جريفثس يتأهب لزيارة واشنطن عقب فشل جهوده في موسكو ومسقط

> «الأيام» غرفة الأخبار

> يتأهب المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن جريفثس، لزيارة نيويورك وواشنطن في سياق بحثه لإكساب مساعي السلام التي يقودها زخماً جديداً، وفق ما نقلته أمس صحيفة الشرق الأوسط.
وكان جريفثس أنهى مطلع الأسبوع جولة مكوكية شملت روسيا الاتحادية والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، حيث أجرى في الأخيرة مشاورات مع قيادات حوثية تركزت حول جهود إنجاح اتفاق ستوكهولم.

وبموازة هذه الجهود الأممية تحريك الجانب السياسي في اليمن اتهمت حكومة الشرعية الحوثيين باستخدام مباني الأمم المتحدة في الحديدة منصات لاستهداف قوات المقاومة والجيش، داعية رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال مايكل لوليسغارد إلى اتخاذ تدابير أممية لوقف الخروق المتكررة.
وورد الاتهام في خطاب بعثه رئيس الفريق الحكومي في لجنة تنسيق إعادة الانتشار اللواء ركن صغير بن عزيز، وفق ما كشفه المركز الإعلامي لوفد الحكومة في مشاورات السلام على صفحته بـ «تويتر».

وطالب رئيس الفريق الحكومي في لجنة التنسيق وإعادة الانتشار اللواء صغير حمود عزيز من الجنرال مايكل لوليسغارد رئيس اللجنة الأممية بزيارة المناطق المتضررة من قصف عناصر الميليشيات الانقلابية في المناطق المحررة واتخاذ الإجراءات اللازمة لإيقاف الخروق المتكررة من قبل الانقلابيين في الحديدة.

وقال اللواء عزيز في رسالته الرسمية التي وجهها السبت الماضي إلى لوليسغارد، إن «ميليشيات الحوثي الانقلابية شنت هجوماً على مواقع القوات الحكومية بالمدفعية والدبابات والعربات المدرعة وباستخدام منشآت ومباني الأمم المتحدة منصات مدفعية في المدينة على مرأى ومسمع من أعضاء لجنة التنسيق وإعادة الانتشار الأممية، بالإضافة إلى خروق أخرى للميليشيات بالهجوم على القوات الحكومية في منطقة المثلث ومدينة الصالح» (شرق مدينة الحديدة).

وانتقد الفريق الحكومي في رسالته العجز الأممي عن ردع الميليشيات، وأكد في رسالته أنه «طالب في أكثر من مرة البعثة الأممية بتوفير فريق ووسائل مراقبة فعالة للقيام بدورها في مناطق التماس، حتى يتم الانتهاء من عملية إعادة الانتشار وفق اتفاق ستوكهولم».
واتهم الوفد بعثة الأمم المتحدة التي يقودها لوليسغارد في الحديدة بأنها «لا تمتلك الإمكانية والقدرة على مراقبة وقف إطلاق النار في المحافظة بالكامل، وهو ما يجعل الميليشيات الحوثية تستثمر هذا الغياب بشن هجومها على مواقع القوات الحكومية والمدنيين»، وفق ما ورد في الرسالة.

وأوضح فريق الحكومة اليمنية في رسالته أن الهجوم الحوثي أسفر عن مقتل 10 أشخاص وإصابة آخرين من أفراد القوات الحكومية الموجودة في المناطق المحررة.
وكانت العراقيل الحوثية حالت دون وصول 60 مراقباً أممياً من قوام البعثة الأممية في الحديدة البالغ عددها 75 مراقباً من الوصول إلى الحديدة للمشاركة في عمل البعثة التي يوشك وقتها الفعلي على الانتهاء بعد مضي 6 أشهر على تفويضها من قبل مجلس الأمن الدولي.

وتقول مصادر محلية وعسكرية إن ما تقوم به الجماعة الحوثية في مختلف جبهات الحديدة لم يعد خروقاً عادية، وإنما أصبح بمثابة عمليات عسكرية منسقة، وهو تهديد جدي بانتهاء الهدنة الأممية التي كانت بدأت في 18 ديسمبر عقب إعلان اتفاق السويد.
واتهمت المصادر الجماعة الحوثية بأنها "نفذت منذ الاتفاق أكثر من 5 آلاف خرق" أدت إلى مقتل وجرح المئات من عناصر القوات الحكومية وسكان المناطق المحررة، سواء في محيط مدينة الحديدة أو في أريافها الجنوبية في التحيتا والجبلية وحيس وغيرها من المناطق.

وكانت مصادر حكومية أعلنت في وقت سابق، تأجيل لقاءات الفريق الحكومي برئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار مايكل لوليسغارد، في ظل تصاعد الهجمات والقصف الحوثي على مواقع القوات الحكومية في أنحاء متفرقة من الحديدة.
وتشهد عملية إعادة الانتشار جموداً منذ أكثر من شهرين في ظل مزاعم الحوثيين بتنفيذ انسحابات أحادية من ميناءي الصليف ورأس عيسى، وهو الأمر الذي باركه لوليسغارد، باستثناء تأكيده بقاء مظاهر حوثية مسلحة كثيفة في ميناء الحديدة.

ووصفت الحكومة الانسحاب الحوثي بأنه صوري لجهة عدم وجود التحقق الثلاثي، ولجهة بقاء عناصر الميليشيات لتولي أعمال الأمن والإدارة في الموانئ تحت اسم قوات خفر السواحل، وهو ما قاد أخيراً إلى تأزيم العلاقة بين المبعوث الأممي والحكومة، قبل أن تتلقى الأخيرة ضمانات من الأمين العام للأمم المتحدة باستمرار مساعي المبعوث وفق المرجعيات الثلاث، لاسيما القرار 2216.

هذه التعقيدات بحسب خبراء في الشأن اليمني تكمن في مساعي جريفثس لإحياء عملية السلام التي قادها، والتي لم تخرج عن دائرة الإستراتيجية الأممية في مناطق الصراع، خاصة في اليمن عبر مبعوثيها السابقين جمل بن عمر وأحمد ولد الشيخ، وإن اختلفت الأساليب والطرق.
إستراتيجية تسعى إلى إفراز عملية سلام هش تعيد إنتاج الصراع في اليمن وتسمح في الوقت نفسه بترسيخ جماعة الحوثي الانقلابية في السلطة في مقابل إضعاف السلطات الشرعية وتدمير مشروع التحالف العربي بقيادة المملكة.

وفي السياق، يوضح الخبراء أن فترة الخمسة الأشهر التي قادة المبعوث ألأممي "مارتن جريفثس"، لقيادة العملية السياسية في اليمن والإشراف على اتفاق السويد، وضعت الرجل في خانة المحاصرين بالإخفاقات المتتالية من خلال انحيازه المستمر لجماعة الحوثي، والتي سمحت للجماعة الانقلابية من تفادي هجوم عسكري حكومي كبير لتحرير الحديدة غربي اليمن، وساهمت في إعادة ترتيب صفوف الجماعة خلال فترة تنفيذ اتفاق السويد.

ويولي الخبراء أن سياسة التغاضي والصمت المتواصل من قبل جريفثس عن خروقات الجماعة الانقلابية، سهم في تخفيف الضغط السياسي والعسكري على الانقلابين في الحديدة.
ويتهم الخبراء جريفثس بشرعنة الغزوات العسكرية للمتمردين الحوثيين في أكثر من رقعة جغرافية في الشمال اليمن "حجة حجور" ووسط اليمن " البيضاء، دي ناعم - والضالع" الذي كان يغض الطرف عن هذه التصرفات، لترسيخ نفوذ المتمردين الحوثيين، ومنحهم فرصة لفرض معالة عسكرية جديدة تعزز من أورقهم التفاوضية القادمة.

وفي مايو الماضي اتهمت الحومة اليمنية مارتن جريفثس بالعمل لصالح الحوثيين وشرعنة سلطاتهم وتقويتهم، وطالب في رسالة رسمية بعثتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بتغييره.

ويرى مراقبون سياسيون أن انتقال الخلاف حول قضايا أساسية وجوهرية في الملف اليمني وتفاصيل تنفيذ اتفاقات السويد إلى الخلاف حول طبيعة عمل مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن انعكاس حاد لتعقيدات الملف اليمني وفشل الأمم المتحدة في إحداث أي اختراق سياسي في مسار الحرب وإخفاقها في دفع الأطراف اليمنية نحو مائدة الحوار وإيجاد قواسم مشتركة لتسوية سياسية تجمع عليها تلك الأطراف.

ورغم الضمانات التي قدمتها الأمم المتحدة بالتزام بمبعوثها بالحياد والعمل وفق المرجعات القرارات الدولية إلا مصادر سياسية ترجح أن تتمسك الحكومة اليمنية بموقفها المتشدد تجاه المبعوث الأممي مارتن جريفثس، وأن تطالب بتعيين مبعوث جديد سيكون الرابع في قائمة المبعوثين الدوليين لليمن منذ العام 2012.

وبدأت الأمم المتحدة دورها في اليمن عبر المبعوث الأسبق جمال بن عمر الذي أشرف على العملية الانتقالية التي تلت تنحي الرئيس الراحل علي عبدالله صالح عن السلطة في اليمن، وصولا إلى عقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل في العام 2013، غير أن جهوده انهارت فجأة بعد الانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014. واُتهم بن عمر بشرعنة الانقلاب من خلال دوره في إخراج ما سمي باتفاق السلم والشراكة عشية الانقلاب الحوثي، وهو الاتفاق الذي وقع في منزل الرئيس هادي في صنعاء في الوقت الذي كانت الميليشيات الحوثية تسقط فيه مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء.

وعلى ذات المنحى خاض المبعوث إسماعيل ولد الشيخ أحمد مهمته في اليمن التي وصلت إلى نهاية المطاف بعد فشل مشاورات الكويت التي استمرت قرابة مئة يوم وانهارت بعد رفض الحوثيين التوقيع على بنود مسودة اتفاق حول ترتيبات مرحلة انتقالية جديدة في اليمن، واضطرت الأمم المتحدة إلى إنهاء مهمة ولد الشيخ بعد أن تحول إلى جزء من المشكلة في اليمن نتيجة رفض الحوثيين استقباله أو التعامل معه، وهو ذات المشهد الذي يتكرر اليوم من خلال رفض الحكومة اليمنية التعاطي مع المبعوث مارتن جريفثس.

واعتبر مراقبون أن فشل المبعوث الأممي إلى اليمن في تنفيذ اتفاق السويد بعد أكثر من ستة أشهر على توقيعه واللجوء إلى عقد اتفاقات ثنائية مع الحوثيين للقيام بانسحاب أحادي من موانئ الحديدة وصفته الحكومة الشرعية بالمسرحية، بمثابة محاولات الساعات الأخيرة من قِبل جريفثس لإحراز انتصار وهمي، ما ساهم في تعقيد الأزمة.
ويقلل مراقبون سياسيون من فرص نجاح الجهود الأممية في التوصل إلى تسوية سياسية في اليمن في ظل التعقيدات المحلية والإقليمية والدولية التي تحيط بتفاصيل الملف، بالنظر إلى طبيعة الحرب اليمنية التي تتشابك خلفياتها ما بين السياسي والجهوي والمذهبي، فضلا عن الارتباطات الإقليمية والدولية والتعقيدات الجيوسياسية لهذه الحرب.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى