لهذا يجوعُ عمال المصفاة اليوم !

> > في منطقتنا البريقة بعدن ، يجهل كثيرون أنّ بعض محلات الخضار والبقالة أفلست تماماً، والسّبب أن عمال المصفاة لم يسددوا ديونهم لها لشهرين، فتآكل الرأسمال، ولم يعد من العجب أن تجد موظف المصفاة يتجوّل من هذا إلى ذاك؛ بحثاً عن قرضٍ يُسيرُ أمور بيتهِ. والبريقة أغلب عمالها في المصفاة، لذلك خيّم ما يشبه الكساد على المنطقة.

الغالبية العظمى من الناس ينظرون اليوم برثاءٍ للحال الذي بلغته مصفاة عدن وعمالها، وكانت على رأس هرم اقتصادنا الجنوبي وأساس دخله، لأن كوادر المصفاة لم يتصدوا للعيسي والبكري عندما بدا لهم أن توجههم لتدمير المصفاة وإنهائها جلياً وجِدياً أيضا، وقليلون منهم خرجوا معترضين، ولكنهم قُمعوا بقسوة من الإدارة - الطرد والإيقاف عن العمل - وبقية العاملين صمتوا تجاه ما لحق بإخوتهم، فسيطر عليهم الخوف وبلعوا ألسنتهم.

لقد جلب البكري - المدير التنفيذي للمصفاة ومحاسبها العام في نفس الوقت!- طاقم فنيين متخصصين في التدمير، وبدأ الأمر أولاً محطة الكهرباء، وهي قلب المصفاة وعماد عملها، وتمّ إحراق غلايتها عمدا، كما يتحدث العمال، وألحق الأمر بأحد أعمدة تقطير النفط الخام، والآخر من الأعمدة جرى تخريبه تدريجياً بعد التوقف أو في التحريض، وسُكت على السرقات لأجزاء حيوية منه، حتى الحرائق التي اشتعلت بجوار وحدات التقطير -وهذا لم يحدث طوال عهد المصفاة- هناك ما يشير إلى أنها مفتعلة، فهي طالت الخزان الرئيسي لحفظ مخلفات عملية تقطير الخام، وجرى إخراج كل الكادر المؤهل لتشغيل المصفاة للتقاعد، ولم يجهز الكادر البديل عن طريق التأهيل في مركز تدريب المصفاة كما هو معهود؛ لذلك المصفاة اليوم عبارة عن كومة خردة تسرح فيها القطط والكلاب الضالة .

من عجب، أن نقابة المصفاة ، وهذه يفترض أن تناضل بكل جهدها لاستمرارية العمل في المصفاة والدفاع عن العمال المسحوقين، كان موقفها على الضد تماماً! وهنا صمت عمال المصفاة على هذه النقابة الموالية للإدارة بكل وضوح، ولم يطالبوا بالدعوة إلى انتخابات نقابية رغم مرور أكثر من ١٤ عاما على هذه النقابة ورغم كل مساوئها، وهذا من أكثر ما يثير الاستغراب، وكان هناك من العاملين من وقفوا في صف الإدارة وعلى أسس مصلحية أو مناطقية، ولكنهم اليوم بين ضحايا توقف مرتبات المصفاة، لأنه قد انتهى دورهم أصلاً.

الشيء الأكثر إثارة للاستغراب والحيرة، هو أنّ المتقاعدين من المصفاة منذ عام ٢٠٠٨م، مازالوا يستلمون مرتباتهم من المصفاة، وإذا تعثرت تعثّروا معها، وهؤلاء جميعاً - أكثر من الف كادر- استكانوا وصمتوا على حقهم الطبيعي في الإحالة إلى التقاعد واستلام معاشاتهم التقاعدية القانونية من الضمان الاجتماعي ! ولكنهم بلعوا ألسنتهم أيضا ، وهم اليوم ضحايا أيضا مثل كل عمال المصفاة، لأنه مهما كان الإشكال بين المصفاة والضمان الاجتماعي فالمسؤولية هي مسؤولية إدارة المصفاة وحدها وحسب.

الأمر الكارثي حقاً، أنه، بفرمان عالي المستوى، تم تحميل عبء مرتبات المصفاة على خزانة البلاد، والرواتب ذات رقم فلكي مهول، وكان ذلك لستة أشهر فقط، وحتى تتم التسوية بين المديونيات العالقة بين المصفاة والدولة، ولكن الأمر، ولشيء في نفس يعقوب، استمر إلى اليوم -أكثر من عامين- مع أن إدارة المصفاة لم تورد حتى فلساً واحدا لخزينة الدولة من إيرادات التخزين وخلافه، وتتكتم على الاتفاقية الجائرة بينها وبين التاجر العيسي ولم تظهرها لأحد، أو تظهر حجم إيرادات الخزن الموقعة مع هذا التاجر المحتكر لسوق النفط. وكل هذا من بين أسباب تعثر صرف مرتبات عمال المصفاة، ويبدو أن ما خفي كان أعظم كما يتبدى لكل متابع لشأن هذه المصفاة. أليس كذلك ؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى