توجه أممي لخلق رؤية دولية وإقليمية للحل في اليمن

> «الأيام» غرفة الأخبار

>
غريفيث يلغي زيارتين إلى طهران وصنعاء
المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفثس، الذي قال عند توليه هذه المهمة خلفا للموريتاني إسماعيل ولد الشيخ، إنه لن يبدأ من الصفر.. بدأ مما هو قبل الصفر، فعاد إليه دون تحقيق أي تقدم حقيقي في مسار الأزمة اليمنية والحرب التي تعصف بالبلاد مما يقرب من خمسة أعوام.
جريفثس يسعى اليوم للخروج من دائرة الفشل التي تحيط بمهمته عبر فتح مسارات جديدة للتسوية السياسية واستدعاء فاعلين جدد للملف اليمني بعد تنامي حالة عدم الثقة بينه وبين الأطراف اليمنية؛ إذ اختتم المبعوث الرجل جولة جديدة في المنطقة شملت الرياض وأبوظبي وموسكو، فحط رحاله في العاصمة العمانية مسقط، حيث التقى قيادات عمانية وأخرى حوثية من بينها الناطق الرسمي باسم الجماعة الحوثية ورئيس وفدها التفاوضي محمد عبدالسلام.

وبدا واضحا من خلال الحراك الجديد الذي دشنّه جريفثس سعيه إلى توسيع دائرة الفاعلين في الملف اليمني أملاً في كسر الجمود الذي خيّم على جهوده لتحريك عجلة الحلّ السلمي المتوقّفة عند عقبات كأداء، على رأسها التباعد الشديد في مواقف الفرقاء اليمنيين، وجنوح الحوثيين للتصعيد خدمة لأجندة إيرانية لا علاقة لها باليمن وقضاياه الداخلية.
ووفقا لجريدة العرب اللندنية التي نقلت عن مصادر سياسية، فإن جولة المبعوث الأممي لم تحمل أي جديد، عدا محاولاته توظيف النفوذ الدولي والإقليمي المفترض في خلق حالة ضغط خارجية على الفرقاء اليمنيين، بهدف حلحلة الجمود السياسي واستكمال تنفيذ اتفاقات السويد المتعثرة.

وأشارت المصادر ذاتها إلى تحاشي جريفثس زيارة صنعاء في جولته، لتجنب الانتقادات التي تعرض لها واتهامه بالانحياز للميليشيات الحوثية، كما ألغى زيارة كانت على جدول أعماله لطهران نتيجة للتوتر المتصاعد بين إيران والولايات المتحدة.
وكسر لقاء بين نائب الرئيس اليمني علي محسن الأحمر والمبعوث الأممي الأسبوع الماضي في الرياض، حالة المقاطعة التي أعلنت عنها الحكومة اليمنية لكل أنشطة جريفثس في أعقاب أزمة الانسحاب الحوثي الأحادي من موانئ الحديدة ومباركة الأمم المتحدة لهذا الانسحاب الذي وصفته الحكومة بالمسرحية الهزلية.

وعن طبيعة المقترحات التي حملها جريفثس في جعبته للعواصم التي زارها، أكدت المصادر توجه المبعوث الأممي لخلق مسار تفاوضي خارجي حول الملف اليمني يصب في اتجاه بلورة رؤية دولية وإقليمية للحل، يتم فرضها على الأطراف اليمنية عبر مجلس الأمن الدولي، مشيرة إلى سعي جريفثس للتخلص من أعباء القرارات الدولية السابقة التي يقول في لقاءاته الخاصة إنها تحولت إلى عقبة تحول دون تقديم الحكومة اليمنية والحوثيين لتنازلات جوهرية في جولات الحوار.

وجاءت تحركات المبعوث الأممي في أعقاب ضمانات شفهية تقدمت بها وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة روزماري دي كارولو أثناء لقائها بالرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، بهدف إقناع الحكومة اليمنية باستئناف التعاطي مع جهود المبعوث الأممي إلى اليمن، وإجراء مراجعة دورية لتحركاته وفقا للملاحظات التي تقدمت بها الشرعية.
وكشفت مصادر سياسية عن دعوة جريفثس خلال الأيام القادمة الأطراف اليمنية إلى اجتماعات منفصلة مع الأمم المتحدة لبحث آليات تنفيذ بنود اتفاقات السويد وخصوصا ما يتعلق بملفات الحديدة وملف الأسرى والمعتقلين، والوضع في تعز، إضافة إلى مناقشة آليات التطبيع الاقتصادي بإشراف الأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومحاولة عقد جولة حوار اقتصادية بين الحكومة اليمنية والحوثيين في العاصمة الكينية نيروبي.

واستبق الحوثيون الضغوط الدولية الرامية إلى توصل الأطراف اليمنية إلى هدنة اقتصادية تحد من حالة تدهور الوضع الإنساني في اليمن، بالإعلان عن مبادرة اقتصادية تتضمن آلية لصرف رواتب الموظفين من خلال إيداع إيرادات موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى في حساب خاص.
وبينما ألمح الحوثيون إلى أن مبادرتهم الاقتصادية التي أعلنوا عنها من جانب واحد تعد امتدادا لانسحابهم الأحادي المزعوم من موانئ الحديدة، أعلنت الحكومة اليمنية عن رفضها لهذه المبادرة التي تهدف إلى تكريس سياسة الأمر الواقع التي يحاول الحوثيون فرضها في الحديدة.

وتؤكد العديد من المؤشرات تراجع حظوظ جريفثس في إيجاد قاعدة مشتركة للتسوية في اليمن، بعد أن تحولت جهوده إلى جزء من الأزمة اليمنية وفقد ثقة العديد من الأطراف المحلية والإقليمية.
وكان نائب رئيس الوزراء اليمني ووزير الخارجية السابق عبدالملك المخلافي قد أكد وصول مهمة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفثس إلى نهايتها، وقرب تعيين مبعوث جديد خلفا له.

وأشار المخلافي إلى أن قدرة جريفثس على الاستمرار في مهمته صارت صعبة، وأنه ليس قادرا على استعادة ثقة الحكومة اليمنية ولا ترميم الأخطاء التي وقع فيها، لأن ذلك إن حدث سيفقده ثقة الحوثيين، مؤكدا أن "مسألة استبداله بمبعوث جديد باتت مسألة وقت".

ويرجح العديد من الخبراء في الشأن اليمني أن تحمل جلسة مجلس الأمن المقبلة في 17 يوليو الجاري إشارات مهمة إلى طبيعة الوجهة الجديدة التي قد يذهب إليها المجتمع الدولي في التعاطي مع الملف اليمني، في حال استمرت حالة الجمود السياسي وفشل المبعوث الأممي في إقناع الأطراف اليمنية بإعادة التفاوض حول بنود اتفاقات السويد وخصوصا الجزء المتعلق بإعادة الانتشار في الحديدة الذي تحول وفقا لمراقبين إلى أكبر تهديد لمستقبل السلام في اليمن.

واعتبر الوكيل المساعد لوزارة الإعلام اليمنية فياض النعمان أن تحركات جريفثس تأتي في إطار "الفرصة الأخيرة التي منحت له لمعالجة كل التجاوزات التي قام بها في صلب اتفاق ستوكهولم وشرعنة الانقلاب من نافذة المسرحية الهزلية لإعادة الانتشار الأحادية"، مشيرا إلى أن ما وصفه بالعد التنازلي لفشل المبعوث الأممي قد بدأ بالفعل بعد ثبوت عجزه عن إقناع الميليشيات الانقلابية بتنفيذ اتفاق ستوكهولم وتصحيح التجاوزات.

ولفت النعمان إلى أن المضي قدما في تحقيق سلام دائم وحقيقي لا ينتقص من المرجعيات الأساسية الثلاث، يتطلب من الأمم المتحدة إيجاد إستراتيجية جديدة وتغييرات شاملة في ممثليها باليمن ابتداء بجريفثس وانتهاء بالإجراءات والأدوات التي تحقق السلام لليمنيين.
وبعد أكثر من ستة أشهر على توقيع اتفاق السويد، أقرت الحكومة اليمنية بفشله في تحقيق أي تقدم في أي من الملفات المتفق عليها لإنهاء الحرب الدائرة بين الميليشيا الحوثية والحكومة الشرعية في اليمن، وتحوله إلى سلاح بيد المتمردين الحوثيين ونظام طهران، لتهديد السلم والأمن في المنطقة، فيما تصاعدت المؤشرات على عودة خيار الحسم العسكري للواجهة.

وتستمر مليشيات الحوثي، بخرق اتفاق السويد الذي تم التوصل إليه في ديسمبر الماضي، وأجهضت هذه الخطوة التي شكلت خيط أمل لليمنيين بإنهاء الحرب، عبر تحركات عسكرية فضحتها التقارير الدولية، ما وضع الأمم المتحدة في موقف محرج بعد تبنيها تلك المفاوضات.
وتحدثت تقارير في مايو الماضي، عن أن الانسحاب الذي أعلن عنه الحوثيون لا يخرج عن سياق المناورات التي دأب المتمردون على تسويقها، في الوقت الذي تشير فيه التطورات على الأرض إلى أن الأمر لا يعدو كونه مجرد تكتيك لكسب الوقت، ومحاولة الظهور كطرف متجاوب مع جهود السلام التي تقودها المنظمة الدولية.

وفي آخر إحاطة لرئيس البعثة الأممية في الحديدة الجنرال لوليسغارد، كان قد أوضح أن المظاهر المسلحة للميليشيات الحوثية في ميناء الحديدة لا تزال موجودة على نطاق واسع، رغم مزاعم الحوثيين تنفيذ الانسحاب من الميناء للمرة الثانية منذ توقيع اتفاق السويد في 13 ديسمبر الماضي.
وكانت الحكومة اليمنية، المعترف بها دولياً، اتهمت الحوثيين بـ "الانسحاب الزائف"، ووصفت عملية الانسحاب المتأخرة بـ "المسرحية الهزلية"، قائلة إنهم سلموا الموانئ لخفر سواحل موالين لهم بهدف خداع المجتمع الدولي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى