عيب !

> لست هنا في محاضرة تستدعي التذكير أن العقل زينة، و أن ابن آدم مطالب دائما أن يضع أعصابه في الثلاجة، لكن ما حدث للدكتور الخضر لصور رئيس جامعة عدن من إرهاب نفسي، دفعني مجددا للتفتيش في كوم القش عن حاجة اسمها "أخلاق"، و إنما الأمم الأخلاق ما بقيت، فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا ...

* قديما جدا قالها حكيم حليم ضليع وعليم: كلنا مجانين، وأكثر جنونا هم أدعياء العقل، فهل ما حدث لمنزل رئيس الجامعة من اعتداء همجي غير مبرر، جاء نتيجة للحظة طيش؟ أم أن من ارتكب هذا الجرم يدعي وصلا بجنون ليلى؟ وأيا كان الاختيار والدافع ما أحوج هذا المتشنج الذي تلفت أعصابه إلى الإصغاء لأجدادنا الذين قالوا: حتى الجنون يشتي عقل يخارجه ...

* وحتى لا يساورني أدنى شك في الحديث المرفوع عمن لا ينطق عن الهوى، أبدي انزعاجي مما حدث للدكتور الخضر لصور، و أسفي لما ألم بحالته النفسية من هبوط في الروح المعنوية.

* وقبل أن أدعو الله أن يزكينا عقولنا، وأن يمنح بعض الخارجين عن نطاق الحكمة عقولا تفرق بين فن التعبير عن المطالب واستعراض عضلات التدمير بالمخالب، أقول: إن الخروج عن مسار الحكمة وعدم ضبط بوصلة ردود أفعالنا بحاجة إلى وعي يمتد من الأفئدة الرقيقة إلى القلوب اللينة، لكن أين هذه القلوب و الأفئدة في ظل "غاغة" ولدت أزمة أخلاق غير مسبوقة.

* وعندما يتعرض منزل الدكتور الخضر لصور لهذه الهمجية في لحظة تزاوج غريب بين الانفعال والتشنج، فهذا العمل فيه انتهاك، وخرق واضح لحرمات البيوت، وفيه ترويع للصبيان والبنات، فهل بات انتزاع الحقوق أو المطالب، مهما كانت شرعيتها يتم بالقوة ولي الذراع وحركات الخروج عن النص؟
* في ظني أن هناك أطر قانونية و قنوات إدارية محترمة تقدس القوانين وتلتزم باللوائح المنظمة لأعمال الجامعة، يمكن للمتضرر أن يلجأ إليها إذا كان مستهدفا ومظلوما، ليس من بينها الغناء أمام منزل رئيس الجامعة "حجر وسيري سايرة ولا تكوني حائرة".

* لكل جامعة نظامها وسياستها الواضحة المبنية على الشفافية والنزاهة، و لعل الدكتور الخضر لصور إداري محنك، يجمع بين اللين والشدة، وهو أيضا خبير في قراءة نفسيات الآخرين في ظل واقع معيشي وسياسي صعب، وحكيم في معاجلة قضايا الطلاب ومنتسبي الجامعة بعقلانية وقلب أب يساعد أبناءه على الطاعة.
* أما وقد هدأت نفوس من طالبوا التغيير بحجارة التدمير، وارتخت أعصابهم المشدودة، ما أحوجهم الآن لتفعيل عقولهم وتحكيم ضمائرهم، فما حدث منهم من إخلال بميثاق الأخلاق في لحظة كان فيها هرمون الأدرينالين سيد الموقف ينطبق عليهم "ومن يهن يسهل الهوان عليه"، ودائما العقل من عندك يا رب!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى