هل «آلية تسريع اتفاق الرياض» في طريقها للتعثر؟!

> كتب/ المراقب السياسي

>
  • هناك من يوجه "آلية تسريع اتفاق الرياض" نحو انهاك الجنوبيين ويمنح توسع الحوثي شمالا
  • عودة ظهور القاعدة في شبوة وشقرة مسؤولية ستلاحق التحالف والشرعية
  • السعودية مطالبة بالاستغناء عن شخوص جنوبية وشمالية لم يعد لها نفوذ على الأرض
> المفاوضون في الرياض وسط حالة جمود جديدة، فلم يلتق المفاوضون الجنوبيون بأحد منذ الأربعاء الماضي قبل 8 أيام، والمهلة لتشكيل الحكومة بحسب «آلية تسريع اتفاق الرياض» لم يتبقى منها سوى ستة أيام.. ورئيس الجمهورية ما زال في رحلته العلاجية في الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يُعلم متى سيعود.

لكن الوضع في الداخل مختلف تماماً، فالحوثيون يتقدمون في مأرب، ولم يتبقَ سوى مديريتين من أصل 14 ليبتلعوها كاملة.

اتفاق الرياض في مجملة يسعى إلى توحيد الصف الداخلي ضد الحوثيين، ونقل الجميع الى جبهة واحدة، لكن ما حصل هو العكس تماماً، فإلى أين تتجه الأمور؟

لم يحدث انخفاض في التوتر في أبين منذ التوقيع على الرياض (2) بل العكس، تسارعت وتيرة التوترات والاشتباكات حتى أصبحت حدثا يوميا يستطيع المرء ضبط ساعته عليه، فلم تخلو ليلة من ليلى الأسبوع من اشتباكات ليلية على طول الخط الرابط بين شقرة والشيخ سالم في أبين.

وصلت تعزيزات لقوات الشرعية التي يقودها حزب الإصلاح في شقرة من وادي حضرموت ومن مأرب، وكانت هناك أنباء عن انسحاب القاعدة من البيضاء إلى أبين، وتسليم مناطق محددة إلى الحوثيين.

في المجمل يشير ما سبق إلى أن «آلية تسريع اتفاق الرياض» تسير في الاتجاه الخاطئ تماماً ونحو مزيد من تشتيت جبهة الشرعية وإنهاك الجنوبيين في معارك جانبية... والنتيجة واضحة، الحوثي طرف مسيطر على الشمال كاملاً، والشرعية ومكوناتها المفرخة والوهمية تسعى لتقاسم الجنوب وثرواته مع الجنوبيين ليس إلا.

حتى تعيين محافظ عدن الجديد أحمد حامد لملس، كأن لم يكن، فلا عاد إلى عدن، ولا بَدأ في تحريك الأمور فيها، على الرغم من مضي 23 يوماً على تعيينه، ولم نرَ دعما حكوميا له مثل ما حدث مع عدد من المحافظات الأخرى لتوفير أبسط احتياجات الناس، وهل قدمت دول التحالف خططها للدعم الازم لعدن لانتشالها من هذا الوضع المزري؟ فالمحافظ لملس قد توافق عليه الجميع، والجميع ملزم بدعمه، أم أن لملس سيكون ضحية لانعدام التمويل مثلما حدث لسابقيه؟

عندما كانت الإمارات، عضو التحالف، في عدن كانت وتيرة التقدم في الجبهات عالية، فوصلت قوات المقاومة الجنوبية والوطنية والشرعية والتحالف إلى الحديدة غربا على طول الساحل الغربي، وطردت القاعدة من كل محافظات الجنوب باستثناء وادي حضرموت، وكانت مأرب والجوف ومعظم البيضاء وتعز محررة بيد التحالف. بعد شهر من اليوم تحل علينا الذكرى الأولى لانسحاب الإمارات في سبتمبر 2019م فما نتائج الانسحاب؟

في الجبهات، عادت القاعدة إلى أبين وشبوة، وتقدم الحوثي وابتلع الجوف والبيضاء ومعظم مأرب، وتراجعت القوات من الحديدة إلى جنوب المدينة، استطاع الحوثي فتح جبهة جديدة في الضالع، فتحت الشرعية جبهة حرب مستمرة في الجنوب في شقرة ضد شركائها في التحالف، وهم المقاومة الجنوبية والمجلس الانتقالي.

لم يلتفت أحد إلى جانب الاقتصاد، فحدث خلال نفس المدة تدهور الريال اليمني من 520 ريالا مقابل الدولار إلى 812 مقابل الدولار أمس، وتم تبديد الوديعة السُّعُودية دون الاستفادة منها لتدوير عجلة الاقتصاد، وتغول الفساد الى مستويات قياسية جديدة، وارتفع التضخم وتوسعت دائرة الفقر حتى أصبح الجميع فقراء من المواطن البسيط حتى كبار التجار الذين وقفوا على ممتلكاتهم التي تدهورت قيمتها السوقية حتى الحضيض.

في مجال الخدمات، تشهد عدن أسوأ صيف في تاريخها، وأصبح المواطن تائهاً بين توفير المتطلبات الأساسية للمعيشة وانعدام الخدمات.

أما عودة القاعدة والإرهاب للانتشار في أبين وشبوة فهي مسؤولية قانونية خالصة، فمن سمح لتلك القوات الحكومية باستضافة عناصر القاعدة وانضمامها إليها في شبوة وشقرة؟ سؤال سيلاحق التحالف العربي والشرعية عما قريب.

المواطن الجنوبي يريد شركاء من الإقليم، ولكن شركاء حقيقيون وليسوا شركاء يقومون بإملاء سياسات خاطئة يعلم الجميع أنها ستوصلهم إلى كارثة محققة، ولا يمكن السماح بتدهور الحال أكثر من هذا.

المواطن الجنوبي لديه عقل يستطيع التمييز به، فلما كانت الإمارات موجودة كانت الخدمات سيئة لكنها موجودة، اليوم يرى نفس المواطن أنه قد خسر كل شيء، ولا يعني هذا مطالبة بعودة الإمارات ولكن مطالبة بعودة الدولة وهيبتها التي افتقدها بعد 1990م.

ونفس الشخوص الذين قاموا بمهاجمة الإمارات سابقاً وألفوا قصصا من الخيال عن الانتهاكات نجدهم اليوم يهاجمون المملكة العربية السعودية لإخراجها ايضاً، وهم يتبعون نفس الجهة التي تحاول ابتلاع الجنوب والاستمرار في نهب ثرواته.

المواطن الجنوبي اليوم يتابع ما يصدر عن القنوات الإخبارية السعودية محاولاً تلمس أي تغيير في السياسية الخارجية السعودية تجاه الجنوب، لكنه –للأسف- لم يجد ما يصبوا إليه حتى الآن، فالقنوات الإعلامية السعودية ماتزال على نفس العقلية السابقة، فعلى سبيل المثال لم تقم بتغطية مظاهرات المكلا الداعمة للإدارة الذاتية التي تبناها المجلس الانتقالي الجنوبي على رغم ضخامتها، بينما غطت فعالية شبوة الداعمة للائتلاف الوطني رغم صغرها، وهنا يستنتج المواطن الجهات التي تدعمها المملكة، ولن تجدي معه التصريحات الرسمية بعد ذلك مهما أتت دعما للجنوب.

إن مصالح الجنوبيين اليوم تقع في الاصطفاف مع السعودية والإمارات ومصر، ويجب التعامل وفقا للمصالح لا العواطف..

التخوف السعودي من المساس بعناصر الشرعية ليس له ما يبرره، فالشرعية هي شرعية الرئيس اليمني فقط أما الباقون فقد فقدوا أساس فائدتهم وتأثيرهم ونفوذهم داخل البلاد جنوبها وشمالها، ولم يعد للأحزاب السياسية أي أثر يذكر أو وجود.

وسط كل هذه الفوضى تقف المملكة العربية السعودية في حيرة، فمن جهة، مصالحها كبيرة في الجنوب، لكن الشخوص في الشمال والجنوب الذين اعتمدت عليهم لأكثر من نصف قرن قد تلاشوا، واضمحلت قوتهم على الأرض، فلم يعودوا ذوي فائدة، وأصبح الإستغناء عنهم اليوم في مصلحة المملكة.. ويجب التحرك سريعاً لإنقاذ اتفاق الرياض فالوقت يداهم الجميع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى