كوميديا سوداء!

> يعجبك "أبو يمن" أنه "مطيز" للدنيا، لا يهتم إلا بما تشتهي نفسه الأمارة بالسوء، والغريب أنه "يفتهن" لمصيبة غيره، رغم أن المصيبة أحيانا تعم.

* خذوا مثلا: أبو يمن "مطيز" لفيروس كورونا، ولا يعيره أدنى اهتمام، يبوس واحد مزكوم، و يعانق واحد درجة حرارته مثل النار، ويخالط أصحاب السعال والكحة، ويقول لك بقلبة وجه : يا وليد أيش من كورونا خلي لي حالي بس.

* ويا ليت هذا "التطييز" يقتصر على الاستهزاء بكورونا والفيروسات الطائرة والزاحفة، لقد بلغ "التطييز" حدا ينسف الثقافة العامة، ويستبدل الكذب بالافتراء.

*خذوا مثلا: اختلف طالبان (ليست طالبان الأفغانية) على إجابة سؤال في مسابقة ثقافية حول هوية من اكتشف كروية الأرض.

* الأول يصر إصرارا على أن "ليونيل ميسي" هو أول من أثبت كروية الأرض، أما الثاني فيلح إلحاحا على أن "كرستيانو رونالدو" هو صاحب الحق الذي جعل العالم مجرد كرة قدم يركلها "رونالدو" نحو الشباك.

* وعندما تدخلت لتصحيح المسار قائلا: إن الإيطالي "جاليليو جاليلي" هو أول من ضرب الأرض بقدميه أمام الكنيسة قائلا: ومع ذلك فإنها تدور، سخرا من هذه المعلومة، وبادرني طالب ثالث موضحا: يبدو أن معلوماتك عن الكرة الأرضية دقة قديمة.

* ومن مظاهر "التطييز" اليمني التي فشلت في فك طلاسمها أن الأحذية أو "الجزمات" تنام في دواليب من الزجاج هروبا من غبار داحس والغبراء، بينما تنام الكتب الثقافية والمراجع العلمية على الأرصفة وبين مخلفات القمامة.

* يبدو أن مظاهر "التطييز" لكل ما هو معقول في بلد يعبث به المظليون السياسيون جعلت البطولة في القدم بعد أن كانت في القلم، ودائما لا حول ولا قوة إلا بالله.

* وثقافة "التطييز" في اليمن لا تتوقف عند الكبار الذين يبترعون ليلا ونهارا، لكنها وصلت إلى عقول الصغار والأطفال، والدليل أن المخدرات تباع في الأسواق عيني عينك، ولا يخفض لمروجيها طرف أو رمش.

* وفي وطن تأكله الحروب كما يأكل المهند غمده، لا يبالي الشاب بحياته ولا بمستقبله، فيضطر إلى "التطييز" للدنيا مقابل "حق الصرفة"، يلقى حتفه في الحرب مقابل "قات يومه" بلا سبب معقول أو مبرر مقبول.

* ربما كتبت مقالتي اليوم بروح الكوميديا السوداء للجمع بين التنكيت والتبكيت، وعزائي في هذا أن العرب قالت: بالاضداد تتمايز الأشياء، وكل سنة و"التطييز" شعارنا في مواجهة أزماتنا!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى