جينات عدنان!

> زميل عزيز فتح الله عليه فأصبح في الخارج يلعب بالدولارات لعبا، تذكرني بعد ست سنوات عجاف متسائلا:
يا أخي دعك من المثالية والعب زينا على حبال المتناقضات، الصباح شرعي والظهر إصلاحي والعشاء انتقالي؟

قلت له بقرف واشمئزاز: المسألة عندي مبدأ، سخر مني قائلا: في أي بنك يصرفون هذا المبدأ؟ قهقهت قائلا: مثلك أيها المتلون، يا من بعت قضيتك برخص التراب، لا يفهم معنى مبدأ، المسألة هنا يا عزيزي مسألة جينات.
تذكرت الأخ العزيز المهندس عدنان الكاف، بدا لي نموذجا مثاليا واضحا لمسألة الجينات.

عدنان عرفته من أصول رياضية عريقة، رجل اقتصادي من الطراز الأول، رجل أعمال ملتزم ومنتظم، يلمس الأشياء من حوله فتتحول إلى ذهب، كما كان يفعل ميداس، في كل مكان يضع نفسه في ورطة ناجحة، بالتأكيد لا يستطيع صاحبنا أن يكون مثله، لأن عدنان صاحب مبدأ، والمسألة هنا جينات.

عندما اجتاح الحوثيون عدن قبل ست سنوات، هرب زميلي مثله مثل كل الذين تبرقعوا ظهر أحمر، وهربوا من شر الحرب مع فاصل من الغناء.

عدنان لم يفعل مثلهم، لم يشأ أن يهرب من جحيم الحوثي مهرولا إلى جنة (اللي ما يشتري يتفرج) لم يتجرد من إنسانيته تجاه عدن، ذاب بين ظهراني الفقراء والمساكين والمقاومين الأبطال من أبناء عدن والجنوب، ذاق معهم ومعنا المرارة والحرمان، عاش تفاصيل آلامنا لحظة بلحظة، كان يتألم يعطش ويجوع مثله مثلنا، وعندما انخرط في عمل خيري تخلى عن بروتوكولات الأبهة وأصبح مثله مثل أي واحد، رغيف خبز نصيبه مع كوب شاي. عدنان لم يهرب مع أنه صاحب نفوذ، عنده بدل المخرج مائة، لكنه آثر البقاء في كنف محنة عدن، لأنه صاحب مبدأ، ولأن جيناته عدنية ووطنية.

أما صاحبي الذي يدعي وصلا بالجنوب، والجنوب لا يقر له بذلك، فليس له مبدأ، مجرد شاقي على بطنه، يتقرص على ظهر القضية، مجرد مهرج يبحث عن مزيد من العرض والطلب، هذا لأن جينات الهروب والتلون الحربائي تسبح في دمه.
نعم يا صديقي أنا لا زلت مثلما عرفتني أتقوقع في صومعتي كافي خيري شري، الراتب يأتي بعد أن نموت مليون مرة في اليوم. أقتات من مخزون القناعة، أعيش على نفس المبدأ و بنفس روتين حياتي السابق، وسط البسطاء و معاناتهم. المسألة هنا أيضا مسألة جينات.

بالمناسبة الأخ عدنان الكاف الذي رضع من ثدي الرياضة مبادئ الأخلاق الحميدة، لم أره منذ زمن بعيد.

مسؤوليات عدنان كبرت الآن فقد بحجم وطنه المغلوب على أمره، أضاف إلى أعبائه كرياضي ورجل أعمال الهم الوطني، وهي مهمة مقدسة لا تأتي إلا لأمين صادق، لا يغش في الموازين الوطنية، ولا يساوم في المبادئ الثابتة، لكنه هو الآخر كما هو، لم يتغير أو يتلون أو يركب موجة منصات البيع والشراء، لأنه صاحب مبدأ، والمسألة أيضا مسألة جينات، جينات يا عزيزي وليست دولارات وجنيهات وحوالات من اللي بالي بالك!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى