كنوز رمضان

> «الأيام» خاص

>
شهر رمضان المبارك هو شهر الرحمة والخير والغفران، وهو خير الشهور عند الله تعالى، وقد اختصه الله سبحانه بأن أنزل فيه القرآن الكريم على نبيه محمد، كما جعل فيه أداء فرضٍ عظيم وهو الصوم، الذي يعدّ الركن الرابع من أركان الإسلام الخمسة، وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدلّ على عظمة هذا الشهر الكريم وفضله، ففيه تجتمع الصلاة والعبادة وتصبح فيه طقوس التقرب من الله تعالى في أروع حالاتها، خصوصاً ان الصوم يزيد من روحانية المؤمن، ويجعله مواظباً على فعل الطاعات وتجنب المعاصي.

جعل الله في رمضان فرصاً كثيرة للخير لا تُعدّ ولا تُحصى، ففيه ليلة هي خيرُ الليالي، جعل الله العبادة فيها خيرُ من عبادة ألف شهر، وهي ليلة القدر المباركة، كما أن الله تعالى يُضاعف الأجر والثواب في رمضان، فقراءة القرآن فيه تتضاعف كل حسنة بعشر أمثالها، ويُصبح أجر الصدقات مضاعفاً، ولهذا كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- جواداً كريماً في كل وقت، لكنه كان أجود ما يكون في شهر رمضان المبارك.

 في شهر رمضان الكريم يجتمع الأهل جميعاً على مائدةٍ واحدة، يوحدهم صوت أذان المغرب، وتعلو فيه أصوات الدعوات والتضرع إلى الله تعالى، كما تصدح فيه المآذن بالقرآن الكريم والتكبيرات، وتكثر فيه صلاة الجماعة وخصوصاً في صلاة التراويح، ومن أجمل الأشياء في هذا الشهر المبارك أن فيه طقوساً خاصة فيها، سواء على مائدة السحور أو الفطور أو حتى في العبادة، كما تكثر فيه صلة الأرحام، ويكثر فيه إطعام الطعام وتذكر الفقراء والمحتاجين، فهو شهر الخير والمحبة والعطف على الآخرين.

 شرفٌ عظيم للمؤمن أن يغتنم فرصة قدوم هذا الشهر المبارك ليصبح إنساناً أفضل وأقرب إلى الله تعالى، خصوصاً أن الله جعل صيامه فرضاً وأنزل فيه قرآناّ يُتلى، ويقول تعالى في محكم التنزيل: "شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ ۚ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ۖ "، لهذا فإن الصيام في هذا الشهر المبارك امتثالٌ لطاعة الله وتحقيقاً لأمره، وما على المؤمن إلا أن يغتنم هذه الفرصة الذهبية التي تقربه من الله تعالى. في كل عامٍ يتهيأ المسلمون في جميع أنحاء الأرض إلى استقبال هذا الشهر بكلّ ما فيه من روعة وجمال، ويُعلقون الزينة والأهلّة المضيئة معبرين عن فرحهم وشغفهم بأداء الطاعات في هذا الشهر، وهذا يُضفي على أجوائه مزيداً من الفرح والمتعة والسرور، لأنه زينة الشهور جميعها.

رمضان مدرسة للاختبار ،حيث يمسك الصائم عن الأكل والشرب والشهوة ،وهذا اختبار من الله للعبد بصبره وبعبادته وتركه ما نهاه الله عنه لوجهه سبحانه ، وتحمله الأوامر وقيامه بها ، فرمضان اختبار للإيمان وللنية وللصبر وبمعنى أعم اختبار لحقيقة إسلامه واستسلامه لله لأن الحياة بالنسبة للمؤمن كلها اختبار ، ولحظاتها مجاهدة بين نفسه الأمارة بالسوء وواعظ الله في قلب كل مؤمن ، فمن وطن نفسه على اختبار الصيام وأدرك أسراره وذاق لذة النجاح فيه عرف نتيجة الاختبار في باقي شؤون الحياة .

رمضان يورث محبة الله في قلب المؤمن ،فإنه إذا رأى كرم ربه وجزيل عطاياه في رمضان ،زادت محبته سبحانه ، والمحبة ركن في الإيمان وهي أساس الأعمال ، فيقبل المؤمن على العمل محبا له متمسكا به متقنا لأدائه ، ففي رمضان يتكرم المولى بالمغفرة لمن صام ولمن قام وفطر صائما ، والحسنة تضاعف فيه ما لا تتضاعف في غيره ، واختص الله بأجر الصائم دون غيره ، وما ذاك إلا محض فضل منه سبحانه وتعالى .

مجرد معرفة أن الصوم كتب على الأمم من قبلنا فهذا دليل على آثاره العظيمة وفوائده على الإيمان والإنسان والمجتمع ويدل على ذلك أن الله لم يفرضه علينا وعلى أهل الكتاب من قبلنا فقط بل قال" كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم " ليشمل جميع الأمم وشئ بديهي أن أمرا يفرض على تلك الأعداد الهائلة من الأمم فيه من الأسرار والحكم والفوائد ما يستحق ذلك التعظيم والوقوف.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى