيين، بحسب المصادر.
ويرجح مراقبون أنه من المنتظر أن يبحث جريفيثس في هذه الزيارة اتفاقية استوكهولم وتنفيذها، وبعض الآليات والأمور التقنية كنشر المراقبين وإيجاد مخرج لمسألة القوات التي ستتسلم الميناء، إذ يصر الحوثيون على أن من ألبسوهم رداء أمنيا هم القوات المحلية بينما تستند الحكومة على اتفاق الحديدة وهو ما يستند بدوره على «القانون اليمني».

كما أن هناك ملفات أخرى تقول مصادر إنها ستجد لنفسها مجالا للنقاش مع الحوثيين، أبرزها مواعيد الجولة الثانية من المشاورات وموقعها، إلى جانب تفعيل «خطوات بناء الثقة» عبر ملفات مطار صنعاء والملف الاقتصادي، لكن جريفيثس، وفق مصادر بالتحالف، «سيربط إطلاق الجولة المقبلة من المحادثات المقررة هذا الشهر بضرورة تحقيق اختراق نوعي وواضح في تنفيذ مقررات ستوكهولم والقرار الأممي 2451، لاسيما ما هو متعلق بالوضع في الحديدة».

وأوضح نائب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، فرحان حق، في مؤتمر صحافي عقده في المقر الدائم للمنظمة الدولية في نيويورك، أمس الأول، أن «لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة، المنبثقة من اتفاق السويد بين الأطراف اليمنية، عقدت ثاني اجتماعاتها في الحديدة، خلال الفترة من 1 إلى 3 يناير». وأوضح أن «الأطراف اتفقت خلال الاجتماع على تفعيل آلية الرصد والمراقبة للإشراف على وقف إطلاق النار وإعادة نشر القوات من الحديدة». وذكر حق أن كاميرت «يشعر بالارتياح إزاء استمرار حسن نية الأطراف إزاء التعامل مع القضايا الصعبة». وأضاف أن «كاميرت حث الأطراف المعنية على تخفيف القيود المفروضة على العمليات الإنسانية المنقذة للحياة وتعزيز وقف إطلاق النار».

ووفقاً لمصادر قريبة من الفريق الحكومي في الحديدة، فقد تمحورت نقاشات الأيام الماضية حول الآلية التنفيذية المفترضة للإشراف على وقف إطلاق النار وإعادة الانتشار من قبل قوات الطرفين، وفقاً لبنود الاتفاق المبرم في العاصمة السويدية ستوكهولم في الـ13 من ديسمبر المنصرم. وقدم الطرفان، كلاً على حدة، رؤيته إلى رئيس لجنة الرقابة بشأن الآلية المقترحة لإعادة الانتشار.

وتمسك الحوثيون خلال الاجتماعات باعتبار الخطوة التي أعلنوا عنها بالانسحاب من ميناء الحديدة وتسليمه لقوات خفر السواحل اليمنية (بشقها الموالي للجماعة)، إجراء يعكس تنفيذ الاتفاق. لكن الحكومة اليمنية لا تزال تصرّ على رفض الاعتراف بصحة الانسحاب، واعتبرت أنّ ما جرى «مسرحية»، إذ إن الحوثيين سلموا من خلالها ميناء الحديدة عملياً إلى قوات موالية لهم أو تمثل جزءاً منهم، وأعلنوا عن ذلك دون تنسيق مسبق مع لجنة المراقبين الدوليين التي المفترض أن تشرف على خطوات من هذا النوع، بناءً على اتفاق مع الطرفين.

من جهته، سعى رئيس فريق المراقبين الدوليين، خلال اجتماعات الأيام القليلة الماضية، إلى إقرار آلية تنفيذية واضحة وبخطوات متسلسلة متفق عليها، في ما يتعلق بـ «إعادة الانتشار»، التي تؤدي في مجملها إلى سحب القوات العسكرية للطرفين من موانئ المحافظة (الحديدة، الصليف، رأس عيسى)، ومن مدينة الحديدة، إلى مواقع متفق عليها خارج المدينة، كمرحلة أولى كان من المقرر أن تنتهي في غضون 21 يوماً من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في الـ18 من الشهر الماضي.

وبالتزامن مع اجتماعات الأيام الماضية، برزت ملامح تصعيد، إذ أصدر الحوثيون بياناً منسوباً إلى السلطة المحلية التابعة لهم في الحديدة، يتهم الأمم المتحدة بعدم الالتزام بالخطوات المزمنة باتفاق السويد ويلوح بانتقادات لفريق المراقبين التابع للأمم المتحدة، ورئيسه كاميرت، الذي كان قد اعتبر قيام الحوثيين بـ «إعادة الانتشار في ميناء الحديدة» خطوة لا يمكن أن تنال مصداقية ما لم تتأكد المنظمة الدولية والأطراف الأخرى من تماشيها مع الاتفاق. وفي الوقت نفسه، ألقى باللوم على الحوثيين بانهيار اتفاق إعادة فتح طريق صنعاء الحديدة، على المدخل الشرقي للأخيرة.

في المقابل، بعثت الحكومة اليمنية إلى جانب السعودية والإمارات، اللتين تقودان التحالف العربي في اليمن، رسالة إلى مجلس الأمن الدولي مؤرخة في الـ31 من ديسمبر المنصرم، تتهم الحوثيين بعدم الالتزام بوقف إطلاق النار في الحديدة، والاستمرار في إقامة الحواجز وحفر الخنادق في مناطق سيطرة الجماعة، داخل المدينة، في حين يقتضي الاتفاق إنهاء المظاهر العسكرية داخل مدينة الحديدة ووقف إرسال التعزيزات العسكرية صوب المحافظة.

ومع اقتراب انتهاء المهلة المحددة لتنفيذ المرحلة الأولى والمحددة بـ21 يوماً، لا يزال التقدم محصوراً في جوانب محدودة، أبرزها وقف إطلاق النار الذي يستمر رغم الاتهامات المتبادلة بالخروقات، حيث لم يُرصد في الأسبوعين الأخيرين وقوع غارات جوية في الحديدة فضلاً عن محدودية الاشتباكات والقصف المتبادل بمناطق المواجهات، على أطراف المدينة. أما التقدم الآخر، فيتمثل في تشكيل لجنة التنسيق وإعادة الانتشار، وتتألف من ثلاثة ممثلين عن الحكومة ومثلهم عن الحوثيين ويترأسها الجنرال الهولندي باتريك كاميرت، والذي حضر إلى الحديدة بعد أيام من سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

في المقابل، وبالنظر إلى الأيام المعدودة التي تسبق انتهاء مهلة المرحلة الأولى، لا تزال الخطوات المرتبطة بتنفيذ «إعادة الانتشار»، في المربع الأول، إذ يحتفظ الطرفان برؤية مختلفة للخطوات التي يقتضيها الاتفاق، بما في ذلك الحوثيون، الذين يقولون إن السلطة المحلية والقوات الأمنية المفترضة والتي عليها أن تتولى مهام الأمن وإدارة الحديدة، هي المؤسسات الخاضعة لسيطرتهم والتي يديرها موالون للجماعة، كما جرى أثناء إعلان «إعادة الانتشار» في ميناء الحديدة. أما الحكومة فترى أن الاتفاق يجب أن يؤدي لإنهاء سيطرة الحوثيين في الحديدة، وبين الطرفين، يبقى الموقف الدولي الممثل بفريق المراقبين الأمميين بقيادة كاميرت، الطرف المعني بفرض آلية ملزمة لمختلف الأطراف. وبدون ذلك، فإن اتفاق الحديدة يبقى مفتوحاً على كافة الاحتمالات، بما فيها تمديد مهلة «إعادة الانتشار» أو العودة إلى التصعيد العسكري مجدداً، إذا ما وصلت جهود تنفيذ الاتفاق لطريق مسدود.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى