«معركة المحاصصة».. زوبعة في فنجان مكسور

> عدن «الأيام» خاص:

> تسبب الحديث الذي أدلى به الأستاذ علي الكثيري، عضو رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، لموقع إرم نيوز في إثارة حنق الحزب الاشتراكي اليمني الذي رأى في إغفال الكثيري ذكر اسم الحزب ضمن المخصص لهم مقاعد في الوزارة القادمة نقيصة في حقه.
ونشر الحزب منشورا توضيحيا يوم الخميس 6 أغسطس ليأتيه الرد ليس من الكثيري بل من الحراك المشارك (جناح ياسين مكاوي) يوم أمس الأول الأحد 9 أغسطس.

التراشق السياسي الحاصل لم يحظ بأي تغطية إعلامية، إذ لم يعد المواطنون شغوفين بمتابعة أخباز الأحزاب السياسية في الداخل اليمني، خصوصاً وأن جميع الأطراف السياسية دأبت على إصدار بياناتها من الرياض ومهرها بتاريخ يسبقه كلمة "عدن".

الاشتراكي يرد على الكثيري
منشور الحزب الاشتراكي جاء على لسان مصدر مسؤول في موقع الحزب الإخباري الاشتراكي نت الذي قال في نصه: "استغرب مصدر مسؤول في الأمانة العامة للحزب الاشتراكي اليمني من تصريحات لمسؤولين في المجلس الانتقالي الجنوبي أغفلت حصة الحزب من الحقائب الوزارية التابعة للجنوب والتي جرى الاتفاق عليها ضمن اتفاق الرياض الأخير".

وقال المصدر في تصريح لـ "الاشتراكي نت": "طالعنا الحديث الذي أجراه الأخ علي الكثيري، عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي مع موقع (إرم نيوز)، ولفت انتباهنا إغفاله ذكر الحزب الاشتراكي اليمني عند روايته عن حصص المقاعد في الجنوب".
وأشار المصدر إلى أن الكثيري "لم يتحدث بشأنها كما جرى الاتفاق عليه"، مضيفا "ولذلك وجب علينا أن نوضح حقيقة توزيع المقاعد في حصة الجنوب كما اتفق عليه".

وأكد أن هذا التوضيح "يعد ردا أيضا على التخرصات السابقة التي قالت إن الاشتراكي تنازل عن حصته أو (باع ؟!) مقعده لأي كان".
وأضاف أن "الاتفاق تم على توزيع حصص الجنوب، بواقع حقيبتين وزاريتين سياديتين لرئيس الجمهورية، وأربع حقائب للمجلس الانتقالي، وحقيبة وزارية لكل من الحزب الاشتراكي اليمني، والمقاومة الجنوبية، وحزب المؤتمر الشعبي العام، وحزب الإصلاح، ومؤتمر حضرموت الجامع، والمجلس العام لأبناء محافظتي المهرة، وسقطرى".. واعتبر أن أي "رواية أخرى غير ذلك تتعسف الحقيقة، ولذا وجب التوضيح والتنبيه".

الحراك المشارك يرد على الاشتراكي
وفي الرياض أصدر مكون الحراك السلمي المشارك ما سماه تفنيداً لـ "ادعاءات تقسيم الحقائب الوزارية".
وقال المكون على لسان مصدر مسؤول: "صرح مصدر مسؤول في مكون الحراك الجنوبي المشارك وقال لقد أثار بيان الأمانة العامة للاشتراكي اليمني جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية الجنوبية عندما أشار ضمناً، ومشكوراً، إلى كولسة بمحاصصة تمت بين الأحزاب والانتقالي في حصة الجَنُوب، وعبر المصدر المسؤول إن هذا الكلام غير صحيح ويتنافى مع حقيقة النقاشات العامة التي تمت".

وتابع المصدر بقوله "رغم أننا في مكون الحراك المشارك كنا نبرئ ولازلنا الدخول في سباقات التسريبات غير المسؤولة والمحاصصة المختلة لقناعتنا التامة أن اتفاق الرياض وآلية تسريعه واضحة المعالم، ولا يحق لحزب أو مكون أو مجموعة أن ينفردوا بتقسيم الحصص إلا بتوافق كافة المكونات والقوى السياسية بما فيهم الانتقالي خلال المشاورات المقبلة، ليتم فيها التوافق على تحديد شكل الحكومة وطبيعة المشاركة فيها دونما إقصاء أو تهميش".

وتابع المصدر "وأما دور اللجنة السداسية التي تشكلت أثناء المشاورات الأولية جاءت لإعطاء الفرصة للمسار السياسي، والتي كان مقدراً لها أن تعمل للمساعدة في تقريب وجهات النظر بين الأحزاب والمكونات السياسية ونقل النتائج إلى هيئة رئاسة مجلس النواب ومستشاري الرئيس لمناقشتها وبلورتها والخروج بما يسرع تنفيذ الشق السياسي ويحقق توسيع مشاركة القوى السياسية الداعمة للشرعية على المستويين الجنوبي والشمالي، وقد أُنهي مهمتها في الاجتماع المنعقد يوم 29 يوليو 2020.

لذلك وجب علينا في مكون الحراك الجنوبي السلمي المشارك في العملية السياسية أن نوضح للرأي العام بأن كل هذه التصريحات غير الدقيقة ناتجة عن العصبوية السياسية، والتسريبات غير المسؤولة هادفة لعرقلة الانتقال للحالة التوافقية التي يجب أن تسود المرحلة القادمة والتي يتشارك فيها الطيف السياسي والاجتماعي الجنوبي الداعم للشرعية.

وعليه نؤكد أن لا اتفاقات تمت بشأن المحاصصة، وأن كل ما تم عبارة عن نقاشات وآراء ولن يتم البت بذلك إلا من خلال المشاورات المقبلة لتشكيل الحكومة برعاية كريمة من الأشقاء في المملكة وتشاور بتوجيه وإرشاد من فخامة رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي يقوده دولة رئيس الوزراء المكلّف د.معين عبدالملك مع المكونات والقوى السياسية الداعمة للشرعية للوصول إلى تشكيل حكومة شراكة وطنية يكون الحراك الجنوبي السلمي الحامل السياسي للقضية الجنوبية بكافة مكوناته وأطيافه السياسية شريكاً حقيقياً فيها، لنتجه معاً إلى التنمية وبناء المؤسسة وبذل كل الجهود في مواجهة المشروع الإيراني بأداته الحوثية الأخطر على بلادنا ومحيطها الإقليمي وإقامة سلام مستدام تنشده وتتطلع إليه شعوبنا".

المتحاورون في الرياض غير قادرين على العمل الجماعي
لكن الطبقة السياسية سواء في عدن أو الرياض قد توصلت إلى قناعة بأن الجميع غير قادر على العمل الجماعي، وقال أحد السياسيين اليمنيين المقيمين في الرياض، وطلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الموضوع: "ما حصل هو ترميم اتفاق الطائف بين اللبنانيين ونقله لليمن".. وأضاف: "انظروا ما فعلت المحاصصة في لبنان وتخيلوا كيف سيؤسس الاتفاق لمعارك وحروب قادمة في اليمن، فكيف يمكن لأطراف سياسية لا تتحاور وجها لوجه العمل معاً في إطار حكومة واحدة كعمل جماعي؟!".

وقال الباحث السياسي المستقل ورئيس مركز عدن للرصد والدراسات والتدريب، قاسم داود لـ«الأيام»: "لابد أولا من التأكيد على تقدير وتثمين توجه الطرفين للحوار والاتفاق والشراكة، وأيضا عن التقدير العالي لدور وجهود الأشفاء السعوديين والإماراتيين في هذا المجال كما في غيره".
ووضع الباحث قاسم داود أربع ملاحظات على حوارات الرياض:

الأولى: أن فرص التكتم الشديد على سير الحوارات بمرحلتيها، لم ولن يُمكن من تناولها بموضوعية بما فيها مواقف الأطراف وأطروحاتها وتصوراتها.. بل لقد ساعد ذلك على غياب التحليل الرصين والموضوعي، وأطلق العِنان للتسريبات والفبركات والمناكفات وساعد في تشويش الرأي العام وتغييب الحقيقة.
الثانية: يبدو، ولا أجزم في هذا، أن الأطراف وهي تخوض في موضوع إجراءات وخطوات التنفيذ قد ابتعدت عن جوهر ومضمون اتفاق الرياض، الذي أفهمه في المعادلة التالية: إنه حوار + شراكة = تغيير.

كان المطلوب قبل الخوض في توزيع الحصص والمقاعد والمناصب البحث الدقيق والمعمق لبرنامج العمل، للأولويات والمهمات القادمة، والإصلاحات المطلوب الإقدام عليها، وبعد ذلك يتم تشكيل الائتلاف أو التحالف من القوى والأطراف المتفقة على البرنامج، وتاليا يتم بحث موضوع توزيع المقاعد والمناصب واختيار الأشخاص... لقد وضعوا العربة قبل الحصان.

الثالثة: يشاع أن الطرفين لم يدخلا بعد في حوار مباشر فيما بينهما، فالذي يجري هو حوار يتم بواسطة الطرف الراعي للعملية والحال كذلك.. فهل يمكننا الحديث عن تحالف وشراكة ودمج  وتجميع؟ وهل نضجت شروط ومقومات هكذا عملية نوعية ومعقدة لا تتطلب المجازفة والسير للمجهول؟
خُطَّة الإجراءات تشير في واحدة من نقاطها إلى بين القوات في أبين، وعمليا فإن عملية الفصل تتم بين أطراف متصارعة - متنازعة، وليس بين شركاء، كما لم تشر إلى ماذا بعد الفصل بين القوات، هل نكون مع حدود بين كيانين أو سلطتين؟

الرابعة: ومع أنه لم يصدر شيء رسمي عن توزيع مقاعد الحكومة. وبالذات الـ12 الخاصة بالجنوب، فثمة مخاوف وقلق مما يقال، وتثار أسئلة من قبيل من المعني بالشراكة، هل الجنوب ومكونات أصيلة أم ماذا؟ هل توجد نوايا لأن يشكل التمثيل في الحكومة أساسا لاختيار ممثلي الجَنُوب في المفاوضات السياسية القادمة؟ وإذا صح ذلك فنحن إزاء عملية تزييف إرادة شعب الجنوب والانقلاب عليها. هل من نية لتجزئة تمثيل الجنوب إلى أطراف متصارعة، والذي سيعني تجزئة القضية الجنوبية إلى قضايا، والمشروع السياسي الواحد للجنوب إلى مشاريع عدة؟ وهل يدرك القوم مخاطر هكذا توجه على جهود السلام، وأن مشروع كهذا لن يتوقف عند حدود الجنوب؟!
لهذا كله ولغياب الشفافية ظهرت الآراء المتعارضة حول توزيع الحقائب الوزارية.. كما ورد في السؤال.. هل كان المطلوب أولا ومن أجل النجاح إدارة حوار جنوبي للتوافق على آليات عمل تحقق الشراكة وعلى أساس احترام إرادة الغالبية الساحقة من الشعب، ومراعاة التطلعات والاهتمام الخاصة بهذا الطرف أو غيره؟ وهي عملية لا تنتقص من دور ومسؤولية المجلس الانتقالي الجنوبي.

الخامسة: طالما والحديث يدور حول شراكة وليس تقاسما إو إلحاقا، فالشراكة لها أسسها ومتطلباتها، من ضمنها أن تكون شاملة ولا تختزل بأعضاء الحكومة والمحافظين. وعلى أقل تقدير أن تتضمن ما كان قد عرض على الحوثيين قبل سبتمبر 2014. ولابد أن تقوم الشراكة على وضوح سياسي تام للحاضر والمستقبل والتزامات متبادلة، وضمانات لكل الأطراف  وبالذات للجنوب الذي سبق وأن تعرض للغدر مرات ومرات.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى