التغني بالنصر ليس كمن يصنعه
> د. حسين علي حسن
> وترجل الفارس القائد شهيدا شامخا
ورغم افتخارنا وتغنينا بتلك الانتصارات ورغم أن الهدف في ذلك واحد؛ ولكن شتان بين من يتغنى بها أو من يصنعها في ميادين الشرف، وهو ما نلته وجميع أفراد مقاومة الضالع خاصة والجنوب عامة، وهنيئا لك استشهادك في هذه العشر الأواخر من رمضان الكريم.. وأسأل الله تعالى أن يتغمد شهيدنا البطل سيف سكرة بواسع رحمته ومغفرته، وأن يسكنه جنة الخلد بين الشهداء والصديقين.
أبى الفارس القائد الشجاع سيف علي صالح سكرة إلا أن يرحل من هذه الحياة وهو في مقدمة صفوف المقاومة الأبية التي تستهدف دك جحافل الأنجاس الحوثية في محافظة الضالع.. نعم غادرنا وهو يحقق ويسطر انتصارات يومية باهرة أفرحت الأهل في ربوع الجنوب الحبيب وكافة الأصدقاء في الخارج وهزت معنويات وكيانات الأعداء أينما حلوا وظلوا، أكانوا في مواجهته المباشرة أم في مؤخراتهم.
مقاومة الضالع التي كان يقودها القائد سيف لم تعرف التراجع قط، كلها نجاحات وانتصارات والتقدم إلى الأمام فقط.. حولت أرض المعارك بالنسبة للأعداء إلى جحيم ونار حمراء تشتعل وتحرق من يحاول ويجرؤ على النيل من تراب أرض الجنوب.. لم يصمد الأعداء أمام ضربات مقاومة الضالع بقيادة سيف سكرة، ألحق بهم خسائر بشرية ومادية جسيمة أفقدتهم القدرة على المواجهة أو حتى إخلاء جثث قتلاهم المبعثرة في كل المرتفعات الجبلية والتلال والهضاب وعلى طول الطرق الرئيسة والثانوية.
مقاومة الضالع وقوات الحزام الأمني في الضالع جميعها، وتلك التي قادها القائد الفذ سكرة، أفزعت القوات الغازية وخلقت فيهم الخوف والرعب وصرح قادتها وأفراد جحافلها مرارا بأنهم يواجهون رجالاً أقوياء وأشداء لا يقهرون وينصحون قادتهم بعدم التمادي أو الإصرار في المواجهة لمقاومة الضالع التي كان شعارها وصرح بها القائد سكرة دوما: «النصر أو الاستشهاد».
أيها القائد البطل الشهيد سيف سكرة.. رغم شعورنا بالألم والحزن العميق وأنت تغادرنا اليوم على رأس تلك الخطوط الأمامية المتصدية للقوات الحوثية الغازية إلا أننا نشعر بالفخر لأنك جعلتنا نتغنى ونفخر بالانتصارات الكبيرة والملاحم البطولية التي سطرتها مع جنودك وأفراد مقاومة الضالع ووحداتها الأخرى خلال أكثر من ستين يوما بلياليها.
فلقد تعلم منك في مدرسة الصمود وعمليات قطع النفس والجبل الصامد جميع أفراد المقاومة في الضالع، وفي كل محافظات الجنوب من جديد صفات الشجاعة والإقدام وحب الوطن والاستبسال في خوض الأعمال القتالية ضد القوات الحوثية الغازية الهمجية المتخلفة وهي الصفات التي لا يقهر من يتمسك فيها حقا في المستقبل.
أحببناك كثيرا أيها القائد المغوار سيف سكرة في حياتك، وعندما كنا معا طوال أكثر من نصف قرن تقريبا في زمالة العمل ورفقة الدرب الطويل عرفناك في جميع الظروف والمنعطفات الضحوك المبتسم المتواضع وعهدناك المخلص والمثابر في عملك والمواظب والمتقن لعملك وواجباتك والعنيد والشجاع في ظروف الجد والخطر، عرفناك في السراء والضراء الوفي، ورجل الرجال في الشدائد والمحن وعند تحقيق الانتصارات في الصفوف الأولى، وبعدها في حالة السلم والاستقرار أول من كان يرفض الهث والبحث عن المصالح والمكاسب والمناصب، نعم. لقد تركت مدرسة خاصة فيك يحق لنا أن نفخر ونعتز فيها وندرسها لأجيالنا القادمة أيها القائد الفذ، وستظل كلماتك الأخيرة في مكالمتي الهاتفية معك أنت ورفاقك الأشاوس قبل أسبوعين، وأنت في أرض المعركة في جب حجر الضالع، عالقة في سمعي حتى الممات بأننا وجدنا هنا للنصر أو الاستشهاد، وهذا هو قدرنا. لقد صدقت ووفيت، وعزاؤنا وأنت تغادرنا الانتصارات الكبيرة التي عرفها وسمع عنها القاصي والداني في كل بقاع المعمورة.