إشراقة أكتوبرية

> كانت ثورة وبقيت ثورة لم يُصِب جدارها ثقب ولا خلل منذ 57 عاماً، بل نبع منه دفقٌ ثوري وفيض حماس امتزجا في جدول الحُريّة الرقراق، وبقي ردفان الجبل شاهداً على الشاهق من المعالي!
إنّ بزوغ أول شعاع شمس صبيحة اليوم الأغر أعطى صورة لعشقٍ أزلي بين الضوء والحرية، وتماهت مع رياح الموسم نسمات الثورة، لأن تشرين موعد نُضج السنابل، وصار أيضاً موسم حصاد نضالات الأحرار.

لقد صار الجبل في قاموس الأُباة مكاناً يبثّون من خلاله أشواقهم للوصول إلى يوم الحرية، وما سارت قدم مسافر أو ساح طوّاف في تلك البقاع إلّا وأتاهُ من شذاها ما يملأ جوفه نسيماً لا ينتهي، حتى كأن عطر المناضل تضوّع في الأرجاء.
صباح الخير أكتوبر. نشهد أن الثورة فاضت في رحابك وهَفَت إلى جنابك، وأنت فينا مَدَد الحُب الثائر. كتبت في دفتر الحياة: "إنّ لنا في كل ذرة رمل عشق.. وتزدهي أرضنا بإشراق يومك حتى كأنك الزائر الكريم، ويمضي الجنوب يرفل في أثواب النصر حتى النهاية".

يا وعد الصِدق، يا طلقة ردفان الغضبى، كنّا نحسب أن الفعل الثوري في توأم الثورة اليمنية "سبتمبر وأكتوبر" صار ناجزاً، ولم يدر بخلدنا أن خطأ الرُماة في التاريخ يتكرر عندما تركوا ظهر 26 سبتمبر عرضة لسهام ونبال السيّد الذي جاء على حين غرة يبحث عن إرث جدّه الإمام بعد أكثر من نصف قرن من عمر الثورة.
يا ألَق أيامنا الخُضر، يا رمل التواهي، شيئاً ما لم نألفه، هذا الخروج المفاجئ إلى صنعاء لإسقاط الدولة عشية 21 سبتمبر في زمن الوحدة المفترضة حتى كأن صعدة صارت مصنع الأئمة في زمن الجمهورية، وخارج التاريخ الذي ظنّناهُ سبتمبرياً!

كان علي عبدالله صالح يقف في منصّة السبعين يُحيِّي الجماهير قبل أن يُلهب حماسهم بخطاب الثورة، ولربما وقف معه عشرات على المنصة من صنف الملثّمين بقُماش الإمامة، الذين يبادرون بالتصفيق قبل هتافات الجموع المحتشدة، وما درى الرئيس الراحل أن الثورة تُسرق بجواره، وأنه إنما يُستدرج إلى مصيره عندما استكان هو لانتفاضة الحوثي ضد "الجُرعة المزعومة"، وفَرِحَ بها نكاية بثورة الشباب ضد نظام حكمه!

صباح النور يا ساحة عروض خور مكسر.. يا سفوح شمسان.. يا وَهَج القلعة.. نأتي إلى رملة الساحل من قرية في الضالع أو وادي في طور الباحة أو شجرة سُمَر استراح في ظلّها "لبوزة"، ثم نرى في عدن أنها "وطن" الجميع وباب الحريّة وصيرورة التاريخ.

سنرى معك يا أكتوبر كيفَ ست سنوات من حرب الحوثي والشرعية جاءت بـ "الإعلان المشترك" بعد أن سُرِقَت 26 سبتمبر، وبقيَت شمسك تسطعُ جنوباً، ثم يهرف جريفثس بما لا يعرف.. وربما انتبه في اللحظة الضائعة أن مشاورات "الإعلان" بدون الجنوب ستسقط كما سقطت جمهورية صنعاء، وأنّ لنا في سِجَل النضال نشيد الخلود، فقط ردّدوا الآن: "الله الله يا أكتوبر.. الله على نورك في بلدنا".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى