الأسماك في عدن.. "قدام عنيّا وبعيد عليا"!

> تقرير/ فردوس العلمي:

> يتجه محمد قائد، بائع سمك، إلى جلب السمك من الصيادين من حراج حراج صيرة أو من الصيادين في المخا، لكنه اليوم عاجز عن شراء السمك ويجد صعوبة في التحرك إلى المكلا بسبب شحة الصيد وارتفاع أسعاره.
يقول قائد: "هذه الأيام صيد التمد تحديداً يتركز في شواطئ حضرموت، حيث المياه هادئة على العكس من عندنا في شواطئ خليج عدن والشواطئ الغربية الممتدة من باب المندب حتى الحديدة، حيث يقل توفر السمك هذه الأيام".

وارتفعت أسعار السمك بشكل جنوني مؤخراً في عدن، أدى ذلك إلى استياء شعبي كبير دفع بقيادة السلطة المحلية في العاصمة المؤقتة لاتخاذ قرار من إخراج حاويات الأسماك خارج العاصمة حفاظاً على مستوى عرض مقبول وأسعار معقولة في متناول المواطنين.
لكن قرار السلطة المحلية لم يكن له أثر كبير في تراجع أسعار الأسماك، ويقول مراقبون: إن الحالة المدارية "جاتي" أيضاً كان لها دور كبير في توقف أنشطة الصيد، وتسببت في نقص المعروض، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار.

يجد المواطنون في المناطق الساحلية السمك وجبة أسعارها معقولة مقارنة بأسعار اللحوم، لكنها أصبحت بعيدة المنال من سفرات طعام الأهالي في المدينة الساحلية.
الارتفاع الجنوني الذي طرأ على أسعار السمك أدى إلى عدم مقدرتهم على شرائه.

وثمة انفلات حاصل ومؤكد في ضبط أسعار السلع في المناطق الخاضعة للسلطة الشرعية مقارنة بالمناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثي الانقلابية، ففي محافظة عدن وصل سعر الكيلوا التمد إلى سبعة آلاف، وفي صنعاء يباع بنصف الثمن 3500 ريال.
في حين وصل سعر في الديرك بعدن إلى عشرة آلاف ريال، وفي عاصمة الانقلابيين يباع بمبلغ 6000 ألف ريال، والسلخة هنا يباع بعشرة آلاف ريال، وفي صنعاء البعيدة عن البحر بمبلغ 3000 ألف ريال، والبياض هنا في عدن يباع بمبلغ 5000 ريال، وفي صنعاء بمبلغ 2000 ريال.

تصل الكثير من المنتجات الزراعية أيضاً من المحافظات الشمالية بأسعار مضاعفة عن أسعارها الحقيقية حتى إذا ما أخذنا فارق الصرف بين العملتين.
صحيفة "الأيام" قامت بجولة رصدت فيها ت آراء المواطنين والصيادين وباعة السمك من حراج صيرة والأسواق المركزية في مدينة عدن.

عِوَض عبدالرحمن، في العقد الخامس من العمر، كان يقف عند بائع أسماك متكئ على عصاه وهو ينظر إلى سمك التمد اللون الأحمر، سألته كيف السمك يا حاج؟ ابتسم وبقي يردد أغنية فريد الأطرش "قدام عنيا وبعيد عليا.. مقسوم لغيري وهو ليا"، وقال مبتسماً: "هذا حالنا مع السمك حتى السمك أصبح غالي علينا".
وأضاف: "البحر بحرنا ونشتري السمك بأسعار مرتفعة، لهذا نطلب من محافظ عدن تشكيل لجنة لمراقبة حراج صيرة و (الدوكيار) وأسواق الأسماك. لتفعيل القرار ما لم سيكون حبر على ورق، وستكون هناك العديد من الطرق الملتوية التي يلجأ إليها الصيادون لاستمرار ارتفاع الأسعار، منها توقف الصيادين عن النزول إلى البحر".

تفاوت في الأسعار
وأضاف: "أسعار السمك ما زالت مرتفعة رغم قرار المحافظ الذي لم ينعكس على أسعار البيع، فالأسعار تختلف حتى بين المديريات وبين الباعة أنفسهم، فالكيلو التمد بعدن بأربعة آلاف وعند البعض بخمسة، وفي الليل ينزل إلي ثلاثة آلاف وخمسمائة ريال".
من جهتها، الحَاجَّة فطوم في العقد السادس من العمر تقول: "فرحنا بقرار المحافظ، وبعد بمدة رجعنا نشم عرف السمك من بيوت عدن. افتقدنا لوجبة (المطفاية) وصانونة السمك والحمد لله اليوم نقدر نشتري ربع كيلو بألف، فنحن الفقراء لم نعد نأكل السمك، بل نشمه فقط".

وتقول الشابة نجوى مراد، 20 عاماً: "ودفت وقلت للوالدة أبشري يا أمي، الكيلو التمد نزل إلى 1500 ريال، والناس كلهم يتكلمون على قرار المحافظ، والآن أمي كل مرة تعطني 1500، وتقول هاتي كيلو تمد عشان نعوض، وأنا أضيف باقي المبلغ من عندي".
من جهته، محمد سالم، مواطن من أبناء المنصورة قال: "أنزل عدن أشتري السمك من هنا، فالأسعار في المنصورة نار، ووجدت هنا أيضاً الأسعار مرتفعة".

وأضاف: "حضرت أكثر من مرة خلال عملية الحراج وحقيقة أسعار الحراج مش غالية. المشكلة بالباعة الصغار الذين يشترون الأسماك من التجار وممن ترسو عليهم عملية البيع في الحراج وهم من يضاعفون أسعار البيع للمواطنين، وهكذا كل واحد يشتري من الثاني، ومنهم مَن يضيف مبلغ فائدة، وتصل الأسماك إلى المواطنين بأسعار مرتفعة، فمعقول كيلو التمد يصل إلى عشرة آلاف؟. هذا جنون".

ماذا قال الصيادون وباعة السمك؟
بائع سمك تحدث لـ "الأيام"، وفضل عدم ذكر اسمه قائلا: "لم يتغير شيء بعد قرار المحافظ، فقد كان الكيلو التمد بسبعة لآلاف، وحالياً الأسعار كما هي لم يتغير شيء وقد نجد بعض الباعة يبيعون بنقص خمسمائة ريال، وفي المقابل أيضاً هناك من يبالغ في بيع السمك ورفع أسعاره وفقاً لمزاجه، فما تشتريه الصباح بسبعة أو خمسة آلاف، ممكن تشتريه في الليل بثلاثة آلاف ريال".

ما قبل القرار يشبه ما بعده
نائل محمد شاب في العقد الثالث قال: "أنا مجرد شاقي، أقول إن أسعار السمك مرتفعة وما زالت كما هي ولم تتغير بعد قرار المحافظ، فسعر الحوت الصغير بعشرة آلاف ويصل السعر للمواطن 14 ألفاً، ولو باع بالكيلو أكيد السعر يزيد".
عبدالله، يبيع أسماكاً صغيرة الحجم (الجحش والعربي) قال: "يخرج علينا الحوت بمبلغ 1600 ولا يزيد عن 2000 هذا بالنسبة للحيتان الصغيرة، لكن الحوت الكبير يكلفنا 7000".

وأضاف: "قرار المحافظ في صالح المواطن، لأن أغلب المواطنين بدون رواتب".
في حراج صيرة تجمع مجموعة الشباب، وتحدثوا للصحيفة بصوت واحد قائلين: قرار المحافظ ذبحنا ذبحاً. نحن نشتري المحروقات بأسعار غالية، ومعدات الصيد غالية علينا والشباك وكل شيء غالي؟

ويقول الصياد هادي عمر: "هناك أنواع من الأسماك لا تستهلك محلياً ولا تباع في عدن، والقرار مجحف بحق الصيادين وأغلبهم توقفوا عن العمل، فأسعار المحروقات غالية وكل شيء يخص عملية الصيد أسعاره مرتفعة ".
صياد آخر قال: "عدن يكفيها عشرة حيتان ثمد، فأين نذهب ببقية الأسماك؟ هل نرميها في القمامة؟".

قرار غير مدروس
يطالب عدد من الصيادين وباعة الأسماك بضرورة تنظيم عمل أسواق بيع السمك، وإيجاد ثلاجات خاصة بالدولة كما كان ذلك معمولاً به من سابق، حيث تقوم الدولة بشراء السمك من الصيادين ويباع على المواطن بسعر مناسب بعد ما يتم تخفيض أسعار احتياجات الصيادين من مستلزمات الصيد والمحروقات ويري صيادون التقتهم "الأيام" أن العمل في الصيد مهنة فيها التعب الكثير، ويضطرون للغياب لأيام في غب البحر بحثاً عن السمك، مؤكدين أن قرار منع إخراج السمك غير مدروس، يطالبون المحافظ بدراسة القرار حتى لا يتحملون ظلم آخرين هم أيضاً محسوبين مواطنين.

جحيم
ليست أسعار السمك وحدها مرتفعة فكل شيء تحول إلى جحيم في عدن، وما تجده اليوم بسعر في السوق تجده في اليوم الثاني بسعر آخر في بلد كل يوم تزداد فيه انهيار العملة وغياب الرقابة وسعر البيض وصل 100 ريال.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى