حضرموت وعقالها المفلوت

> لن نتوغل كثيرا في تاريخ صراعات المنطقة وتأثيراتها على حضرموت الأرض والإنسان، لكن دعونا نستحضر الزمن الفائت القريب منذ انقلاب 2011م بصنعاء بين أذرعه نظام الحكم فيها بما سموه (ثورة الشباب) تحت يافطة (الربيع العربي)، لقد بدأت حضرموت في ذلك اليوم المشؤوم في قبضة عسكرية وكأنها المقصودة من ذلك الانقلاب، وتداعت كافة الأطر الحضرمية لاجتماع عاجل لتدارس الوضع وموقف أبناء حضرموت منها وما يمكن فعله في ظل ما هو واقع بأرضها من شحن عسكري على الواقع، لكن الحضارم جاءوا بإرث صراعاتهم إلى قاعة الغرفة التجارية بالمكلا منتصرين لأحزابهم لا لحضرموت، وكاد الاجتماع أن يفشل لولا الانفجار الذي حدث جنب القاعة في آخر لحظات الاجتماع ليعطي الجميع بمختلف مشاربهم ومشاريعها أن الاستهداف للجميع ممثلا بحضرموت وعليكم الانتصار لها فقط، وخرجوا بتشكيل ما عرف بـ(المجلس الأهلي الحضرمي) والذي مر بعد ذلك بكثير من التعرجات والاختلافات وخرج عن ما هو مأمول منه من قبل الحضارمة، وتداعت الأمور إلى ما هو أسوأ منه في ظل سلطة محلية حضرمية انتهت بتسليم ساحل حضرموت للإرهاب وإن اختلفت مسمياته حينها.

حين انتصرت الإرادة الحضرمية لنفسها بتشكيل قوتها العسكرية (النخبة الحضرمية) كانت الأمل الذي استبشر به الحضارمة في ظل انطلاق (عاصفة الحزم) والتغييرات الإقليمية من الأزمة اليمنية، كان للحضارمة قدم السبق في تحرير حضرموت من هذه القوى الظلامية وفرض أمرهم بإدارة مدنية وعسكرية مثلت مثالا يحتذى به في ظل تشظيات الرقعة الجغرافية اليمنية بشكل عام، وبدأ العقل الحضرمي يستعيد هويته ووعيه الوطني ويدعو للاجتماع على كلمة سواء بينهما، فكانت الدعوة لمؤتمر حضرمي يجمع كل أبناء حضرموت بالداخل والخارج بما عرف بـ(مؤتمر حضرموت الجامع)، وانطلقت حضرموت للعمل نحو هذا المؤتمر الذي اتفق عليه الكثير واختلف عليه البعض، إلا أنه بهمة الجميع وصل إلى مبتغاه بتلك المخرجات التي أجمع عليها الحضارم بالداخل والخارج، وكان هذا أول نقطة ضوء في عتمة النفق المظلم الذي يشهد الصراع بالمنطقة، والذي فتح آمالا لبقية أرض الجنوب الواقعة تحت نير الاحتلال اليمني من تأسيس كيان موحد بعده سمي بالمجلس الانتقالي مايو 2017م.

لم يكن العمل المؤسسي لمؤتمر حضرموت الجماع بعيدا عن مثالب سرعة التكوين لكنه ظل بداية موفقة استبشر بها الجميع خيرا، لكنها ظلت تسيطر عليها آليات (المجلس الأهلي الحضرمي) فأخفق في إدارته مؤسسيا وبعد عن مخرجاته ومشاكل حضرموت الآنية فضلا عن الاستراتيجية، وظلت قياداته تتقاذفها المواقف الشخصية ونأت عن القضايا الوطنية العليا، ومن هنا ظهر شرخ واضح بينها وبين قيادة حضرموت الإدارية والعسكرية، ومضت الأمور تتخذ دون الرجوع إلى الهيئات العليا للمؤتمر فانفلت العقال الذي يعد المرجعية.

اليوم ما تشهده حضرموت هو تكرار لمشاهد بالأمس لم يتعلم الحضارم منها درسا البتة ومع انفلات العقال والذهاب إلى مربعات التيه فإن الحضارمة بحاجة للمكاشفة والوضوح والإصرار على الحفاظ على حضرموت لا على الشخصيات أيا كانت موقعها ومكانتها، فحضرموت هي مربط الفرس ويجب الحفاظ عليها من انفلات عقالها، وكل المشكلات المطروحة من الشارع الحضرمي بسيطة وبالإمكان حلها، والمهم الحفاظ عليها حتى لا يتكرر هذا الفلتان إلى ما يشبه الحالة السابقة، وما شبوة منا ببعيد.. اللهم إني بلغت اللهم فاشهد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى