أوصلوا هذا للرئيس !

> * اليوم، وبعد صلاة الفجر، وقد جرت بي العادة أن تقودني قدماي نحو شاطئ منطقتنا للسير، هناك ألتقي بأفرادٍ من مختلف أحياء منطقتنا، وبين هؤلاء كهل من عساكرنا الجنوبيين الموقوفين بعد حرب ٩٤م، وبالمناسبة هو من مديرية مجاورة لمديرية الرئيس، واعتدتُ وهو السير معاً غالباً، خصوصاً بعد معرفته أنني أكتب للصحافة ولي شهيدٌ أيضا، وذلك حتى يسألني متى رواتب العسكريين والشهداء، فهو أيضا لديه شهيد، وأبناؤه الأربعة يعيشون مع أسرتهِ.

* في هذا اليوم زلزلني الرّجل وهزّ كياني، إذ ما أن التقاني حتى فاجأني: مُتنا جوع متى الرواتب؟ وأردفَ: والله لي أيّام أخرج مع الفجر ولا أضع للبيت حتى حق قُرص روتي، والدّقيق ما فيش، وأنا خَجلتُ أستدين من الأفران والناس! كان وجههُ كسيراً ممزّقاً، وأنا مشدوهاً أنّهُ حدثني هكذا، كما لم يكن معي لحظتئذٍ حتى قرشاً واحداً أهبهُ إيّاه، فأنا مثله مجرّد موظف متقاعد، ولي أيضا راتب شهيد وحسب، ولذلك استحال هدير وصوت الموج المحدود كهدير طوفانٍ هائج بصخبُ في رأسي، ولا أدري كيف عدتُ إلى المنزل.

* ربّاه، إلى أين وصل الحال بالناس؟! وهذا رجلٌ، وهناك مثلهُ نسوة أرامل شهداء وأعرفهن شخصياً، وهنّ مثله يسألنني دائماً: متى رواتب الشهداء؟ فبالله ماذا يُمكن أن تفعلهُ هؤلاء النسوة؟ وكيف يُمكنهنّ أن يطعمن أطفالهن؟!

* لا أدري كيف تُفكّرُ هذه السلطة، وبأي عقليةٍ تُديرُ البلاد، وهؤلاءِ الشهداء قاتلوا وقُتِلوا حتى يبقى هؤلاء حُكّاماً على أسرهم ويجعلونهم يتَضوّرون جوعاً اليوم، وهم لَقطوا أطراف أثوابهم بأسنانهم وولّوا إدبارهم هاربين كالجرذان المذعورة عندما اجتاح الحوثيُ عدن!

* فعلاً، هذه السلطة تُديرُ البلاد بالفساد واللامبالاة، وهم يتقاسمون كل ثروات البلاد، حتى الموانئ الجنوبية وزّعوا جزءاً منها لبيت فلان، وجزءاً آخر لبيت فلان، وهذا فيدٍ من أرض الجنوب، ومن مطارات جنوبنا منحوها هبةً لابن بيت فلان! وثروات النّفط يستقطعون نُسباً كبيرة منها بالمحاصصة إلى جيوب كبارهم، والباقي يُبعثرونه هباءً ورواتب لهم بالدولار أيضا!

* يا إلهي! كيفَ يُغمض أفراد هذه السلطة عيونهم وينامون بهدوء، وهناكَ من شعبنا الجنوبي مَن لم يستلم راتبه الشّرعي لأشهرٍ، ولا يجدُ حتى ثمن قرص الروتي ليطعم أطفاله، ومع ذلك يطالبونه بأن يبقى في هذه الوحدة! فهل هؤلاء مخبولون أو مساطيل؟! وحتى مصفاة عدن، وهذه كانت تُكرّر نفطنا المحلي، وبذلك تحافظُ على بقاء العملة الصّعبة ويستقر الريال، واليوم بتدميرها من الحاشية المقربة للرئيس، فالتجار اليوم يسحبون الدولار من البنك المركزي ليستوردوا به البترول والديزل والمازوت وخلافه من الخارج! ولذلك ينعدم الدولار ويرتفع سعرهُ، وفي المقابل ينهار الريال ويتفاقم الغلاء، تصوّروا!

* أنا أكتبُ هذا هنا، وأتمنى من أي شخص أن يقرأه، ولهُ صِلة بالرئيس أو بأي فردٍ ممن حوله أو من حاشيته، أمانة في رقبته أن يُوصله لهم، وحتى يوصلونه لفخامته ليقرأهُ ويعرف كيف يعيش شعبنا الجنوبي، هذا إذا كان فعلاً لا يدري، ولا أعتقد أنه لا يدري، أليس كذلك ؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى